الكاميرون وأخطاء الاتحاد الأفريقي

 

كتب- أ.د/ حسني نصر

حدث ما كان متوقعا، وسحب الاتحاد الأفريقي لكرة القدم تنظيم بطولته الكبرى “كأس الأمم الأفريقية 2019” من الكاميرون، بعد أن أكدت تقارير التفتيش عدم جاهزية الملاعب المؤهلة لاستضافة مباريات البطولة.

القرار الذي تم اتخاذه أمس في اجتماع اللجنة التنفيذية للاتحاد الأفريقي في العاصمة الغانية أكرا، لم يكن مفاجئا خاصة وأن أخبار سحب البطولة من الكاميرون كانت قد ترددت بقوة خلال الشهر الأخير على خلفية الاضطرابات السياسية التي تشهدها بطلة النسخة الماضية من البطولة الأفريقية، وهو ما دفع الاتحاد القاري إلى تشكيل لجنة أمنية قامت بزيارة الكاميرون وانتهت إلى ضرورة تغيير وجهة البطولة إلى دولة أخرى.

في تقديري أن السبب الأمني ليس هو السبب الرئيس والمباشر في حرمان الكاميرون التي تمتلك أحد أفضل منتخبات القارة، وبطلة أفريقيا خمس مرات آخرها بطولة العام الماضي، وممثل أفريقيا في كأس العالم سبع مرات آخرها في البرازيل 2014، خاصة وأن الاضطرابات الأمنية تتركز في شمال البلاد، وربما هناك أسباب أهم يتصل بعضها بأخطاء قد تكون متعمدة ارتكبها الاتحاد الأفريقي.

واقع الأمر أن الاتحاد الأفريقي مسؤول مسؤولية مباشرة عن حالة التخبط التي وضع فيها الكاميرون من جانب وبطولته الكبرى من جانب آخر، والشاهد في ذلك أنه قرر زيادة عدد الدول المشاركة في البطولة ليكون 24 دولة وهو ما يمثل نصف عدد دول أفريقيا تقريبا، بعد أن كان 16 فقط، دون أن يضع في اعتباره أن غالبية دول القارة السمراء الفقيرة لن تكون قادرة على استضافة هذا العدد الكبير من الفرق، وليس لديها الملاعب الكافية لذلك.

وبهذا التغيير الذي لا يضيف للكرة الأفريقية الكثير، من المتوقع أن يصبح تنظيم البطولة حكرا على عدد قليل من دول شمال أفريقيا بالإضافة إلى دولة جنوب أفريقيا.

لا يدرك الاتحاد الأفريقي خصوصية بطولة الأمم الأفريقية، وكونها لا تتعلق فقط بكرة القدم، إذ تمثل استضافتها لدول أفريقيا السمراء فرصة لتعريف العالم بها، وجذب الاستثمارات لها، ودعم جهود التنمية، يريد الاتحاد الأفريقي أن يتشبه بنظيره الأوروبي رغم الفوارق الشاسعة في الإمكانات بين القارتين.

لم يكن من المناسب بعد إسناد البطولة للكاميرون أن يتم زيادة عدد الدول المشاركة، خاصة أن الاتحاد يعلم جيدا أن الكاميرون إلى جانب عدد كبير من دول القارة لن تكون قادرة على الوفاء بمتطلبات استضافة العدد الجديد، كان من الممكن تأجيل الزيادة للبطولة القادمة، ولكن نوايا القائمين على الاتحاد لم تسلم من الغرض.

كل المؤشرات تؤكد أن البطولة ستذهب للمملكة المغربية، خاصة مع تراجع القوى الكروية والرياضية الأفريقية الكبرى مثل مصر وجنوب أفريقيا ونيجيريا وغانا عن التقدم لطلب تنظيم البطولة، ومن المؤكد أن المغرب قادرة على تقديم بطولة أفريقية متميزة، خاصة وأنها تريد أن تقول للعالم إنها قادرة على تنظيم كأس العالم الذي خسرت شرف تنظيمه أكثر من مرة، آخرها منذ شهور قليلة لصالح ملف التنظيم المشترك بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا لاستضافة نهائيات كأس العالم 2026.

ومع تقديرنا للمغرب الشقيقة إلا أن قيامها بتنظيم البطولة على حساب دولة أخرى يبدو غير عادل، خاصة وأن الكاميرون ليست مسؤولة عن أخطاء الاتحاد القاري التي أوقعتها في هذا المأزق!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى