لماذا لا نرى ليستر سيتي جديدا؟

تقرير- محمد عصام

في إحدى فنادق لندن، وتحديداً في قاعة المؤتمرات، كان يقف أحد إداريي واحد من أندية الستة الكبار في إنجلترا ليطرح على الحضور موضوعاً بعنوان “لماذا لا يجب السماح بتكرار تجربة ليستر سيتي الاستثنائية مجدداً؟”.كان ذلك في ربيع عام 2016، قبل أسابيع قليلة من حصد ليستر سيتي لقب البريميرليج “الإعجازي”.

لم يكن الرجل عدواً للرومانسية الكروية، بل شدد على إعجابه بما قدمه ليستر سيتي بالمقارنة بموارد النادي، وتمنى أن يجلب هذا الحدث المزيد من الاهتمام العالمي للدوري الإنجليزي.

لكن جاءت وجهة نظره بأن تكرار تلك التجربة الحالمة لن يصب في صالح مفاهيم تنافسية وقوة البريميرليج، وطبيعته المتقلبة غير المتوقعة، بل على العكس ستكون حجة على الضعف، وإشارة إلى تساقط القوى العظمى في الدوري برغم ثرائهم الضخم، مما يصدر صورة مضرة للدوري في المحافل الأوروبية.

فان داك مدافع ليفربول الأغلى في العالم

م جاء بعد ذلك كان عملاً حثيثاً في هذا الاتجاه، حيث أنفقت أندية الستة الكبار مئات الملايين من الدولارات على اللاعبين، وكسر كل نادٍ منهم رقمه القياسي في الصفقات مرة على الأقل، وتضم قوائمهم الآن أغلى مدافع، أغلى حارس في العالم، وأغلى لاعب تعاقد معه نادٍ إنجليزي على الإطلاق.

أما على صعيد الكادر التدريبي، فقد قام خمسة منهم بتغيير مدربيهم –بعضهم أكثر من مرة- والتعاقد مع بعض من نخبة المدربين في العالم، أصحاب تجارب واسعة في إسبانيا، إيطاليا، ألمانيا، وفرنسا بجانب خبرة في المنافسات الأوروبية. كان الاستثناء الوحيد من هذا هو نادي توتنهام، الذي قام في المقابل بتشييد استاد يوصف بالأكثر تطوراً في الرياضة، وبتكلفة وصلت لمليار باوند.

يمكن عرض نتائج هذا الحراك الجماعي على هيئة فقرة حقائق مسلية، فعلى مستوى الموسم الحالي، تستطيع مشاهدة الأرقام التي تحطمت في خضام المنافسة بين الثنائي ليفربول ومانشستر سيتي، فقد تخطى ليفربول حاجز الخمس وسبعين نقطة في نهاية شهر مارس، والتي كانت كافية ليربح اليونايتد دوري عام 1996، وفي أول أسبوع من إبريل تخطى الثنائي عدد النقاط التي حقق بها اليونايتد الدوري في ثلاثية 1999 الشهيرة.

وبانتصار مانشستر سيتي ضد كريستال بالاس في 14 إبريل، تفوق على نقاط ليستر سيتي التي ضمنت له دوري 2016، مع شهر كامل متبقي على نهاية المنافسة.

نجاح هذا الثنائي في الاختبار ضد بيرنلي وهادرسفيلد يعني تخطي عدد نقاط أرسنال 2004، الفريق الذي خاض موسماً كاملاً بلا هزيمة، والأرجح أن ينهي أحد الفريقين في المركز الثاني بنقاط أكبر من تشيلسي مورينيو في موسمه الاستثنائي الأول، حين حقق 95 نقطة، والإنجاز الوحيد الذي سيصمد -وبفارق ضئيل- هو إنجاز ال100 نقطة الذي حققه المان سيتي الموسم السابق.

وجمع مانشستر سيتي وليفربول 17,9% من مجموع نقاط الدوري هذا الموسم، وهي سيطرة لم تشهدها البلاد منذ آواخر القرن التاسع عشر.

يتخطى الأمر أرقام الانتصارات والنقاط، بل يمتد إلى تفاصيل المباريات، فقد رصدت شبكة “أوبتا” للإحصائيات أنه بين العام 2004 حتى 2014، فهناك 26 مباراة وصل فيها الاستحواذ إلى 70% لأحد الطرفين، بينما هناك 26 مباراة في عام 2017-2018 فقط، ونفس الرقم هذا العام رغم بقاء جولتين على النهاية.

كل ما سبق يعطي انطباعاً بتمرد قادم من هؤلاء المحكوم عليهم التنافس على مقاعد خلفية بعيداً عن أندية القمة، مع اتساع الفجوة التي تلتهم متعة المنافسة، لكن في الحقيقة هناك حالة رضا تتكون بالوضع الحالي، وتتضح في تصريح مدرب كريستال بالاس روي هودجسون “لا يمكن إنكار الفارق الحالي عن أندية القمة، لكن لا أظن إنها مشكلة حقيقية، بل أراها سنة الحياة فحسب”.

الأمر ذاته لم ينتج ردة فعل في أعداد الجماهير، فما تزال الجماهير تحضر بكثافة، بل هناك منافسة مختلفة ستبدأ بعد التوزيع الجديد في عوائد البث التلفزيوني بدءاً من الموسم القادم، حيث ستحصل الأندية على دخل مقترن بمركزها في الدوري بدلاً من التوزيع المتساوي، لذلك سيصبح الحافز للإنهاء في المركز العاشر أكبر من السادس عشر على سبيل المثال.

تحقق للإداري في فندق لندن ما أراد، فقد خلق صفوة من الأندية الإنجليزية احتلت المقصورة الرئيسية للبطولة المحلية، وتغيرت بالتبعية الخارطة أوروبياً بتواجد أربعة في ربع نهائي دوري الأبطال، وثنائي في نصف نهائي دوري الأبطال واليوروباليج، وقد ندرك بعد فوات الآوان أن هذه الإنجازات الاستثنائية ستصبح واقع البريميرليج، سواء رضيت الجماهير بذلك أو رفضته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى