الأحمر.. هل الحُكْم مُنصِف؟

كتب- سالم ربيع الغيلاني

جميعنا تابع نتائج منتخبنا الوطني في معسكره الأخير بالأردن، سواء عبر شاشات التلفاز أم من خلال وسائل الإعلام المختلفة. وكعادة أي جمهور في العالم، فإن جماهيرنا كانت تنتظر مشاهدة منتخبها يأكل الأخضر واليابس في هاتين المباراتين اللتين شاهدت إحداهما وحرمت من الثانية لأسباب فسرها المفسرون كل حسب ما لديه من معلومات أو كما أوعزت إليه ظنون عقله وتوقعاته، لكن ما حدث أن المنتخب قدم مواجهتين عاديتين للغاية على مستوى النتيجة والمتعة المتوقعتين، وهو الأمر الذي كما يبدو أصاب عددا كبيرا من جماهيرنا بالإحباط، وزرع في داخلهم الشكوك.

لكن السؤال الذي يتبادر للذهن في خضم مشاعر الجماهير المختلفة تجاه ما حدث هو: هل من المنصف الحكم بالفشل على منتخب لم يتجمع منذ فترة طويلة، وواجه منتخبين أحدهما يفوقه تصنيفًا، وبتشكيله جلها من الاحتياطيين؟

علمتنا رياضة كرة القدم أن العبرة في الخواتيم، وأن المباريات التجريبية سميت كذلك؛ لأنها تنظم للتجريب سواء على مستوى العناصر أم على مستويي التكتيك والتكنيك، وأن نتائجها في كثير من الأحيان لا يمكن اعتبارها مقياسًا لما هو قادم .

ورغم ذلك فإن الظهور الأول للمنتخب بعد خليجي ٢٣ يعد جيدًا عطفًا على ظروف المواجهتين اللتين سعى المدرب خلالهما إلى تجريب جميع العناصر التي ضمتها قائمته وهو أمر لم يحدث – حسب علمي- طوال تاريخ منتخبنا الوطني لاسيما عندما نتحدث عن معسكر تضمن وديتين فقط..

لذلك فإن الحديث عن أداء غير مقنع، أو تشكيلة بعيدة عن المثالية المتوقعة، أو توظيف غير موفق للعناصر، أمر يدعو للاستغراب؛ لأننا إن لم نفعل ذلك في الوديات فمتى يمكننا فعله؟ وإذا لم نتح الفرصة لجميع من اخترناهم الآن متى سنفعل ذلك؟

لقد هوجم أسلوب المدرب وطريقته في إدارة الفريق الوطني كثيرًا قبل بطولة الخليج الأخيرة، إلى الحد الذي بلغ معه التشاؤم بالبعض توقع نتائج كارثية للأحمر في تلك البطولة، لكن ما حدث جانب جميع تلك المخاوف؛ فقد أثبتت فلسفة المدرب نجاعتها، وتجاوز النجاح الذي تحقق توقعات أكثر محبي الأحمر تفاؤلاً..

لكن البعض لم يتعلم من تلك التجربة وما زال حكمه على الأمور لحظيا ومدفوعًا بالعاطفة لا المنطق الذي يقول إن ظهور المنتخب بعد مدة التوقف التي مر بها بشكل باهت لا يعني شيئًا مثلما هو الحال لو ظهر بشكل لافت.

فالبداية في الغالب لا يمكن القياس عليها؛ لأنها قد تكون في الكثير من الأحيان خادعة، ومباراتا معسكر الأردن مجرد بداية؛ لذلك علينا التمهل في إطلاق الأحكام فما زالت رحلة الإعداد للبطولة القادمة فيها متسع من الوقت، وسيلعب الأحمر فيها العديد من التجريبيات التي من خلالها نستطيع أن نكوٌن صورة أكثر قربًا لواقع ما يمكن أن نراه في نهائيات كأس آسيا ٢٠١٩ بالإمارات الشقيقة .

الواقع الحقيقي للأحمر سيتكشّف لنا في ذلك المحك المهم، وحتى ذلك الوقت علينا بالصبر والثقة بعمل المدرب وجهد الاتحاد في توفير عوامل نجاح للفريق الوطني كافة.

النقد أمر لا شك جيد وقد يساعد كثيرًا في رحلة الفريق الوطني لكأس آسيا، لكن علينا أن نتخيّر الوقت والزمان المناسبين، ولا أعتقد أن مباراتي معسكر الأردن تمثلان ذلك، لأنهما مجرد بداية لمشوار ما زالت محطته الأخيرة بعيدة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى