بين صلاح وأوزيل

 

أ.د. حسني نصر

احتفل مسعود اوزيل نجم فريق الأرسنال الإنجليزي، وهو الألماني من أصل تركي أثناء عيد الفطر المبارك بعقد قرانه علي ملكة جمال تركيا السابقة أمينة غولشي، فذهب إلى حفل الزفاف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكان شاهدا مع زوجته علي عقد القران. ورقص معه في الحفل الممثل الشهير  انجين التان دوزيان بطل مسلسل قيامة ارطغرل.

على الجانب الأخر من البحر المتوسط، اختار نجم ليفربول الإنجليزي محمد صلاح الفائز بدوري أبطال أوروبا، قضاء عيد الفطر بين أهله في إحدى قرى محافظة الغربية شمال مصر، فحاصر منزله المئات من العامة والصحفيين ومنعوه من الخروج لأداء صلاة العيد، وهو ما دفعه إلى التغريد معبرا عن ضيقه، قائلا إن ما حدث معه ليس تعبيرا عن الحب، وإنما عدم احترام للخصوصية وعدم احترافية.

قبل انطلاق نهائيات كاس العالم في روسيا العام الماضي، أثارت صورة تجمع مسعود اوزيل ونجم مانشستر سيتي الألماني أيضا من أصل تركي إيلكاي غوندوغان بالرئيس أردوغان في العاصمة البريطانية لندن، موجة انتقادات في ألمانيا شاركت فيها المستشارة انجيلا ميركل، ومع ذلك فقد شارك اللاعبان في كاس العالم ثم أعلن اوزيل بعدها اعتزاله اللعب الدولي مع المنتخب الألماني واصفا ما حدث معه في ألمانيا “بالعنصرية والازدراء”، ومطلقا عبارته الشهيرة “”أنا ألماني عندما أفوز، لكني مهاجر عند الهزيمة”! ومع ذلك لم يصفه أحد في ألمانيا بالإرهابي أو عدو الدولة الألمانية!

بعد تتويج ليفربول بدوري أبطال أوروبا الأسبوع الماضي، أجرى مراسل قناة بين سبورت مقابلة علي الهواء مع محمد صلاح من داخل الملعب، وفي نهاية اللقاء سأل صلاح المراسل عن مكان تواجد اللاعب المصري السابق ومحلل القناة الرياضية في الملعب النجم محمد أبو تريكة، فأشار المراسل له علي المكان. بعدها انتشرت صورة تجمع بين صلاح وأبو تريكة التقطت لهما بعد المباراة، فخرج الناعقون من الإعلاميين والمواطنين “الشرفاء” المشكوك في صحة قواهم العقلية، عبر وسائل الإعلام المصرية وعلي شبكات التواصل يطالبون بمحاكمة محمد صلاح لأنه بحث عن “الإرهابي” و”عدو الدولة” أبو تريكة والتقط الصور معه.

عندما تنظر في الأحداث الأربعة وتقارن بينها تعلم لماذا نتأخر، بينما يتقدم غيرنا، وتتأكد أن إنسانيتنا أصبحت محل تساؤل وشك. ورغم أن الموضوع برمته رياضي خالص فإن دلالاته السياسية والثقافية لا تخفي علي أحد. فهؤلاء المرجفون الذين يمنحون صكوك الوطنية ويصدرون الأحكام على وطنية الآخرين يعرفون في قرارة أنفسهم أنهم كاذبون، ويبررون ذلك بأنهم ينفذون أجندة نظام لا يرحب بالمتفوقين وأصحاب الشعبية حتى وإن كانوا لاعبي كرة.

يستحق محمد صلاح معاملة أفضل في مصر سواء من جانب الجماهير التي تحبه أو من جانب الدولة المصرية التي حقق لها صلاح من خلال شهرته وتفوقه من الدعاية الإيجابية المجانية في أوروبا، ما لم تحققه سنوات طويلة من الزيارات الرسمية والدبلوماسية التقليدية التي يُنفق عليها المليارات،  وهو تقريبا نفس ما فعله أمير القلوب محمد أبو تريكة في إفريقيا ومع ذلك تصادرون أمواله وتتهمونه بالإرهاب.. لو كنتم تعقلون!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى