فعلوا ما لم يفعله غيرهم ..!

 

كتب – فاضل المزروعي

هم فئة تتسم بالحماس والإرادة رغم ظروفهم.. فئة تتوق إلى تحقيق ما يحققه أقرانهم وربما يفوقونهم..عانوا فترة طويلة من ضعف الاهتمام –بالجانب الرياضي طبعا– وكانوا يفتقدون الدعم المعنوي قبل المادي.

عاشوا مرحلة ضياع فترة طويلة بين وزارة التنمية الاجتماعية والشؤون الرياضية، فالأولى هي المعنية بهذه الفئة، والثانية المعنية بالجانب الرياضي .

حينها لم يجدوا ضالتهم، لذلك لم تكن مشاركاتهم بالشكل المرضي لهم أولا قبل الآخرين المحبين للرياضة رغم أن رياضة ذوي الإعاقة أو الاحتياجات الخاصة دخلت الألعاب الآسيوية والأولمبية منذ فترة طويلة.

وتقام الألعاب الأولمبية والآسيوية عقب انتهاء الألعاب الرسمية للأصحاء في نفس المدينة والدولة..

وكانت أول بطولة للألعاب البارالمبية في 1988 في سيول بكوريا الجنوبية .

ومع مرور السنوات بدأت تظهر بوادر الأمل عند فئة الرياضيين ذوي الاحتياجات الخاصة بانضمامهم لوزارة الشؤون الرياضية تحت إشراف إحدى دوائرها .

ثم تشكلت لهم اللجنة العمانية لرياضة المعاقين، وأخيرا المسمى الحديث وهي اللجنة العمانية البارالمبية، حيث تم الاهتمام بالفئات التي تنضوي تحت هذا المسمى من مختلف الإصابات وتشكيل فرق ومنتخبات رجالية ونسائية بدأت تنطلق في عوالم المشاركات الخارجية على المستويين الإقليمي والعالمي،وبدأت نتائجهم تظهر بسرعة ..لماذا ؟

لأن هذه الفئة (كما بدأت حديثي) لا تحتاج إلى زرع الحماس فيها ولا التحدي والإرادة فهي تملكها بالفطرة، لذلك تجدهم ملتزمين بالتدريبات والمواعيد وطامحين للأفضل فكانت نتائجهم تتحدث عنهم رغم المعاناة المستمرة وصيحاتهم المتكررة بقلة الدعم.

في دورة الألعاب البارالمبية التي أقيمت في العاصمة الإندونيسية جاكرتا والتي اختتمت أمس الأول بمشاركة 3400 رياضي ورياضية يمثلون 43 دولة آسيوية ويتنافسون في 18 لعبة.

نجح رياضيو السلطنة المشاركون في تحقيق 5 ميداليات متنوعة بين ذهب وفضة وبرونز في إنجاز غير مسبوق لمشاركات السلطنة في الدورة.

ونجح البطل محمد المشايخي الذي وصل للعالمية قبل وصوله للألعاب الآسيوية في تحقيق الميدالية الذهبية في لعبة الجلة، وسبق أيضا أن حقق ميداليات دولية آخرها في إسبانيا.

كما نجح نفس اللاعب في الفوز بالميدالية الفضية في الصولجان وحقق زميله محمد القاسمي فضية الجلة، وحقق طه الحراصي ميداليتين في نفس الدورة وهي فضية 400 متر جري وبرونزية 200 متر جري.

فيما لم تحقق اللاعبات المشاركات أية ميدالية، علما بأن بعثة منتخب ألعاب القوى لذوي الإعاقة شاركت ب 9 لاعبين.

وقياسا على الرياضات التي تمت المشاركة فيها والعدد الذي مثل السلطنة في الدورة تعد النتائج إنجازا رياضيا تاريخيا .

ما حققه لاعبو ذوي الإعاقة لم يحققه لاعبو منتخباتنا من الأصحاء في آخر مشاركتين آسيويتين، مع الإيمان بأن الإنجاز هو الإنجاز، فهو نتيجة عمل وجهد ومثابرة وتنافس.

لذا فإن هذه النتائج توجه رسائل إلى كافة شرائج المجتمع بزيادة الاهتمام بهذه الفئة والوقوف خلفها ودعمها دعما يليق بها ويساعدها على الاستمرار في تحقيق الإنجاز للسلطنة.

ونأمل ألا يكون التكريم مجرد استقبال بالورود في مطار مسقط ،ثم إقامة حفل تكريم وتقديم هدايا نقدية وعينية لهم.

التكريم دعم كبير للجنة العمانية البارالمبية التي بكل تأكيد لا تتجاوز موازنتها موازنات اللجان الرياضية الأخرى، وضخ معونات تساعد على تنفيذ برامج أكبر وتخفيف المعاناة التي عانى منها هؤلاء الرياضيون في الفترة الماضية.

كما أنه على القطاع الخاص أن يبادر من جانب إنساني إلى الوقوف مع هذه الفئة والسعي لإسعادها من خلال ممارستها لرياضات تعشقها وترى فيها ترويحا لها، كما أنها تستمتع بالتنافس مع أقرانها.

كم هي مؤثرة تلك العبارات التي تخرج منهم وهم يعبرون عن سعادتهم .

دموعنا تذرف عندما نسمع تسجيلات البطل محمد المشايخي وهو يذكر الجميل ولا يتنكر لأحد، ويشكر بعد الله، والدته وكل من وقف إلى جانبه ودعمه لتحقيق هذا الانجاز.

هذه العبارات المؤثرة والصادقة تخرج دائما من هذا الشاب الخلوق، فساهموا في زرع الابتسامة على محياهم ..فهم يستحقون .

اشتق اسم (البارالمبية) من كلمتين ( paraplegic) وتعني مشلول وكلمة( olympic) لأن المسابقة كانت تقام لمن لديهم نخاع شوكي متضرر، لكن بعد أن تم دمج الإصابات والحالات الأخرى لم يعد للاسم معنى، فأخذ بحرف الجر اليوناني (para) وتعني بجانب لتصبح بطولة بجانب الأولمبياد.

والألعاب البارالمبية هي ثاني أكبر حدث دولي متعدد الرياضات، يشارك فيه رياضيون بدرجات إعاقة متفاوتة منها ضعف القوى العضلية مثل الشلل السفلي أو النصفي – الشلل الرباعي – الحثل العضلي – متلازمة ما بعد شلل الأطفال ومنها أيضا الاختلال في الحركة نتيجة عجز طرف معين مثل البتر وكذلك قصر القامة والتوتر العضلي والرنح وضعف البصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى