استاد الوكرة لؤلؤة مونديال 2022

توووفه – مسقط

مدينة الوكرة واحدة من أقدم وأعرق المدن القطرية عبر التاريخ وعراقة هذه المدينة ضاربة في عمق التراث القطري حيث كانت الموطن الأول لصيد الأسماك والؤلؤ في منتصف القرن الماضي، تتميز هذه المدينة بموقعها الإستراتيجي حيث تتمركز في الساحل الشرقي الجنوبي لقطر،ولهذا كان لا بد أن يكون لها نصيب من المونديال القادم في 2022 من خلال إستاد يحمل اسم المدينة، وكان من أوائل الملاعب التي تم الكشف عنها قبل خمسـة أعوام، وأصبح على مشارف التدشين الرسمي وهو يعتبر واحدا من أكثر ملاعب المونديال أناقـة في التصميم وستبلغ طاقته الاستيعابية في المونديال 40 ألف متفرج.

تصميم

في منتصف نوفمبر من عام 2013 تم الكشف عن الإستاد من خلال حفل أقامته اللجنة العليا المنظمة لمونديال 2022 بتصميم فاجأ الجميع من خلال أناقته وهو من إبداع الراحلة العراقية زها حديد، وسيخطف شكل إستاد الوكرة المميز الأنظار من الوهلة الأولى، وسيبقى عالقاً في أذهان المشجعين طويلًا.

استوحيت خطوطه الرشيقة ومنحنياته السلسة من أشرعة المراكب التقليدية وهي تنسج مياه الخليج مع بعضها حين كانت تجوب البحار مسطرةً أروع قصص النجاح والترابط بين أهل قطر، وسيظهر الإستاد بملامح تعود  إلى ماضي التجارة البحرية التي عُرفت بها الوكرة بأسلوب عصري منفتح على المستقبل، مشكلاً جسراً يربط الماضي بالحاضر، ورمزاً بصرياً قوياً لحرص قطر على التواصل مع العالم.

أما المشهد من داخل الإستاد في غاية الروعة، حيث يرتفع السقف عالياً بمعاونة العوارض الخشبية التي تنحني تحته، يحاكي بذلك هيكل السفينة، ويسمح للضوء بالمرور داخل الإستاد بكل سلاسة، والإضاءة الطبيعية التي ستغمر المكان لا تعني أن تزيد درجة الحرارة، فإلى جانب نظام التكييف المبتكر، سيلعب التصميم البارع دوراً في ضمان راحة المشجعين، واللاعبين، والمسؤولين.

ويسهم التحليل المفصل للمناخ المحلي الذي أجري على شكل الاستاد، مع الديناميكية الهوائية والتظليل الأمثل من السقف (والذي يشتمل على كمية ضئيلة من الزجاج) إسهاماً كبيراً في السيطرة على درجة الحرارة.

استدامـة

هذا الجانب سعت اللجنة العليا للمشاريع والإرث على تحقيق معاييره بشكل متقدم في معظم منشآت مونديال 2022، والتصميم الملفت للأنظار هو أحد ميزات هذا الإستاد، الذي يقترن بالاستدامة التي تشكل علامة بارزة في كل جزء من أجزاء هذا الإستاد والمنطقة المحيطة به، ليظهر المكان بأبهى حلة أمام ضيوفه من عشاق كرة القدم. على سبيل المثال، ستصنع العوارض الخشبية التي تحمل سقف الإستاد من خشب مستدام، وتحاكي في شكلها هيكل سفينة، ويحمل شكل الإستاد في خطوطه وتعرجاته طريقة صديقة للبيئة للتحكم بدرجات الحرارة وذلك من خلال التصميم ذي الديناميكية الهوائية، كما سيوفر السقف الظل الوفير ليخفف العبء عن أنظمة التبريد المتطورة المتوفرة في الإستاد.

والتصميم إجمالا مستوحى من أشرعة المراكب القديمة والبيئة البحرية بشكلها الطبيعي المعروف بالقوة والعزيمة، لذا من البديهي أن يكون متأثراً بهذه الطبيعة وأن يستفيد من قوتها ليعمل بكامل الكفاءة والفاعلية في المستقبل. ستُستخدم مواد بناء وممارسات صديقة للبيئة لإنشاء إستاد الوكرة، إلى جانب ذلك، سيتم إنشاء محطة لتوليد الطاقة النظيفة في الموقع، ولم تنس اللجنة العليا للمشاريع والإرث وشركاؤها الأثر البيئي الناجم عن تنقل المشجعين إلى الوكرة لحضور مباريات بطولة كأس العالم لكرة القدم ٢٠٢٢، لذلك وضعت الخطط اللازمة لمواجهة ذلك، فقد بدأت أعمال تحديث الطرق لتقليص زمن الوصول إلى المدينة وتخفيض حجم الانبعاثات، كما يتم زيادة الطاقة الاستيعابية للحافلات، ومن المرجو أن تجذب محطة مترو الدوحة الجديدة المشجعين نظراً لقربها من الإستاد، مما سيحفزهم على استخدام المترو بدلاً من المركبات.

التقـدم

يتواصل سير العمل في إستاد الوكرة وشهد في نهاية العام الماضي تركيب عمودين ضخمين في الموقع، وتعتبر هذه الأعمدة، التي يبلغ وزنها 540 طناً، أساس سقف الإستاد والذي يتشكل من جزأين أولهما السقف الضخم المكون من قطعة واحدة تغطي كافة مدرجات الإستاد، وثانيهما الجزء القابل للطي الذي يمكن فتحه وإغلاقه لتغطية المساحة المكشوفة من السقف عند الحاجة لتحويل الإستاد إلى إستاد مغطى بالكامل، وقد صنعت الأجزاء الفولاذية من هذه الأعمدة في الصين، ثم شُحنت لاحقاً إلى إيطاليا ليتم صقل هيكلها، لتنقل من هناك إلى ميناء حمد الدولي، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من كافة الأعمال الإنشائية في الإستاد بنهاية العام الحالـي.

الإرث

ستكون الطاقة الاستيعابية لإستاد الوكرة ٤٠,٠٠٠ مقعد ليستطيع احتضان المشجعين خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم قطر ٢٠٢٢، أما بعد أن يرفع الفريق الفائز الكأس معلناً بدء احتفالات اختتام البطولة، سيتم فك ٢٠,٠٠٠ مقعد –بفضل تصميمها بطريقة مركّبة– ونقلها إلى دول تحتاج إلى بنية أساسية لكرة القدم، مما سيسهم في جعل أثر كرة القدم الإيجابي أوسع انتشاراً في العالم، وسيعزز من التنمية الاجتماعية في كل الأرجاء، وسيكون الإستاد بطاقته الاستيعابية الجديدة مناسباً لخوض نادي قطر المباريات المحلية في مختلف المسابقات، ولدى اللجنة العليا للمشاريع والإرث القطرية خططاً عديدة بالنسبة للوكرة، أولاها بناد إستاد كرة القدم، ثم إضافة منشآت رياضية كثيرة في المنطقة المحيطة به، والتي تشمل ملاعب كرة السلة، وملاعب كرة التنس، وقاعة مغلقة متعددة الاستخدامات، بالإضافة إلى ملاعب لكرة الريشة، وصالة للياقة البدنية، وتكتمل هذه المنظومة الرياضية بوجود مساحات لمحبي المشي في الهواء الطلق، مما سيكون عاملاً مشجعاً على ممارسة الرياضة بانتظام، بينما سيتم إنشاء مدرسة ومركز للتدريب، التي ستؤدي دوراً كبيراً في نشئة الأجيال علمياً وعمليا، وتعمل اللجنة أيضا على بناء مرافق مجتمعية في المكان، ليتحول إلى ملتقى لأبناء الوكرة، وتضم مسجداً، وقاعة للأفراح، وسوقاً، في حين سيستفيد قطاع الأعمال والسياحة من التحسينات على السوق، والميناء، والكورنيش.

ستكون الوكرة على موعد مع واحدة من أكثر الأفكار نجاعة عندما يُبنى فيها مركزاً للطاقة المتجددة الذي سيساعد على حماية البيئة المحيطة في المدينة، إلى جانب المترو الذي سيسهم في الحد من زحمة السير، وانبعاثات المركبات.

كما سيقدم إستاد الوكرة إضافة أخرى إلى إسهاماته القيمة في تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030  والتي تتمثل في الاعتماد على التقنية الخضراء. وسيعزز المشروع فرص السياحة والأعمال، وسيقدم شكلاً آخر من المنشآت الرياضية والمرافق المجتمعية، وسيحفز التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والبشرية، والبيئية، وهي ركائز رؤية قطر الوطنية لبناء مستقبل أفضل للبلاد وأهلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى