العبقري لافولبي صانع الأمجاد

 

كتب- عمر الصالحي

قد لايمتلك “لافولبي” تلك المسيرة الكروية الساحرة التي تجعله من عظماء كرة القدم ولكن تمكن هذا الأرجنتيني الذي رفع كأس العالم في مونديال 1986 رفقة الأسطورة الأرجنتينية “مارادونا” من ترسيخ اسمه في عالم التدريب على المستوى العالمي

قرر ريكاردو لافولبي ابن مدينة بوينس آيرس دخول عالم التدريب من أوسع أبوابه في قرار نادرا مايحدث لحراس المرمى الذين يتقاعدون بعد مسيرة كروية حافلة.


مونديال 1986..والتكتيك الحديث

تمكن المنتخب الأرجنتيني في هذا المونديال من حصد كأس العالم بقيادة الطبيب كارلوس بيلاردو الذي فرض خطة 3-5-2 (بالأسلوب القديم المختلف عن الآن) على الفريق وتمكن من تحقيق اللقب.

بدأ لافولبي مسيرته التدريبية بنقل أفكار “بيلاردو” وبتحديث بعض الأساليب الخاصة، حينما لعب ب3 مدافعين ولكن هذه المرة بتواجدهم على خط واحد بطريقة مختلفة عن بيلاردو الذي اعتمد على خط دفاعي مكون من لاعب “ليبرو” صريح في الخلف وأمامه قلبا دفاع.

أعطى لافولبي الليبرو أدوارا مختلفة كلياً تسهم في جانب البناء والهجوم، مع وضع تركيبة جديدة لخط الوسط بمرونة ومهام أكبر من السابق .

تلك الأفكار استمرت بالتحديث بأنماط مختلفة عن بعض المدربين الأوروبيين أمثال الإيطالي كونتي واليغري والهولندي فان غال مع المنتخب الهولندي قبل سنوات ليست ببعيدة.


لافولبي مبتكر لافولبيسمو “Lavolpismo”

تتمحور استراتيجية لافولبي على العديد من الأفكار والأساليب التي ساعدته في قيادة العديد من الأندية المكسيكية و المنتخب المكسيكي خاصة، حيث أظهر خطة 3-5-2 في أبهى صورة ممكنة ساعدته على حصد الألقاب المحلية والدولية.

اعتمد لافولبي على إخراج الكرة بشكل سليم ما يفقد الخصم المقدرة على الضغط أو محاولة استرداد الكرة بشكل سريع. واعتمد على ثلاثة لاعبين في الخلف “أوسطهم” هو اللاعب المسؤول عن إخراج الكرة إلى الأمام ويتحول إلى “Deep Lying”.

أما قلبا الدفاع فمهمتهما توسيع الملعب عرضيا” stretch ” وتحولهما بالتالي إلى دور الظهيرين لإعطاء خيارات أكبر في التمرير وحتى إبعاد الضغط عن حامل الكرة من مهاجمي الخصم.

وتحول الظهيرين الأصليين إلى جناحين هجوميين، مع تواجد 3 لاعبين في الوسط ومهاجمين صريحين.

الفكرة تعتمد على التمركز والتحرك حتى تعطي أفضلية كبيرة في كسب مساحات بتغطية أكبر أجزاء الملعب عندها يصبح الرسم 3-5-2 في الجانب الهجومي بمعنى 3-3-2-2 كتقسيم أخير وفعلي.

فكرة أخرى

بالإضافة إلى الافكار والأساليب التي طرحت قد تتحول الخطة من 3-5-2 إلى 4-4-2 “FLAT”، بتحول ثنائي الأطراف إلى ظهيرين بجانب خط الدفاع وصعود قلب الدفاع “الوسطي” إلى الوسط بجانب الارتكاز وتحول لاعبي الوسط “صناع اللعب ” إلى جانبي الملعب، أو تحولها أيضاً في الشق الدفاعي إلى 5-3-2 بأقل الأحوال.

الماسة الدفاعية

ظهرت فكرة الماسة الدفاعية أواخر التسعينيات بشكل مبسط على يد مدرب مغمور في ذلك الوقت يدعى خوان مانويل ليو ولكن الفضل الأكبر يعود لـ لافولبي الذي اعتمدها وأسسها بشكل صحيح،.

حيث تعتمد الفكرة على ارتداد أحد لاعبي الارتكاز بين قلبي الدفاع، وتحرك قلبي الدفاع إلى جانبي منطقة الجزاء مع امتلاك الحارس للكرة لبناء اللعب “build up” بشكل أسهل وبالتالي لتقنين الضغط من الخصم.

تحولت تلك الفكرة بعد سنوات إلى أحد أهم الأساليب في جميع الأندية والمنتخبات المعاصرة الآن.

الطريقة اللافولبية بنكهة مكسيكية

قد لاتشكل هذه الخطة شكلاً جاذبا لمدربين كثر ولكنها أثبتت نجاحها في فترات كثيرة في الدوري الإيطالي، مثلا مع اليوفي وبشكل خاص مع المنتخب المكسيكي التي لطالما كانت هي الخطة الأبرز لهم.

ورغم تغير العديد من الأسماء التدربيية بعد لافولبي بقت خطة 3-5-2 هي الأميز والأنسب والتي من خلالها استطاع منتخب أصحاب القبعات تحقيق العديد من البطولات والإنجازات المختلفة.

القطعة الأهم في أسلوب لافولبي

اعتمد المدرب الأرجنتيني سابقاً بشكل كبير على المدافع المكسيكي رافايل ماركيز لاعب برشلونة ويعده من أهم الأدوات التي تساعده في منظومته التي استحدثها.

أظهر المدافع المكسيكي نجوميته مع المنتخب واستمر بنفس النهج حتى بعد مغادرة لافولبي بعد سنوات عديدة حيث ظهر المخضرم بعمر 39 مؤخراً في مونديال 2018 لشغل نفس المركز و النمط “مدافع إضافي” بجانب قلبي الدفاع ولاعب ارتكاز عندما يتطلب منه الأمر ..

من شاهد مباريات منتخب المكسيك الأخيرة سيدرك الأمر سريعاً.

لافولبي مع ماركيز

قدوة جوارديولا

قد لا يعلم الكثيرون أن لافولبي يُعد أهم “الملهمين” للمدرب الإسباني بيب جوارديولا، عندما أشاد الأخير بتكتيكاته خلال كأس العالم 2006 حين تمكن من قيادة المنتخب المكسيكي إلى ثمن النهائي وخرج أمام الأرجنتين بهدف قاتل من رودريغيز في الأوقات الإضافية.

كما أشاد البيب بأسلوب لافولبي في ذلك المونديال في العديد من المواقف منها حينما كتب البيب عموداً في صحيفة “El País” الإسبانية يشيد بما قدمه منتخب المكسيك أمام إيران في كأس العالم عندما تمكن من الفوز بفضل هدفي “عمر برافو”.

مزاج متعكر

لافولبي اشتهر بشراهته في التدخين خلال مسيرته ولم يقتصر ذلك على البطولات المحلية فقط وإنما سجلت بطولة كأس العالم 2006 حادثا للمدرب عندما أفرط في التدخين في الملاعب الألمانية ليقوم الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) بإصدار تعليمات تمنع التدخين في الملعب ليكتفي العجوز الأرجنتيني بمضغ العلكة عوضاً عن التدخين.

شخصية جدلية

شخصيته الفظة في أحيان كثيرة ذات جدل واسع وتعشقها الجماهير بسبب ذلك، و لطالما حول أفكاره وتصريحاته لصدامات مع الإعلام الرياضي المتابع له.

تشهد مسيرته التدريبية إحدى أهم قصصه الجدلية حينما نعته الأسطورة دييغو ارماندو مارادونا “بالخائن” بعد تعاطفه مع المكسيك عندما واجهت الأرجنتين في كأس العالم 2010.

مسيرة خالدة

تمكن المدرب الملقب ب (EL Bigoton) والتي تعني ذو الشارب الضخم من حصد مجموعة كبيرة من البطولات مع الأندية المكسيكية والمنتخب المكسيكي حيث حقق الكأس الذهبية وعدة ألقاب محلية.

كما ساهم في وصول المكسيك لمونديال 2006 وتقديم عرض مميز جداً لاينساه من تابع ذلك المونديال.

لافولبي مغير ملاح الكرة الحديثة

من يتابع الكرة الحديثة بنظرة دقيقه ويتابع أفكار هذا المدرب العجوز سيدرك أنها امتداد لأفكاره القديمة التي تشكلت وطورت بعدة أصناف من عدة مدربيين مميزين ويعزى ذلك للعبقري “لافولبي” .


اقرأ أيضا: عصا دورتموند.. إنجليزي يستحق لقب البديل الأفضل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى