* فلورنتينو بيريز .. الخنجر الذي ذبح ريال مدريد من الوريد إلى الوريد ..!

كشف المستور- محمد العولقي

* أين تكمن مشكلة ريال مدريد هذا الموسم بالضبط ..؟
هل تكمن في المدرب لوبيتيجي نفسه ؟
الإجابة : نعم ..

هل تكمن في رئيس النادي فلورنتينو بيريز؟
الإجابة : نعم ..
هل تكمن في اللاعبين أنفسهم ..؟
الإجابة : نعم ..
هل تكمن في طريقة اللعب ..؟
الإجابة : نعم ..

كيف يمكن لكل هذه العوامل البشرية أن تكون الأسباب الظاهرة والباطنة في محق وسحق هوية بطل أوروبا ..؟، من فضلك وضح الصورة ..

حسنا، ثمة مقولة اعتنقها ريال مدريد تحت ضغط الحاجة للحفاظ على كبرياء انسكب فيما بعد على رصيف برشلونة، بطريقة كارثية أتاحت الفرصة أمام المدريديين ليروا النجوم في عز الظهر ..

” إذا لم تستح، فافعل ما شئت “، تبدو العبارة مناسبة تماما في هكذا ظروف مدريدية بالغة التعقيد ..

كانت جميع الأطراف المدريدية تشاهد وتتابع عملية الموت البطيء لريال مدريد دون أن تقدم حلا عاجلا يؤجل بلوغ الريال حافة الانهيار التام ..

كانت أعضاء جسد ريال مدريد تتعطل تباعا، وتتوقف عن الحركة والعمل واحدا بعد الآخر، كانت المحاليل التي استخدمها المدرب منتهية الصلاحية ..

لا فلورنتينو بيريز تنازل عن عناده وهو يبيع (كريستيانو رونالدو)، وهو عندما فعل ذلك تحت مبرر كبرياء النادي الملكي، كان في الواقع يبيع سلاحه النووي الذي خلق هيبة للفريق عالميا، ثم أبقى على أسلحة تقليدية يمكنك أن تجدها عند ألافيس وليفانتي و ليجانيس ..

ولا المدرب لوبيتيجي قوى قلبه وفرض حالة من الحراك داخل غرف الملابس، لقد ظل يتفرج على اللاعبين داخل غرف الملابس حاله حال أي مواطن أو مقيم في مدريد ..

وحتى نضع الصورة كاملة أمام المدريديين في مصابهم الجلل، حري بنا أن نرتب المذنبين الذين مثلوا بريال مدريد شر تمثيل في هذا السياق ..

* بيريز : المذنب الأول ..

معروف عن فلورنتينو بيريز أنه دائم التلصص على غرف اللاعبين، عندما يفعل ذلك فإنه يضع عيونا تجسسية داخل غرف الملابس تنتصر لغريزته وشهوته في معرفة الخفايا والأسرار العائلية، وأحيانا ينتقي مجموعة من (العسس) من اللاعبين أو الإداريين ينقلون له حتى دبيب النملة ..

هذا الأسلوب التجسسي فتح الباب على مصراعيه لتدخل الغيبة والنميمة إلى غرف اللاعبين، حيث يتفاجأ الجميع أن أدق أسرارهم في متناول بيريز، تماما مثلما يفعل مرتضى منصور في نادي الزمالك ..

اصطدم بيريز مع كثير من المدربين من ذوي الشخصيات القوية من بينهم جوزيه مورينهو وحتى زين الدين زيدان، كانت الأجواء في مدريد ولازالت مسمومة، والثقة شبه منعدمة بين بيريز وبعض اللاعبين، حتى عندما قاطع تلك العادة التجسسية المدمرة تحت ضغط من زيدان، عاد الرجل للعادة القديمة لأنه لم يشعر بدور محوري في فوز الريال بثماني بطولات في موسمين ونصف.

وكانت ثلاثية زيدان التاريخية في دوري الأبطال الهاجس الكبير الذي جعل بيريز يشعر أن قبضته الفولاذية على غرف الملابس قد تراخت مع الإجراءات الصارمة التي تبناها زيدان، ولم تسمح لذبابة واحدة أن تخترق غرف الملابس ..

كان زيدان قد تخلص من الكولمبي خاميس رودريغز، لأنه بدأ يتذمر ويخرج عن حدود منظومة المدرب، لم يكن زيدان ليملك حيال هذا التمرد شيئا، سوى نفي أو إعارة اللاعب لبايرن من ميونخ الألماني، للحفاظ على هدوء وتركيز الفريق ..

تذمر بيريز من قرار زيدان الخطير، ثم تدخل في القضية بكل ثقله للإبقاء على خاميس، لكن زيدان وقف ثابتا أمام بيريز قائلا :
إما أنا في مدريد أو خاميس رودريغز ..؟

بدا وكأن زيدان قد وضع العقدة في المنشار، لم يكن أمام بيريز سوى الاستسلام لقرار زيدان، لكن مسألة خاميس لم تنته، لقد أسر بيريز خسارته أمام زيدان في نفسه، متوعدا بالخلاص من زيدان عند أول منعطف أو حاجز، ولم تتح الفرصة للتخلص من زيدان لأن الفرنسي دخل تاريخ دوري أبطال أوروبا من الباب الواسع ..

معظم صفقات ريال مدريد في العقد الأخير لم تتم وفق وتوصيات فنية أو تكتيكية، كانت معظم الصفقات تجارية بحتة وتخضع عند بيريز لمسارات مختلفة، جميعها تصب في خانة المشروع الاقتصادي العملاق لنادي ريال مدريد ..

أخطاء بيريز السابقة كوم وأخطاء هذا الموسم كوم آخر .. بدأ مسلسل القبضة الحديدية لبيريز بالتخلي عن زيدان، أو بصورة أدق دفع بيريز زيدان للاستقالة وهو في قمة الحضور والتجلي، كان بيريز يبرر خروج زيدان برغبة هذا الأخير للراحة، لكن الواقع أن السبب المباشر في ذلك كان الويلزي جاريث بيل ..

مع نهاية الموسم الفائت وضع زيدان هيكلة للفريق، كانت هيكلة زيدان تعتمد على بيع جاريث بيل لمانشستر يونايتد، ومن ثم استخدام مبلغ البيع في تمويل صفقة التعاقد مع البرازيلي نيمار داسيلفا من باريس سان جرمان ..

وقف بيريز، ثم حدق في عيني زيدان قائلا :
“جاريث بيل صفقتي التجارية، وهو لاعب لا يمس مهما كان مستواه متواضعا “..

كانت جملة بيريز بمثابة النار التي اشتعلت في عقل زيدان، فقد مص شفتيه، ثم قال بحزم :

“إنك لم تترك أمامي خيارا آخر أيها (البريزيدانت)” ..

وقتها لم يفهم بيريز ما يعنيه زيدان، لكن بعد ساعات فقط من التتويج بدوري الأبطال على حساب ليفربول، أصبح بمقدور بيريز الاحتفاظ بالويلزي، والبحث عن مدرب آخر يكون مثل الخاتم في إصبعه ..

* مقصلة بيريز ..

ما كاد جمهور ريال مدريد يفيق من صدمة استقالة زيدان، حتى فوجئ بمعصرة بيريز تفرم أهم لاعب يستند عليه البناء الفني والتكتيكي للريال ..

في الواقع كان كريستيانو رونالدو الهداف التاريخي للميرنجي، ينتظر فقط ما سيقرره زيدان، وعندما استقال هذا الأخير أدرك رونالدو أن أيامه في مدريد معدودة ..

كانت نوايا بيريز واضحة المعالم، لا شروط جديدة، ولا امتيازات أخرى حال رغب رونالدو بتجديد العقد لموسم واحد، تحدى بيريز رونالدو قائلا :

“عليك أن تركع لشروطنا، الريال أكبر منك” ..

فيما يتعلق بالشطر الثاني من رسالة بيريز يبدو محقا تماما ، لا أحد فوق ريال مدريد مهما كانت قيمته، لكن بيريز في الشطر الأول من الرسالة بدا كمن يتحكم في السيرك مع رحيل زيدان ..

قرر رونالدو في لحظة تفكير النفاد بجلده من بيريز، خصوصا وأن الرئيس كان يهدد رونالدو بجلاكتيكوس جديد يغير موازين القوة في الريال، كانت سطوة رونالدو تزعج بيريز تماما، وفي ظل صعوبة ترويضه وإدخاله بيت الطاعة، كان لابد من تطفيش باني نهضة ريال مدريد في القرن الحالي، الأمر يتعلق بكريستيانو رونالدو ..

كان بيريز متأكدا من رحيل رونالدو عن (البرنابيو)، الشيء الذي كان يراهن عليه بيريز يتعلق بحجم الدوري الذي سيختاره لاعب كهل في سن الثالثة والثلاثين ..

توقع بيريز وجهة رونالدو القادمة، كان يسخر في جلساته من البرتغالي، فهو إما ذاهب إلى الصين حيث الفلوس الكثيرة، أو إلى قطر حيث لا مكان لجماهير تعود رونالدو أن تصفق له مع كل هدف يسجله ..

غير أن رونالدو خيب ظن بيريز تماما، بل إن اختيار رونالدو لفريق يوفنتوس الإيطالي أحبط بيريز تماما، وأرقه كثيرا، فما فعله رونالدو يدل على أنه واثق من نفسه، باختصار كان انتقال رونالدو لليوفي رسالة شديدة اللهجة لبيريز ..

ومع كل هدف يسجله رونالدو للسيدة العجوز، تتآكل أحشاء بيريز، ويرتفع ضغطه خصوصا بعد أن تجرأ برشلونة ومثل بجثة الريال خمس مرات في غياب الجلاد ليونيل ميسي ..

حاول بيريز أن يواري سوءة فعلته الشنعاء بالاستغناء عن رونالدو، من خلال فبركة أخبار عبر صحيفة (ماركا) المدريدية، منها ما يتعلق بمفاوضات خيالية لضم الثنائي الفتاك نيمار وامبابي، ومنها ما يتعلق بمحاولات إقناع البلجيكي أدين هازارد بالتخلي عن تشيلسي، كانت كل تلك المفاوضات عبثية وغير صحيحة لأنها تمت على الورق فحسب ..

عندما فشل بيريز في جلب صفقة كبيرة تعويضا عن رحيل رونالدو، برر الفشل على شماعة المدرب ضعيف الشخصية لوبتيجي ..

كان لزاما على لوبتيجي أن يخرج لسانه على صدر الصفحة الأولى لصحيفة (ماركا) قائلا:
“لست بحاجة إلى صفقات جديدة، فما لدى ريال مدريد من اللاعبين يكفي لأن نحصد كل البطولات الممكنة هذا الموسم” ..

كان هذا التصريح غير المنطقي بمثابة براءة ذمة لرئيس النادي فلورنتينو بيريز، والذي خرج من تهمة عدم تدعيم الفريق بصفقات جديدة كما تخرج الشعرة من العجين ..

* ديكتاتورية بيريز ..

لم يشعر بيريز أبدا أنه في ورطة مع استقالة زيدان المفاجئة، كما أنه لم يحاول إثناء الفرنسي عن قراره أو إرجائه إلى وقت آخر، بدا كمن يتنفس الصعداء، كان في داخله يستيقظ مارد الديكتاتور السابق، استحلى اللعبة وهو يرى أن الأمور كلها قد عادت إلى قبضته دفعة واحدة ومن دون أن يريق نقطة دم واحدة ..

تريث بيريز هذه المرة، إنه لا يحتاج إلى مدرب طوارئ مجددا، بل يحتاج إلى مدرب قابل للطرق والسحب ينسجم مع مشروعه ومع فكره ومع نرجسيته الواضحة ..

هاتف بيريز قائد الفريق سيرجيو راموس قبل أيام على انطلاق بطولة كأس العالم، كان فحوى المكالمة ينم عن نرجسية بيريزية واضحة :
“سيرجيو .. ما رأيك لقد استقريت على لوبتيجي لتدريب الريال هذا الموسم “..؟
تعجب راموس، وهو قائد منتخب إسبانيا قائلا :
“هذا مستحيل لأن لوبتيجي يقود حاليا منتخب إسبانيا “..
قهقه بيريز قائلا :
“هذا لا يهم، ما دام الريال يريد لوبتيجي ، فلن يقف كائنا من كان بيننا وبينه” ..

المحادثة السابقة لا تكشف فقط عن غرور بيريز، لكنها تكشف أيضا عن عقليته السادية في تدبير الأمور ..

كان أمام بيريز متسعا من الوقت للتعاقد مع لوبتيجي بعد المونديال بدلا من خلق الفوضى داخل معسكر المنتخب الذي دفع الثمن فيما بعد غالبا ..

لم يترك بيريز الفرصة لمدرب (لاروخا)، كان بيريز حاسما في مفاوضاته مع لوبتيجي :
“إما تدريب الريال اليوم ، أو ضياع الفرصة إلى الأبد” ..

لم يكن هناك أي خيار آخر أمام لوبتيجي، لقد رمى بمنتخب إسبانيا عرض حائط موسكو ، ولبى نداء بيريز من دون شروط ..

ومع لوبتيجي دارت عجلة ريال مدريد دورة عرجاء، لقد انفض السامر وتحولت غرف الملابس إلى سوق فوضوي بلا ضوابط، وكان هذا مؤشرا على أن الصاعقة قادمة ولا ريب ..

الأسبوع القادم سنواصل كشف المزيد من الحقائق الفنية والتكتيكية عن لوبتيجي (المذنب الثاني في سلسلة المذنبين)، الكبش الذي دفعه بيريز إلى المحرقة بعد خماسية برشلونة، وبقي بيريز في رمقه الأخير من ولايته الأخيرة يمضغ الحسرة الأشد مرارة من العلقم نفسه ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى