هلال جيسوس وآسيا 

تحليل- عمر الصالحي 

يبدو أن نادي الهلال سيبقى رقماً صعباً هذا الموسم، ومرشحاً دائما في جميع البطولات المحلية والخارجية كما هي العادة.

وخاصة بعد أن كشفت المباريات السابقة صلابة ودهاء المدرب البرتغالي جيسوس الذي استطاع في فترة وجيزة وضع بصمته وإضافة أسلوبه وأفكاره الخاصة في الفريق.

المدرب البرتغالي الذي لطالما كان عاشقا لخطة 4-2-3-1 و 4-3-3 التي اعتمد عليها في مشواره مع أندية سبورتينغ لشبونه وبنفيكا، وحقق بها نتائج مميزة وبطولات عديدة جعلته أحد أشهر المدربين في البرتغال.

وعمد إلى نقل تلك الأفكار والقناعات الخاصة إلى الهلال، وكانت البداية في اللقاء الذي جمع الهلال مع الفيحاء في أولى مواجهاته الرسمية في الدوري السعودي وبعد أن حقق كأس السوبر مباشرةً.

لقاء الفيحاء يكشف نوايا جيسوس

من شاهد تلك المباراة سيكشف مدى دقة جيسوس وتطبيق أفكارة الخاصة على أرضية الملعب، حيث اعتمد على خطة 4-2-3-1 بلاعب ارتكاز وحيد ” كنو “، أمامه لاعب محور تقليدي ” ادواردو ” وتواجد “عموري” كصانع لعب.

وكانت تلك أهم الأفكار التي من خلالها نجح في الاستحواذ والسيطرة على أرضية الملعب بعد أن نجح في كشف الأسلوب المتبع لدى الفيحاء..

حيث عمد الفيحاء إلى التكتل الدفاعي ومحاولة مباغتة الهلال بالمرتدات عبر وضع روني فرنانديز واسبيرلا بشكل عرضي في المقدمة لاستغلال سرعة انطلاقاتهم، ولكن القراءة السليمة التي سبقت المباراة جعلت جيسوس في وضع المنتصر منذُ البداية.

مرونة جيسوس

تتجلى مرونة جيسوس التكتيكية بتغيراته العديدة سواء على مستوى المراكز أو الأسماء، فتطبيق الأفكار المختلفة واللحظية الطارئة تحتاج لمدرب مثل جيسوس الذي يلجأ لتغيير الرسم التكتيكي لأكثر من مرة حسب حاجة الفريق وتقلبات المباراة.

وهو ما جعل جيسوس يعتمد على الرسم 4-1-4-1 في مباراة السوبر السعودي مثلاً، والتغييرات التي أحدثها في الشوط الثاني من مباراة الفيحاء بوضع “عموري” بجانب “كنو” لكسب مساحات أكبر للاعب للتمرير والابتعاد عن الضغط والرقابة، وبهذا أحدث نقلة مميزة على مستوى أداء الفريق في الشوط الثاني.

منظومة جيسوس الدفاعية

تعتمد أولاً على “الدفاع المتقدم” وبقاء “البليهي” بشكل دائم تقريباً في الخلف لأخذ عمق دفاعي للتأمين، وتحسباً لأية اختراقات قد تحدث من هجوم الخصم.

واختياره لهذا اللاعب قد يعود لتميزه في الصراعات الفردية وسرعته التي تشكل فارقاً عن زميله الإسباني “بوتيا”، ولكن يبقى التفاهم بين قلبي الدفاع السمة المميزة بينهما.

بالإضافة لاعتماد جيسوس على الضغط العالي والمرتد عند فقدان الكرة في الأمام الذي يحد بشكل أو بآخر من الخطورة المتوقعة على مدافعي الفريق الذين لا يمتلكون سوى مدافعاً واحداً في الأمام هو “كنو” لاعب الارتكاز.

جوميز

منظومة جيسوس الهجومية 

في المجمل يعتمد البرتغالي على تنويع مصادر اللعب والخطورة ويبقى تواجد “عموري ” وادواردو” في وسط الملعب معاً.

وهما إضافة مميزة لما يمتلكان من تمريرات حاسمة وصناعة عالية للهجمات، بالإضافة لتواجد سالم الدوسري وكاريلو في جانبي الملعب، ويمتازان في الجوانب والمهارات الفردية سواء بالزيادة العددية أو التفوق في المواجهات الفردية 1vs1 أو الدخول للعمق والتسديد.

أما في الهجوم فالخيارات العديدة وتنوعها تبقى حلولاً إضافية لجيسوس رغم استمرار مشكلة الإنهاء، والتي من الممكن أن تكشف الأيام القادمة أن الانسجام هو من سيحل تلك المعضلة بعد تواجد المميزين منهم في دكة البدلاء.

أساليب وأفكار

يعتمدالبرتغالي على أساليب مختلفة كتنويع مصادر الخطر على الخصم والبناء الخلفي، والأهم من هذا هو التدرج وتدوير الكرة المميز بين اللاعبين للوصول إلى مرحلة تطوير الهجمة، وهي المرحلة الأهم التي من خلالها تبدأ الهجمة بسيناريو مختلف تماماً عن السابق.

إذ إن تواجد مجموعة من الحلول الهجومية تكفي لجعل جيسوس سعيد في هذا الجانب الذي يكون فيه منتصراً غالباً بوضع الفكرة المناسبة للوصول لمرمى الخصم كتشكيل مثلثات أمام قوس منطقة الجزاء.

الورقة الرابحه “كنو”

من شاهد مباراة الهلال الأخيرة ضد الفيحاء أيضا
سيستنتج أدواراً إضافية لهذا اللاعب الذي ابتعد كثيراً عن كونه لاعب وسط “دفاعي” كلاسيكي.

حيث إنه قام بأدوار مميزة في العديد من الجوانب أهمها مساندة خط الدفاع والتغطية خلف الظهيرين، بالإضافة لبقائه كمحطة للكرات العالية في وسط الملعب.

أما في الجوانب الهجومية ذهبت أدوار لأبعد من إخراج الكرة بشكل سليم وبناء اللعب، فلقد طبق الزيادة العددية بالإضافة لامتلاكه حل التسديد من بعيد، والتي طبقها في مرات سابقة، وهذا دليل آخر على أن اللاعب سيبقى أحد أهم الأسماء والمفاتيح التي سيعتمد عليها جيسوس مستقبلاً.

العقم الهجومي

لاتزال هذه المعضلة هي أبرز المشاكل التي قد يعاني منها جيسوس رغم توفر الخيارات الهجومية بين ريفاس وخربين وجوميز، فالفريق عانى كثيراً رغم اختلاف المدارس التدريبية في السنوات الأخيرة، ورغم تغير العديد من المهاجمين المحليين منهم والمحترفين.

الحل بأقدام جوميز

بعد التعاقد مع الفرنسي جوميز الذي سيصبح بلا شك أحد أهم اللاعبين الذين سيعول عليهم المدرب والتي تكمن أهميته في وجوده كمحطه هجومية -TARGET- لتنزيل الكرة الأولى للقادمين من الخلف للتسديد..

بالإضافة لتمركزه المميز بين قلبي الدفاع، واستغلاله للرأسيات وإجادته للتخلص من الرقابة المفروضة عليه، والكثير من الخصال التي يمتلكها هذا المهاجم الفرنسي.

سلبيات ومعوقات

تتلخص أبرز السلبيات في أمرين فني وعناصري،
الفني في إصرار جيسوس على اللعب بلاعب وسط دفاعي وحيد وهو كنو، والذي يشكل خطراً عند مواجهة الفرق المميزة في المرتدات -counter attack-

أما العناصري فهو مشكلة العقم الهجومي التي تستمر منذ سنوات رغم تحقيق الفريق للبطولات، ويتبقى السؤال الأهم عند جمهور الهلال من هو المهاجم الأنسب في هذا الوقت؟

حلول فنية مستقبلية

قد يصل جيسوس لقناعة مستقبلية ويعتمد على خطة 4-1-3-2 التي اعتمد عيلها في مرات سابقة في الدوري البرتغالي لطبيعة المنافسين المتواجدين في الدوري السعودي، الذين لطالما اعتمدو على التكتل الدفاعي أمام الهلال.

وقد يلجأ جيسوس للعب بمهاجمين في الأمام لكسر هذا الجانب واستغلاله بوضع جوميز وبجانبه خربين الذي يجيد التواجد كمهاجم ثان بمزايا مختلفه عن جوميز.

جيسوس

أبرز التغيرات التي أحدثها جيسوس بعد فترة من وصوله وتوليه قيادة الهلال هو تطبيق “برنامج اليوم الكامل ” والذي يشغل حيزاً كبيراً من وقت اللاعبين.

حيث يُشغل وقت اللاعبين بين تدريبات بدنية ولياقية واجتماعات فنية وغيرها من الأمور التي تهم هذا المدرب والتي تنم عن شخصية قوية في فرض أسلوبه الخاص على الفريق الذي يدربه.

آسيا المستعصية

بعيداً عن المشاركات الأخيرة التي شهدت أحداثاً دراماتيكية، وتقلبات وضعت الهلال في موقف محرج في بعض المشاركات، يبقى السؤال هل بإمكان جيسوس تطويع البطولة الآسيوية وتقديمها على طبق من ذهب للجماهير؟ وما التحديات المتوقعة التي سيواجها

أسئلة بحاجة لإجابات عميقة نظراً لاختلاف الظروف المحيطه الآن، وأهمها الأسماء المتواجدة، ونوعية المحترفين، والخيارات المتعددة التي برأيي قد تشكل عائقا ثانياً عندنا اختيار الرباعي الأجنبي لآسيا.

أخيراً

بعد سرد هذه الوقائع قد نتفق على أن نجاح المدرب والفريق يعتمد على عناصر عديدة قد تصل لجزئيات بسيطة وبعيدة عن كونها فنية وتكتيكية بحتة.

فجمهور الهلال مثلا هو أحد العوامل المساعدة التي بإمكانها أن تدعم فريقاً لا يقنع كثيراً مثلاً وبجودة لاعبين ومحترفين أقل بكثير من الآن، كالفريق الذي تأهل إلى نهائي سيدني مثلاً والذي وصل بدعم جماهيري كبير إلى نهائي آسيا وكان قاب قوسين أو أدنى من تحقيقها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى