ملفات سرية للمخابرات الروسية تؤكد أن ستالين أمر باعتقال نجوم كرة هزموا فريقه المحبب

(د ب أ)-توووفه

إنها نظرة مروعة على جريمة وحشية ضد كرة القدم في الاتحاد السوفيتي وتباين حاد لبطولة كأس العالم لكرة القدم التي تقام حاليا في روسيا.

أفرجت المخابرات الروسية FSB عن جزء من ملفات سرية بشأن قضية “ستاروستين” التي تعود للحقبة الستالينية وذلك في خطوة نادرة من قبل جهاز المخابرات وبعد 75 عاما من القضية.

تنشر صحيفة كوميرسانت الروسية نظرة على هذه الملفات التي أفرج عنها.

تبين القضية أنه: عندما يتناقش الناس اليوم بشأن ما إذا كانت الرياضة سياسة فإن كرة القدم كانت آنذاك للكثيرين مخاطرة هائلة ربما انتهت بلا رحمة بقضايا وهمية وتعذيب بل وإعدامات.

هناك الآن أربعة تماثيل برونزية لا يمكن للعين تجاهلها عند حافة استاد سبارتاك الذي تقام به مباريات ضمن بطولة كأس العالم لكرة القدم. هذه التماثيل لألكسندر و أندريه و نيكولا و بيوتر ستاروستين، وجميعهم أشقاء ولاعبو كرة قدم عباقرة ، أمر رئيس المخابرات الروسي لافرينتي بيريا باعتقالهم عام 1942 باتهامات ملفقة “وكانت أكثر الاتهامات سخافة أنه كانت هناك خطة لتنفيذ اعتداء على (الديكتاتور السوفيتي جوزيف) ستالين أثناء مشاركته في العرض في أمايو 1973 حسبما يروي المؤرخ السوفيتي سيرجي بوندارينكو.

يعمل هذا المؤرخ لصالح منظمة ميموريال الروسية التي لها فضل كبير في معالجة أحداث الحقبة الستالينية في روسيا. إلى هنا و قضية ستاروستين معروفة جيدا بهذا الشكل في روسيا.

غير أن الباحثين المستقلين يأملون من وراء الملفات التي أفرجت عنها المخابرات في الحصول على توضيحات أدق لملابسات القضية وخاصة معرفة كيف بدأت ملاحقة اللاعبين الأربعة.

لم يكن الأخوة اللاعبون آنذاك رياضيين عاديين، بل كانوا نجوما حيث شارك نيكولاي ستاروستين على سبيل المثال في تأسيس نادي سبارتاك موسكو، وكانت هناك حسابات يريد رئيس المخابرات بيريا تصفيتها مع ستاروستين على وجه الخصوص.

قبل ستة أعوام من إلقاء القبض على اللاعبين فاز سبارتاك عام 1936 في مباراة أمام نادي دينامو موسكو المفضل لدى بيريا وكانت المباراة على عشب صناعي في الميدان الأحمر وأمام أعين ستالين.

نُظر لهذا الفوز في الكرملين على أنها استفزاز للشرطة السرية “وأمر ستالين بعد ذلك بمعاقبة “أعداء الشعب” داخل الرياضة” وبذلك بدأت الملاحقة” حسبما يروي المؤرخ الرياضي يوري كوشيل.

بدأت صحف روسية نشر مقالات هجومية تنتقص من وطنية لاعبين و مسؤولين في الرياضة، كان من بينها مثلا مقالات اتهمتهم بتبديد الأموال وبالجشع.

جمع بيريا على مدى سنوات أدلة إدانة ضد عائلة ستاروستين وأمر بالقبض على 11 شخصا على الأقل من معارف هؤلاء الأخوة وتعذيبهم “وشهد هؤلاء في جميع الوثائق أن الأخوة ستاروستين شاركوا في التخطيط لهجوم على ستالين” حسبما شرح بوندارينكو في صحيفة كوميرسانت مضيفا: “قالوا: أعددنا هجوما في الميدان الأحمر، إما تفجير قنبلة أو إطلاق النار على ستالين من سطح متجر GUM” وفق المؤرخ.

تابع بوندارينكو: “حكم على أغلبية المعتقلين بعد استجوابهم بالقتل”.

وفي عام 1942 كان الاتحاد السوفيتي يخوض الحرب مع الامبراطورية الألمانية.

ولم يلاحظ أحد تقريبا أنه قد تم القبض على الرياضيين الأربعة الذين اتهموا أمام المحكمة بأنهم “أسسوا فرقة إرهابية من الرياضيين”.

ولكن “الاتهامات” كانت واهية حتى من أجل محاكمة وهمية.

لذلك غير بيريا الدعوى وبدأ يتهم الأخوة ستاروستين بالسطو على قطارات وسرقة منسوجات. ورغم أنه لم تكن هناك أدلة على ذلك أيضا إلا أن الأمر لم يكن يتعلق بالأدلة.

لذلك حكم عل كل من الأخوة الأربعة بالسجن عشر سنوات في المعسكرات.

وبعد ثلث المدة أفرج عن نيكولاي ستاروستين بمبادرة من نجل ستالين، فاسيلي.

واضطر أخوته الثلاثة لقضاء كامل المدة في السجن.

ولم يستطع الأربعة تنفس الصعداء إلا بعد وفاة ستالين و بيريا عام 1953.

بل حصل هؤلاء فيما بعد على وظائف تدريبية وتقلدوا مناصب قيادية في اتحاد الكرة السوفيتي.

عاش نيكولاي عمرا مديدا سمح له بمعاصرة ميخائيل جورباتشوف الذي أكرمه ومنحه نياشين كنوع من المصالحة. ولكن أخوته الثلاثة توفوا قبله.

أما نيكولاي نفسه فتوفي عام 1996 وهناك شارع باسمه الآن في موسكو.

وعندما كشف الستار قبل بضعة أيام في كومسومولسك-نا-أموري عن لوحة تذكارية لهذا الرياضي الأسطورة تحمل لاعب المنتخب القومي الروسي يوري جازينسكي نفقات هذه اللوحة التي بلغت 100 ألف روبية (نحو 1500 يورو) حيث قام ستاروستين بتدريب النادي الذي كان قريبا من مسقط رأس جازينسكي.

“راجعنا الآن إفادات 11 شخصا من الذين ألقي القبض عليهم، تلك الافادات التي كانت سرية في السابق” حسبما أوضح المؤرخ بوندارينكو في مقابلته مع صحيفة كوميرسانت مشيرا إلى أن المعتقلين أجابوا في أول ملفين للشهادة بشأن قضية الأخوة ستاروستين بشكل خاص على أسئلة عن الفساد الذي كان يعج به عهد ستالين.

ويأمل المؤرخ الروسي الآن أن تفرج المخابرات الروسية عام 2019 عن مزيد من الوثائق بشأن القضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى