تناغمت الأصالة والحداثة فولد أجمل ملاعب مونديال 2022

توووفه – وليـد العبـري

قبل أربع سنوات وفي يونيو من عام 2014 تحديدا تم الكشف عن واحد من أجمل ملاعب بطولة كأس العالم “قطر 2022”. حمل هذا الصرح الفريد اسم “البيت” ويتم العمل حاليا على المراحل الإنشائية الأخيرة له  وستستوعب مقاعد الاستاد  60 ألف متفرج ليكون ثاني أكبر ملاعب المونديال الخليجي وسيقدم للعالم نهاية هذا العـام، وما يميز هذا الصرح الذي يقع في منطقة الخور التي تبعد عن مدينة الدوحـة شمالا قرابة 60 كيلو متر هو جمعه للماضي والحاضر في قالب عصري فريد.

التصميم

تم في 20 يونيو من عام 2014 الكشف عن تصميم الملعب من خلال فعالية ضمت العديد من الشخصيات القطرية في تجمع جاء أيضا لمناقشة الرؤية المستقبلية لمدينة الخور والمناطق المحيطة بها.

وقد بدأت بالفعل التحضيرات الأوليّة لبناء الإستاد المرشح لاستضافة عددٍ من مباريات كأس العالم 2022،. استوحت مؤسسة أسباير المنفذة للمشروع فكرته من البيئة القطرية فجاء التصميم ليحاكي بيت الشعر، الخيمة التي سكنها أهل البادية في قطر ومنطقة الخليج على مر التاريخ، ولأنه مرتبط بشكل وثيق بالثقافة القطرية، فلابد له أن يتصف بكرم الضيافة الذي يشتهر به أهل قطر، حيث سيستضيف إستاد البيت – مدينة الخور الضيوف من شتى أنحاء العالم بكل حفاوة، مقدماً لهم الفرصة ليعيشوا تجربة مفعمة بعبق التقاليد القطرية الأصيلة.

يحتفي تصميم الإستاد بجزءٍ هام من ماضي قطر ويحاكي حاضرها، واضعاً في الحسبان المتطلبات المجتمعية المستقبلية، حيث سيُحاط بمرافق مختلفة تلبي هذه المتطلبات، وسيكون إنشاؤه نموذجاً للتنمية الصديقة للبيئة، حيث سيسعى القائمون على مشروعه لتحقيق أهداف الاستدامة التي ترسخها اللجنة العليا للمشاريع والإرث.

بالإضافة إلى كونه صرحاً عالمي المستوى يليق باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر ٢٠٢٢، سيصبح هذا الإستاد نموذجاً يحتذى في عالم إنشاء الإستادات في المستقبل.

 


استدامـة

الفكرة الرئيسية لهذا الإستاد المميز التي جاءت بها مؤسسة أسباير زون ترتكز على الاستدامة واستهلاك الطاقة المنخفض، وهي مستوحاة من الخيم التي استخدمها أهل البادية لقرون طويلة لحماية أنفسهم من حرارة الصحراء. وسيقلل تصميم إستاد البيت – مدينة الخور من كمية الطاقة المطلوبة لمنح المشجعين واللاعبين الجو البارد المريح داخل الإستاد، حيث ستلقي المظلة الخفيفة المستوحاة من هيكل الخيمة بظلالها على أرضية الملعب من جميع الجوانب، مستكملةً بذلك عمل تقنيات تبريد الهواء المتوفرة في المكان.

لا تتوقف سياسة اللجنة العليا الخاصة بالمباني الخضراء عند المنشآت فحسب، بل تتخطاها لتصل إلى مختلف مناطق مدينة الخور، حيث ستحظى هذه المدينة سريعة النمو بالعديد من المتنزهات والمساحات الخضراء، كما ستشكل محمية خضراء حزاماً ممتداً من الإستاد حتى البحر.

سيصل المشجعون إلى الإستاد عبر ممرات مشاة تصطف على جانبيها الأشجار، في حين سيتم بناء مرافق واسعة لسيارات الأجرة والحافلات بهدف الحد من عدد المركبات على الطرق الداخلية. أما الطرق الخارجية فستكون الرحلة من خلالها أسلس وأسرع وأقل تأثيراً على البيئة، بفضل الخيارات الأخرى التي ستتيح للمشجعين التنقل دون استخدام مركباتهم.

تطغى الاستدامة على المنطقة المحيطة بإستاد البيت، حيث تشكل المتنزهات والمساحات الخضراء جزءاً هاماً من خطة تصميم المناطق المحيطة بالإستاد، لتكون بذلك الرئة التي تتنفس بها مدينة الخور، وتمنح العائلات فيها مساحة لا مثيل لها لقضاء أوقات ممتعة في الهواء الطلق.

يشترك في هذا الالتزام بالحفاظ على البيئة جميع الشركات العاملة مع اللجنة العليا للمشاريع والإرث لتصميم وبناء هذه المنشأة. بدأ المشروع مع شركة دار الهندسة التي تولت مهمة استشاري التصميم، بينما تولت شركة بروجاكس أعمال إدارة المشروع أثناء المرحلة الأولية. وتعمل شركة جلفار المسند القطرية حالياً على إنشاء الإستاد والمنطقة المحيطة به ضمن تحالف مع مجموعة ساليني إمبريجيلو وشركة سيمولاي، وتتولى شركة “كيه إي أو” للاستشارات الدولية مهمة الإشراف العام على العمل في موقع المشروع.

 


الإرث

سيستفيد من هذا الإرث في المستقبل عشاق كرة القدم خارج قطر، حيث ستُنبى إستادات جديدة بالانتفاع من ما يقارب نصف مقاعد إستاد البيت، فطريقة إنشائه المركّبة تعطي القدرة على فك جزء من المقاعد ومنحها لمشاريع تطوير كرة القدم حول العالم. سيكون الإسهام في نشر ثقافة كرة القدم وحبها بين الناس، والتشجيع على اتباع أساليب حياة صحية مدعاة للفخر بالنسبة للجنة العليا للمشاريع والإرث، ومؤسسة أسباير زون، وهي إحدى شركاء اللجنة العليا التي تعمل على تنفيذ مشروع هذا الإستاد المتميز.

سوف يستفيد أبناء المجتمع في مدينة الخور من الإستاد ذي الطاقة الاستيعابية المخفضة بعد انتهاء بطولة كأس العالم لكرة القدم ٢٠٢٢. ستكون السعة الجديدة البالغة ٣٢,٠٠٠ مقعد مناسبة لاستضافة أحداث مختلفة بعد البطولة، كما ستخلق مساحة لإنشاء مرافق عديدة ستجذب الزوار إلى هذه المدينة الساحلية.

ستنتهي البطولة بفريق فائز وفرق أخرى لم يحالفها الحظ، وستبقى ذكرياتها عالقة في الأذهان لأعوام طويلة بعدها، وسينتقل هذا المكان أيضاً إلى مرحلة جديدة، حيث سيتحول الجزء العلوي من الإستاد إلى فندق من فئة الخمس نجوم، وسيتم افتتاح مركز تسوق في المكان، كما سيحتضن فرعاً لمستشفى سبيتار (EN)، وهو أحد مرافق الطب الرياضي الرائدة، المعروف باستقباله الرياضيين من شتى أرجاء العالم.

خارج مبنى الإستاد، سيظهر أثر الإرث في مسارات الركض، وركوب الدراجات الهوائية، وركوب الخيل، بالإضافة إلى متنزهات ومناطق للألعاب تمنح العائلات المتعة والاستجمام في الهواء الطلق، وتستمر في تحفيز أبناء المدينة على اتباع أساليب الحياة الصحية.

لن يقتصر الإرث على المرافق والمباني فحسب، بل ستجد الأجيال القادمة في إستاد البيت  مثالاً حياّ على قدرة منشأة رياضية واحدة على تغيير حياة عدد لا يعد ولا يحصى من البشر نحو الأفضل.

 

الافتتاح

من المتوقع أن يتم افتتاح الملعب بشكل رسمي نهاية العام الحالي، فبعد آخر تقرير من اللجنة العليا للمشاريع والإرث تم تصميم الهيكل الفولاذي للإستاد من قبل شركة ألمانية متخصصة في هذا المجال، ويتم تصنيعه في إيطاليا ويتم إرساله إلى قطر على دفعات مختلفة من خلال البحر للبدء في تركيبه.

وجرى تصنيع الواجهات الخاصة بالإستاد في ألمانيا والتي سوف يتم إرسالها إلى قطر بعد تصميمها وطلائها بالألوان الخاصة ببيت الشعر. ويعتبر القماش المحيط بالواجهات فريدا من نوعه، حيث تم تصميمه خصيصًا للإستاد. وسوف يتم نقل الواجهات على دفعات بعد الانتهاء منها إلى تركيا، حيث سوف يتم تقطيعها ونسجها بالشكل المطلوب قبل إرسالها إلى قطر لبدء التركيب.

وتم استخدام مادة البوليتتز افلوريتيلين البلاستيكية لتصنيع الواجهات والتي تم استخدامها في الكثير من الملاعب المشهورة حول العالم مثل اليانز أرينا في ميونخ وإستاد ماراكانا الشهير في ريو دي جانيرو في البرازيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى