مونديال قطر والحسابات السياسية

أ.د. حسني نصر

 

تصريحات جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” في نهاية زيارته التفقدية لاستعدادات قطر لاستضافة كاس العالم 2022 تبدو مبشرة للغاية، وتؤكد أن الدوحة عازمة علي إنجاح تجربتها الرائدة في المنطقة العربية باستضافة أكبر بطولات الكرة في العالم.

هذه التصريحات التي أشادت بالتقدم القطري في إنجاز متطلبات المونديال قبل نحو أربع سنوات من موعده، تدحض مزاعم وتمنيات  البعض غير الطيبة بأن تفشل الدولة العربية الوحيدة التي نالت هذا الشرف العالمي  في الوفاء بالتزاماتها، وتقوض المخاوف التي لا أساس لها و المتصلة بصعوبة استكمال إنشاء الملاعب الثمانية التي تستضيف مباريات البطولة، والتي دشن أولها وهو إستاد خليفة الدولي في مايو من العام الماضي.

إنفانتينو الذي ذهب إلى الدوحة وقضي بها يومين للاطلاع علي أوضاع العمال الذين يعملون في تشييد منشآت كأس العالم والتأكد من إصلاح أوضاعهم المعيشية والصحية والحياتية،  خرج ليؤكد أن كبار المسؤولين في قطر يبذلون جهودا ملموسة لإصلاح سياسات العمل ونظام الكفالة وسداد مستحقات العمال، وعبر عن انبهاره باستعدادات قطر،  إلى حد أنه قال “إن مونديال قطر سيكون أفضل من كل البطولات السابقة”.

أحسنت قطر عندما تعاملت مع قضايا عمال منشآت كاس العالم التي أثارها تقرير  منظمة العفو الدولية بسرعة وشفافية. ففي نهاية الشهر الماضي قالت العفو الدولية أن عشرات العمال الأجانب الذين يعملون في شركة بناء إحدى منشآت كأس العالم، وهم  من الجنسيات الهندية والنيبالية والفلبينية لم يتلقوا رواتبهم منذ عشرة أشهر من الشركة، التي قالت وزارة العمل القطرية أنها لم تعد تعمل في البلاد.

و رغم أن تأخر بعض الشركات المتعثرة في سداد رواتب عمالها  يبدو أمرا معتادا في دول أخرى كثيرة ولا علاقة له بمنشآت كاس العالم، ورغم تأكيد الحكومة القطرية علي العمل بشكل مستمر على تحسين ظروف العمالة الأجنبية،  فإن  بعض وسائل الإعلام في الدول التي تقاطع قطر وظفت هذا التقرير  للتشهير بقطر، وخرجت إحدى الصحف الحكومية لتقول أن منظمة العفو الدولية تفضح قطر، وعممت الحالة الخاصة بعمال الشركة لتوحى في العنوان بأن كل عمال مونديال 2022 لم يتلقّوا رواتبهم منذ أشهر، مع أن تقرير العفو الدولية أشار إلى 78 عاملا فقط.

ونشرت إحدى الفضائيات العربية على موقعها الإليكتروني تقريرا ملونا يحمل عنوان خادعا يقول “عمال مونديال قطر بين سندان الموت ومطرقة الجوع والديون”. وتلاعبت القناة بتقرير المنظمة الدولية وأضافت إليه معلومات لم ترد به، مثل الزعم بأن العمال الذين تأخرت رواتبهم يتضورون جوعا، و يكافحون لتناول الطعام لأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الغذاء.

من الطبيعي أن نرحب جميعا كعرب ومسلمين بتأكيدات الفيفا المتكررة علي قدرة قطر علي استضافة المونديال القادم، وأن ندعو كل الغاضبين من قطر سواء بحق أو بدون حق أن يُخرجوا كاس العالم من اطار تصفية الحسابات السياسية المعقدة، لأن البطولة في 2022 ستكون قطرية عربية بإذن الله، وستكون كما قال إنفانتينو “فرصة لتعريف المجتمع الدولي بإمكانيات العالم العربي وقدراته الهائلة وما يمكن أن يقدمه على أرض الواقع”.

بعد تصريحات رئيس الفيفا، يجب علي هؤلاء الذين يتمنون فشل قطر في استضافة كاس العالم، أن يصمتوا، وأن يريحوا أنفسهم ويريحونا من تقاريرهم الإعلامية الملونة، ومن ذبابهم الإليكتروني المخصص لنشر أخبارا كاذبة عن احتمالات سحب الفيفا تنظيم المونديال  من قطر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى