أرثور ميلو.. اختبار الحمض النووي في وسط برشلونة

 

تحليل- أحمد مختار

في غرفة ملابس برشلونة، لم يتفاجأ أحد من مستوى أرثور. لقد عرفوه عن قرب أثناء التدريبات، وانبهر الجميع بشخصيته ولمسته منذ الوهلة الأولى، لذلك كان البدء به أمام توتنهام قرارا متوقعا، على الأقل بالنسبة للاعبين أنفسهم.

لكن ما حدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بعد مباراة ويمبلي بالشامبيونزليج، كان أقرب إلى الزلزال، بسبب ردود الفعل الواسعة حول مستوى البرازيلي، وإعجاب جمهور برشلونة بقدرات اللاعب، وشخصيته التي افتقدوها طويلا، لدرجة مقارنة البعض له بتشافي هيرنانديز، أسطورة النادي وأحد أيقونات خط الوسط عبر تاريخ اللعبة.

أرثور ميلو لاعب يخطف قلبك من أول لمسة، تابعت له فيديوهات منذ عامين تقريبا، وكنت متوقعا انتقاله لأوروبا في أقرب وقت.

لاعب مميز بالكرة، قوي في التمرير تحت الضغط، رقم 6 صريح، يستطيع اللعب كارتكاز دفاعي أو مساند، بالإضافة لتمريراته الكاسرة للخطوط، ومهارته في افتكاك الكرات.

يمكنه التواجد أمام رباعي الدفاع، أو شغل مركز لاعب الوسط الأيسر أو الأيمن، لأنه بارع في حيازة والتدوير، ويجيد قراءة اللعبة بشكل صحيح، لأنه لا يهاب الكرة أبدا، ولديه ما يعرف بـ DNA برشلونة.

بالتأكيد اللعب في أوروبا أصعب بمراحل من البرازيل، الدوري البرازيلي لا يوجد به ضغط كبير، المهاجمون لا يدافعون، ولا يمارسون ضغطا على الارتكاز، وهناك فرق في أوروبا تلعب بتقليل غير عادي للفراغات عكس اللعب المفتوح مع جريميو، مع ضغط برشلونة، الإعلام، الجمهور، بالتالي لن تكون الأمور سهلة أبدا.

جلس البرازيلي على الدكة في بداية الموسم، خدمته الظروف أولا، وتعثر الفريق على مستوى الأداء والنتائج ثانيا، ليقرر فالفيردي الدفع به أمام السبيرز، خصوصا أن فريق بوكيتينو معروف بالضغط القوي..

لذلك يجب أن تواجهه بخط وسط قادر على الهروب من هذه الكماشة، ونقل الهجمة من الخلف إلى الأمام دون خوف، وهذا ما وفره أرثور بالتعاون مع بوسكيتس، بعد قرار الجهاز الفني بالتحول من 4-3-3 إلى ما يشبه 4-4-2 ومشتقاتها.

لم يتواجد لاعب بالمركز 8 في الملعب، لأن برشلونة تخلى قليلا عن ثلاثية الوسط، في سبيل وضع ميسي أو كوتينيو كلاعب رابع في العمق، حسب مكان الهجمة وتمركز الخصم، لذلك كان يدخل ليو في المركز، أمام بوسكيتس وبين أرثور وراكيتتش، مع صعود كوتينيو للهجوم.

وحدث العكس أيضا عند عودة فيليبي للخلف، وصعود الأرجنتيني كمهاجم إضافي على مقربة من سواريز. في كل الأحوال حصل أرثور على دور لاعب الدائرة، في تواجده باستمرار بجوار بوسكيتس، وربطه مع ألبا وكوتينيو على اليسار، مع تبادل المراكز مع راكيتتش في بعض الأحيان.

راكيتتش لاعب جيد، فقط لا أكتر ولا أقل، هو لاعب منظومة، يعطيك عندما يكون الفريق في حاجة إلى لاعب قوي بدنيا، يخدمك في هذه النوعية من المباريات، التي تعتمد على الركض والجري.

في كل الأحوال هو أبعد ما يكون عن دور اللاعب المبتكر، لذلك افتقد وسط برشلونة رونقه مؤخرا، خصوصا بعد رحيل نيمار ونهاية زمن الـ MSN، لتنتهي مهمة الكرواتي في التغطية..

وأصبح لزاما عليه البحث عن وظائف أخرى، كالتحكم في نسق المباريات، نقل اللعب من جهة لأخرى، ومواجهة الفرق التي تتحدى برشلونة بضغط مرتفع.

لا يزال الفريق في حاجة إلى لاعب وسط إضافي، لكن ما قدمه أرثور أمام توتنهام شيء مثير للاهتمام. لأول مرة منذ فترة طويلة، فقد خط برشلونة 10 تمريرات فقط خلال التسعين دقيقة.

كذلك وجد ميسي لاعبا آخر يستلم منه، غير بوسكيتس وألبا، لأن ميلو فتح قناة اتصال مباشرة مع قائد فريقه، نظرا لتميزه في التمريرات بين الخطوط، وعدم خوفه من الدوران والالتفات حول الخصم، مستخدما حركة جسده، على طريقة تشافي وأقرانه.

على مستوى الضغط أيضا، قد يفيد أرثور برشلونة في حالة تطوره، لكن ربما تبادل المراكز مع راكيتتش/فيدال حل ممكن أيضا، بحيث يكون البرازيلي على اليمين، والشيلي أو الكرواتي يسارا، حتى يتم تبادل المراكز مع كوتينيو أثناء الضغط..

فالرقم 7 ضعيف بشدة في هذا الشق، وصعود زميله الارتكاز عوضا عنه من دون الكرة رفقة سواريز، سيكون بمثابة الخطوة الأقرب إلى المنطق، دون نسيان اختراع التبديلات، بخروج كوتينيو ودخول رافينيا/ديمبلي مبكرا، والدفاع برسم 4-4-1-1، بتواجد رباعي صريح في المنتصف، وأمامهم ميسي ثم سواريز.

من الصعب وصف خطة برشلونة الحالية بأنها 4-4-2، لكنها أقرب إلى التعديل أو التحديث على 4-3-3، بوضع كوتينيو كلاعب هجومي، وليس بالوسط، لمعالجة ضعفه الواضح من دون الكرة..

كذلك إضافة لاعب مثل أرثور للتشكيلة الأساسية، لذلك ظهر بوسكيتس بصورة أفضل، لأنه وجد ارتكاز دائرة قريبا منه، مع تكفل ميسي وكوتينيو بدور صناع اللعب سواء في المركز 10 أو 8، داخل نصف ملعب توتنهام.

في لقطة الهدف الثالث، أفضل أهداف برشلونة منذ زمن بعيد، مرر الفريق 23 تمريرة قبل لمسة ميسي الأخيرة، وشارك أرثور بالأخص في 6 تمريرات منها، مع اللقطة الأهم..

وهي تحويل التمريرات العرضية العادية، إلى أخرى طولية مباشرة تجاه ميسي، وهي اللعبة التي افتقدها برشلونة طويلا، لعدم وجود قناة اتصال مع ليو، باستثناء بوسكيتس في بعض الفترات، لذلك استحق ميلو ثناء كبير من الجماهير، أثناء وبعد المباراة في ويمبلي.

مع كل لمسات وشخصية أرثور الإيجابية، إلا أنه لا يزال يعاني من بعض العيوب، كالتمركز الدفاعي من غير الكرة، كخروجه من موقعه قبل لحظة الهدف الثاني لتوتنهام، وجعل منطقة الارتكاز الأيسر خالية من تواجده.

كذلك حاجته إلى تطوير التمريرات الطولية/القطرية التي تنقل اللعب من جهة لأخرى، مع ميل برشلونة إلى الهجوم من اليسار، ونسيان الجبهة اليمنى تماما، بسبب ضعف سيميدو هجوميا، لكن أيضا نتيجة ضعف التمريرات القطرية خلف خطوط الضغط تجاه اليمين.

إذا عدنا للهدف الأول، سنجد أن أرثور جذب هجوم توتنهام حوله، قبل أن ينقل لونجليه الكرة تجاه بوسكيتس، الذي مررها إلى ميسي بطلب من زميله ميلو، في دلالة صريحة على أهمية الوسط المفكر حول دائرة برشلونة.

قالها ملك برشلونة منذ فترة ليست بالقصيرة، صرح بكلمات لم ولن تمر مرور الكرات، عندما قال ليو في وصف أرثور، “إنه يذكرني بتشافي”، قبل أن يعيدها بعد موقعة ويمبلي، “عندما أمرر إلى أرثور، أعرف بأننا سنبقى مستحوذين”، وهذا شرف لو تعلمون عظيم!


اقرأ أيضا: مصائب رونالدو لا تأتي فرادى!!

مقالات ذات صلة

‫6 تعليقات

اترك رداً على Salah U Alshehabii إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى