مُتلوّن يكرهه اليابانيون ولاتيني يحب الهجوم ولا يعشقه..أجيري تحت المجهر

تحليل- أحمد مختار

أعلن الاتحاد المصري تعاقده مع المكسيكي خافيير أجيري، ليكون هو المدرب الجديد للفراعنة، خلفا للأرجنتيني هيكتور كوبر، بعد الفشل الكبير للفريق العربي في كأس العالم 2018. وبعد اتفاق جميع الأطراف على الاتفاق النهائي، فإن المدير الفني المكسيكي يعتبر مجهولا بالنسبة لعدد كبير من مشجعي الكرة في مصر، نتيجة عدم تدريبه لأي فريق محلي من قبل، مع ابتعاده التام عن القارة الأفريقية، لذلك قد يكون هذا التحليل مفيدا لمعرفة بعض المعلومات الخاصة بالرجل المنتظر.


من الصعب وصف أجيري بالمدرب الدفاعي مثل كوبر، لكنه أيضا ليس هجوميا على طول الخط، كجوارديولا وأقرانه على سبيل المثال، إنه مدرب “متلون” على الصعيد التكتيكي، من خلال لعبه بأكثر من أسلوب خططي، واعتماده على قدرات لاعبيه من أجل وضع الرسم المناسب، لذلك فهو يلعب بأكثر من خطة، سواء 4-3-3 أو 4-2-3-1 أو 4-1-4-1، وأحيانا 3-5-2 ومشتقاتها كما قاد منتخب بلاده في كأس العالم 2002.

وعرف العالم أجيري من خلال تجربته مع المكسيك بدايات الألفية، ثم رحلته الرائعة رفقة أوساسونا وأتليتكو مدريد في الليجا الإسبانية، من خلال اللعب بأسلوب جريء، قائم على الضغط القوي وامتلاك الكرة عند الحاجة، مع اشتهاره في إسبانيا بخطة لعب تجمع بين 4-2-3-1 و 4-4-2، من خلال تحول الرقم 10 إلى مهاجم آخر عند التحولات، أو الجمع بين ثنائي هجومي صريح بالمقدمة، كما لعب كثيرا رفقة الأتليتي.

لا يهاجم لدرجة الاندفاع، لكنه أيضا لا يدافع باستماتة مثل كوبر، مدرب وسطي بامتياز، مرن في تصرفاته وكرته وأسلوبه، وحتى مؤتمراته الصحفية وأحاديثه الإعلامية، وربما هذه الأسباب كانت الدافع الرئيسي للتعاقد معه، جنبا لجنب مع النواحي المالية، فالجمهور المصري هاجم المدرب السابق كثيرا بسبب ملله، وفي نفس الوقت مدرب راديكالي بشخصية صلبة مثل حاليلوزيتش لن ينفع أبدا مع اتحاد اللعبة، لذلك الوسط هو الحل.

تحدث “زونال ماركينج” باستفاضة عن طريقة لعب المكسيك مع أجيري في 2010، واصفا النظام الخططي بأنه متحرك مناسب للتحولات السريعة، من خلال تواجد ثلاثي دفاعي صريح، مع قيام ماركيز بدور الليبرو، لفتح الملعب على الأطراف بثنائي من الأجنحة، وفي العمق ثنائي محوري، يدافع ويهاجم في آن واحد، وهي التيمة المفضلة للمدرب أجيري في منطقة الارتكاز، بوضع لاعب ارتكاز ممرر، وبجواره آخر سريع أقرب إلى “البوكس” الذي يدافع ويهاجم في آن واحد، وفي الهجوم ثلاثي متنوع، يبدأ بالمهاجم في العمق، وينتهي بثنائي آخر على الأطراف.

رسم مزيج بين 3-5-2 و 3-4-3 هجوميا، يتحول إلى 5-4-1 في الحالة الدفاعية، بعودة المدافعين للداخل، ورجوع الظهيرين إلى الخلف، والاكتفاء بمهاجم صريح في الأمام، وخلفه رباعي وسط بين العمق والأطراف. لتلعب المكسيك تحت قيادة أجيري بنجاح في مونديال 2010، كفريق قوي من دون الكرة، وخصم شرس عند الحيازة، مع الرهان الدائم على لعبة التحولات في التفوق، لكن دون فك العقدة الأبدية، بفشل المرور من ثمن النهائي.

وإذا كانت 3-5-2 ومشتقاتها إرث كروي غير قابل للمس في المكسيك، بالتالي من الصعب التأكيد على لعب أجيري بهذا الرسم على طول الخط، خصوصا بعد تحوله إلى 4-2-3-1 و4-4-2 خلال تجاربه في إسبانيا، مع أوساسونا، أتليتكو مدريد، سرقسطة، وإسبانيول بالترتيب.

قصة أوساسونا هي أساس نجاح خافيير في أوروبا، فالنادي الباسكي قدم عروضا مميزة تحت قيادة المدرب المكسيكي، وظل معه لسنوات طويلة، لدرجة مناداة الجمهور له بلقب “الباسكي”، لأن كلمة أجيري من الأساس إسبانية، تعود إلى عائلات قديمة في شمال إسبانيا خلال العصور القديمة، ليعرفه الإعلام الإسباني بهذا الإسم، نتيجة طول فترة تواجده مع أوساسونا، وارتباط إسمه بالباسكيين القدامى، رغم أنه مكسيكي ولد في مكسيكو سيتي.

بعد مسيرته مع المكسيك وفرق إسبانيا، تحول أجيري إلى مسار أضعف بعض الشيء، خصوصا فترته مع اليابان والوحدة الإماراتي. فخلال تدريبه لمنتخب اليابان، انفجرت فضيحة التلاعب في النتائج بإسبانيا، وكان أجيري أحد المتهمين، من خلال عمله السابق مع فريق سرقسطة، ووجود تهم صريحة ضده وضد لاعبيه، بالاتفاق مع خصمهم من أجل تسهيل الفوز وتجنب الهبوط إلى الدرجة الثانية.

ورغم أن خافيير نفى هذه التهم بشكل قاطع، إلا أنها تسببت مع أمور أخرى خاصة بالنتائج في إنهاء رحلته مع اليابان، وقيام المديرين في الاتحاد الياباني لكرة القدم بمعاقبة أنفسهم، نتيجة اعترافهم بخطأ التعاقد مع المدرب المكسيكي. فرئيس الاتحاد وقتها، السيد دايني، وقع عقوبة على نفسه، بتقليل راتبه بنسبة 50 % لمدة أربعة شهور، بالإضافة لنسبة 30 % من راتب أمينه العام لنفس المدة، ورئيس اللجنة الفنية المشرفة على الاختيار، لأنهم جميعا ،وفق رأيه، كانوا السبب في ذلك.

في النهاية أعلن هاني أبو ريدة وفريقه تعاقدهم مع خافيير أجيري، ليتم إغلاق الطريق تماما أمام مدرب مصري، في محاولة لإعادة تجربة كوبر لكن بصبغة هجومية ولو قليلا، فالمكسيكي يشبه الأرجنتيني في الخبرة الكبيرة أوروبيا وعالميا، وأنهما تعرضا لفترة انحدار واضح قبل تولي تدريب منتخب مصر، مع وجودهما في مرحلة البطالة التدريبية، لكن هل ينجح أجيري في الوصول إلى بطولتي أفريقيا وكأس العالم، لكن مع تقديم أداء يليق بطموحات المصريين؟ في انتظار الإجابة بالفترة المقبلة.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى