جورجينيو أم كانتي؟ هناك أسئلة أهم ينتظرها ساري

 

تحليل-أحمد مختار

قدم تشيلسي أسوأ مباراة له تحت قيادة ساري، بعد الخسارة بالثلاثة أمام توتنهام، ضد قمة مباريات هذا الأسبوع من الدوري الإنجليزي. ولعب الفريق الأزرق بطريقة سلبية دفاعا وهجوما، مع سيطرة شبه تامة لكتيبة بوكيتينو، صاحب الأرض الذي سيطر بالطول والعرض. سجل ثلاثة أهداف وأضاع فرصا مؤكدة، بالإضافة لتفوقه على مستوى الحيازة والمرتدات، وحتى الدفاع من دون كرة. أصبح لزاما على ماوريزيو الدخول في دائرة الشك، وتلقي سهام النقد البريطانية بصدر رحب، لأن هذه الخسارة كانت قاسية بحق.

أحضر ساري لاعبه جورجينيو معه من نابولي، بعد صراع طويل مع السيتي طوال الصيف. لقد كان انتقالا محوريا، ليس فقط لصالح “الزرق” ولكن لتحجيم قوة جوارديولا ولو قليلا. بنى المدرب الإيطالي خطته على عاملين، الأول خاص بالبناء المنظم من الخلف، والثاني باستغلال المهارات في الثلث الهجومي الأخير، كما كان يفعل في إيطاليا مع فريق الجنوب. بالتأكيد هازارد هو النجم الأول لتشيلسي، يصنع ويراوغ ويسدد ويسجل، يفعل كل شيء بالكرة، لكن كل هذا العمل الإيجابي لم يكن متاحا، من دون لاعب مثل جورجينيو بالخلف.

جورجينيو أقرب إلى المعالج “البروسيسور” بالنسبة لتشيلسي ساري. تؤكد الإحصاءات بأن الإيطالي البرازيلي يستحوذ على الكرة بنسبة 10 % من حيازة فريقه طوال المباراة، مع دقة تمرير تصل إلى 90 %، أي أنه ضليع بشكل أساسي في كل الهجمات، وعنصر رئيسي لا غني عنه عند البناء من الخلف، لكن أمام توتنهام لم يكن الوضع جيدا بالمرة.

استحوذ الرقم 5 على الكرة بنسبة وصلت إلى 5 % من إجمالي سيطرة فريقه، أي أنه لم يشارك بوضوح في مجريات اللعب، بعد فصله عن طريق الضغط القوي الذي طبقه توتنهام، بعد رهان بوكيتينو على رسم 4-3-1-2، وقيام ديلي آلي بالرقابة الفردية أمام ارتكاز تشيلسي طوال المباراة، مع دعم كامل من جانب سون وهاري كين، ليفشل تشيلسي في الصعود المنظم بالهجمة، ويخسر المواجهة حتى قبل أن تبدأ.

يتحدث الجميع عن مستوى جورجينيو السيء دفاعيا أمام توتنهام، مع فشله في اللحاق بالكوري سون في لقطة الهدف الثالث، لكن أداء المحور الإيطالي بالكرة كان ضعيفا، وهذا الأهم بالنسبة لمدربه. الأمر الذي يطرح سؤالا مهما للغاية، أهم بمراحل من سؤال كانتي أم جورجينيو لرواد التواصل الاجتماعي أثناء المباراة، ألا وهو، هل يعتمد تشيلسي على جورجينيو لحل مشاكل مرحلة البناء والتقدم بمفرده؟

أي أن الأهم بالنسبة لساري إيجاد بعض البدائل سريعة المفعول، عند انخفاض مستوى جورجينيو/ هازارد، أو حتى غيابهم للإيقاف أو الإصابة، لأن الوضع من دونهما سيكون معقدا لأقصى درجة.

يمكن لساري أن يضع كانتي في مكانه القديم، وأن يصعد بجورجينيو خطوات للخلف، كما ينادي معظم المتابعين، لكن هذا الحل لن يكون كافيا بالمرة، حيث أن طريقة لعب المدرب مرتبطة شديد الصلة بأسلوبه وفلسفته.

الإيطالي المحب للسيطرة والحيازة، الذي يفضل البناء المنظم والسريع من الخلف، مع دعوة المنافس للضغط حتى يجبره على الخروج من مناطقه، وإيجاد التفوق النوعي والعددي في مكان ما بالملعب، بعد البحث عن الرجل الحر في وبين الخطوط.

هذه هي أدوات ساري في الملعب، لذلك يريد دائما من ارتكازه أن يكون قوي بالكرة، يعرف كيف يمرر وأين يتمركز، مع معرفته بعيوبه الدفاعية الخاصة بالافتكاك وخلافه. بالتالي من الصعب أن يقوم كانتي بهذه الوظائف، رغم قوته الدفاعية وأرقامه المبهرة من دون الكرة، لتكون مهمة المدرب منذ اليوم الأول، محاولة تطوير الارتكاز الفرنسي في دور لاعب الوسط المساند، لأن نجولو يستطيع مع الوقت أن يكون لاعب “بوكس تو بوكس” مميز، لكن من الصعب بل المستحيل قيامه بأدوار جورجينيو/ بوسكيتس فيما يخص البناء من الخلف عند الاستحواذ، وهذا هو الأساس لمحور الفريق الهجومي، كتشيلسي حاليا مع ماوريزيو.

يمكن القول أنه أهم لاعب في تكتيك ساري، لأنه يستلم الكرة من المدافعين، يخفف الضغط على لاعبي الهجوم، يساهم بتمريراته في كسر خطوط ضغط المنافس، وينقل الكرات تجاه لاعبي الثلث الأخير، لذلك هو أفضل ضامن ممكن لكسر ما يعرف بالـ “U”، أي لعب التمريرات من اليمين لليسار والعكس دون اختراق لدفاعات الخصم، مما يصيب المتابع بالملل والتكرار، لكن مع جورجينيو، يستطيع فريقه لعب الكرات القطرية أو البينية بالتبادل مع لاعبي الوسط في الأمام، مع نقل الهجمة من الخلف بطريقة سريعة غير تقليدية.

جورجينيو “هولدينج”، ارتكاز ممتاز بالكرة وتمركزه جيد لدرجة كبيرة، ومن اللاعبين أصحاب المستقبل الكبير، لكن أبرز نقاط ضعفه أنه خلق في فريق هجومي لا دفاعي، لذلك مع نابولي وخلال مبارياته الحالية مع تشيلسي، فإنه يعاني فقط عندما يترك فريقه الكرة ويرتد للخلف، لأنه لا يجيد تغطية المساحات الكبيرة، خصوصا عند إجبار الأظهرة على البقاء في مراكزهم، وبطء ارتداد زملائه لاعبي المنتصف، هكذا كان يعرف بوكيتينو، ومن قبله جوارديولا وأوناي إيمري، ليلعب على هذه الهفوة، ينجح في إظهار ثغرات اللاعب وعيوبه.

بكل تأكيد كانتي أفضل من جورجينيو في هذا الشق، سيحمي تشيلسي أكثر في المرتدات، ويستطيع التفوق على معظم المهاجمين عند الدفاع 1 ضد 1، بسبب سرعته واندفاعه وتميزه في الافتكاك والعرقلة.

هذا رأي لا خلاف عليه. يمكن القول بأن تبديل مكان جورجينيو بكانتي كان مفيدا، للخروج بأقل الخسائر أمام توتنهام في الشوط الأول، لكنه لن يكون حلا طويل الأجل، لفريق يبني طريقة لعبه على الاستحواذ والسيطرة، والبناء المنظم للهجمة من الخلف، لذلك مشكلة تشيلسي الحالية أبعد ما يمكن عن سؤال كانتي وجورجينيو، ومن منهما الأجدر بالبدأ في خانة الارتكاز أمام رباعي الدفاع.

يقول الكوتش بعد مباراة توتنهام، “”كنت أعلم جيدا أن لدينا الكثير من المشاكل لحلها، واليوم كان من الواضح للجميع أننا بحاجة لعمل مضاعف. “علينا أن نحاول القيام بشيء لأن الأداء الدفاعي أشبه بالكارثة. ضغط المهاجمين ضعيف، الوسط لا يدافع بشكل جيد، والأخطاء زادت مع الوقت”.

يحتاج تشيلسي إلى تدعيمات إضافية في فترتي الانتقالات القادمة، ويعرف المدراء في النادي صعوبة الفوز بالدوري حاليا، لكن ما هو أهم بالنسبة للمشروع الرياضي بالكامل أن يفرض المدرب أسلوبه مع الوقت، ويساهم في تطوير لاعبيه وإدخالهم بالتدريج وفق نظام اللعب المتبع.

ليس منطقيا أن يطلب أحد من ساري تغيير أسلوبه، لأن أسلوب أي مدرب خط أحمر، يجب أن يستمر له ويفرضه على لاعبيه. يستطيع الإيطالي تعديل تكتيكه وإستراتيجية لعبه في بعض المباريات، ليس من أجل التراجع ولكن للتكيف مع قدرات خصمه، كإجراء التغييرات بشكل أسرع، دخول ارتكاز إضافي أو التحول إلى 4-2-3-1، أو حتى لعب التمريرات الطولية من الخلف، لذلك أخطأ ماوريزيو بعدم البدأ بكلا من جيرو، بيدرو، وحتى باركلي، الثلاثي المناسب بشدة لمواجهة توتنهام، حيث الصراعات البدنية والركض المتواصل للخلف وإلى الأمام

يبقى الموسم الأول بمثابة بطاقة التعارف، كما حدث مع جوارديولا سابقا. الدوري الإنجليزي له أحكامه الخاصة، ركض وافتكاك وكرة ثانية وأمور أخرى، يحتاج ساري إلى الوقت للتكيف معها، وفرض أفكاره على قواعدها، لكن ما يحدث حاليا لا يبشر بكارثة أو مصيبة، لأن الأخطاء ضرورية أثناء التجارب، حتى يتم فرز اللاعبين وقدراتهم. وضع المميز منهم داخل التكتيك النهائي، والتخلي عن غير القادرين، مع التأكيد بأن الموسم الثاني سيكون مغايرا في كل محطاته.


اقرأ أيضا: أتليتيكو مدريد وبرشلونة.. “الجبناء لاينتصرون ولا يهزمون”

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى