أرسنال وتوتنهام.. عن إيمري الذي فاجأ الجميع

 

تحليل: يوسف حمدي

بدون شك لم يتوقع الكثيرون أن آرسنال مقبلٌ على مرحلة جيدة رفقة إيمري، الرجل قادم من رحلة فاشلة مع باريس، صبغت مسيرته بصبغة الناجح مع الفرق الصغيرة فقط، وبناء على ذلك فإنه لن يمكنه بالطبع إعادة بناء فريق كأرسنال بعد 26 عامًا من أرسين فينجر.

الأمور بدأت بشكلٍ سلبي، مواجهتان افتتاحيتان أمام السيتي وتشيلسي على التوالي يخسرهما آرسنال، ثم ماذا؟ ثم لا خسارة حتى الآن، ويبدو أن الأمور مرشحة لرقم قياسي جديد.

مباراة أرسنال ومانشستر سيتي

المهم أن الرجل هاجم كلوب في الوقت الذي خشي فيه جوارديولا نفسه من ذلك، ومن ثم أخضع بوتشيتينو برباعية، الرجل الذي أخضع تشيلسي نفسه منذ أيام، ليبقى السؤال؛ هل هناك تصحيح مسار أفضل من ذلك؟

لا جديد

مما يتميز به إيمري هو قدرته على تعديل خططه وفقًا لاسم خصمه وأسلوبه، ذلك ما لم يتميز به بوتشيتينو في مباراة آرسنال، على الرغم من أنه ليس بهذا الجمود في المطلق، إلا أن انتصار تشيلسي الأخير كان حافزًا له لإعادة تكرار ما بدأ به مرة أخرى.

بوتشيتينو بـ 4/4/4 دايموند “الماسة” بوجود ديلي آلي المتحرك كلاعب رقم 10، خلف كين وسون، وأمام سيسوكو وإريكسين، وكل هؤلاء أمام لاعب ارتكاز وحيد وهو إيريك داير، تمامًا كما بدأت مباراة تشيلسي.

في الناحية الأخرى إيمري يبدأ بالـ 3/4/3 بوجود هولدينج بجوار سوكراتيس وموستافي، نصف أظهرة بيليرين على اليمين وكولاسيناتش على اليسار، تشاكا وتوريرا في الوسط، خلف مخيتاريان وأوباميانج وأيوبي. أين أوزيل؟ على دكة البدلاء لسبب يبدو أنه تأديبي.

“تشكيل الفريقين – هوسكورد”

ما اختلف عن مواجهة تشيلسي

في المواجهتين لجأ بوتشيتينو للعب على التحولات، أمام تشيلسي أنصفته أطرافه، وأنصفه كذلك الضغط المبكر نظرًا لأن ويليان وكوفاسيتش وجورجينيو كذلك تحت الرقابة لم يمتلكوا القدرة على الاحتفاظ بالكرة، والخروج بها بشكل صحيح من الخلف، ووصلت معدلات فقدانهم للكرة إلى النصف تقريبًا، وهو رقم مرعب في مباراة بهذا الحجم بكل تأكيد.

على الناحية الأخرى فأمام آرسنال اختلفت الأمور، تشاكا وتوريرا لا يفقدان الكرة إلا نادرًا، ليس ذلك فحسب، بل أن عملية الضغط المبكر والتي فرضها إيمري باستخدام الـ 4/3/3 جعلت السحر ينقلب على الساحر، أوباميانج وأيوبي ومخيتاريان يبدأون بالضغط المبكر، وتوريرا وتشاكا يتكفلان بمحاصرة سيسوكو وداير، فيكون الناتج أن توتنهام هو من يفقد الكرات كثيرًا في الخلف وليس العكس، أشياء كفيلة بخلط جميع أوراق بوتشيتينو على أية حال.

وماذا عن الأظهرة؟ لا جديد، أيضًا، بيليرين وكولاسياك يصعدان للأمام ويستلمان الكرة أسفل مخيتاريان وأوباميانج مباشرة، الجميع يصعد إلى الأمام سواء للبناء أو للدفاع المبكر، كل هذا كان مقدمات طبيعية لهدفٍ مبكر، ولأشياء أخرى سنتحدث عنها لاحقًا.

خلط الأوراق

بالطبع كل ما سبق يخبرك أن بوتشيتينو بات في ورطة، الأمر الذي دفعه إلى سحب إيريك داير للخلف ليلعب كقلب دفاع ثالث، مع قلب الرسم التكتيكي إلى 3/4/1/2 باعتبار هاري كين مهاجمًا، لأن الرجل تقريبًا لم يُشاهد في منطقة الجزاء إلا في مرة أو اثنين على الأكثر، أما في باقي أوقات المباراة فانحصرت تحركاته في الـ 40 مترًا الوسطى من الملعب.

على الجانب الآخر إيمري يغير أيضًا، أيوبي ومخيتاريان يخرجان ويدخل رامسي ولاكازيت، تنقلب الخطة إلى 3/4/2/1 مع الالتزام بنفس الضغط ونفس الصعود المبكر، ولكن بشكل أكثر توازنًا هذه المرة.

رامسي يدخل ليتولى هو عملية الصعود، ويصبح هو الرقم 10 على الورق، هنا يعود تشاكا وتوريرا إلى منطقة الارتكاز، فيصبح الإغلاق محكمًا أكثر، وتصبح مناطقه الدفاعية مؤمنة بشبكة مكونة من ثلاثة قلوب دفاع ولاعبي ارتكاز، بالإضافة إلى ظهيرين يعودان للمساندة في الحالة الدفاعية. هل من ثقب هنا يستطيع أحدهم المرور منه؟

كل ذلك بالطبع لا يحتاج إلى برهان على أن مناطق آرسنال كانت صعبة الاختراق، وفي حال احتجت إلى برهان فسأخبرك بأنه الهدفين الذين سجلهما توتنهام كان أولهما من ضربة حرة، وثانيهما من ركلة جزاء، لم يسجل توتنهام من أي لعب متحرك، ولم يصل للمرمى سوى في 7 محاولات كان منهم 4 ضربات ثابتة.

“الخريطة الحرارية لهاري كين – هوسكورد”

محاولات فاشلة

هنا بوتشيتينو أمام كل هذا الإغلاق يبحث عن حل، دون أن تساعده الظروف كما حدث أمام تشيلسي، ودون أن يجد الخوف المبالغ فيه الذي وجده أمام إنتر، ودون أن يترك له آرسنال الكرة، ودون أن يترك آرسنال المساحات خلفه بحثًا عن امتلاك الكرة، الحياة ليست دائمًا سهلة على ما يبدو.

الإغلاق المحكم واللعب بنصف أظهرة ينهي تمامًا أية محاولات لنقل اللعب على الأطراف قبل بدايتها، والاستحواذ على الكرة والبناء والاختراق من العمق كلها أشياء سيفسدها توريرا ورفاقه بالطبع، إذًا في مثل هذه الحالات هناك حلول تقليدية كلاسيكية أحيانًا تجدي نفعًا عن أي شيء آخر، كلاسيكية في إنجلترا؟ بالطبع عزيزي فهمت عن ماذا سنتحدث.

الكرات الطويلة، مهد كرة القدم كما يحب أن يعتبرها الإنجليز، هاري كين كما أسلفنا لا يدخل منطقة الجزاء كثيرًا، إذًا هو رفقة ديلي آلي سيكونا في المنطقة التي تتوسط خط الوسط والهجوم، أحدهما سيلعب دور المحطة باستلام الكرة الطويلة، والآخر سيتحرك بحثًا عن المساحة والفراغ، وستظل هذه الخطة تحدث مع تبادل الأدوار كلعبة الكراسي الموسيقية، مرة يكون هاري كين بالكرة ومرة بدونها، ونفس الحال بالضبط مع آلي، وهكذا…

على ما يبدو هذا حلًا جيدًا لتصل الهجمة إلى تلك المنطقة التي تحدثنا عنها، لكن في وجود توريرا وتشاكا، وفي حال وجود ضغط مبكر من الرباعي الموجود في الأمام بإضافة البديل رامسي، فإن هذه المحاولة ستفشل في إيجاد الحل، وستتوقف عند وصول الكرة إلى إما كين أو آلي دون وضع أية تصورات عن المرحلة التي تلي ذلك، والتي يحتاجها بوتشيتينو بالطبع من أجل تسجيل هدف، فعلى أية حال لا يمكن أن تسجل هدفًا من 40 مترًا مثلًا إلا في حالات تحدث مرة كل عشر سنوات تقريبًا.

شابوه أوناي إيمري

الفوز بأربعة أهداف لهدفين ليس سهلًا على الإطلاق، وتحقيقه في ديربي أمام توتنهام يجعل الأمور أكثر صعوبة، إلا أنه على أية حال يظل آرسنال في المركز الرابع، ويظل هذا الصراع المحتدم على مقعد أوروبي معقدًا أكثر مما يتخيل أحدهم، الأمور في إنجلترا ليست بهذه السهولة على أية حال.

من الممكن لآرسنال أن يكون بطلًا، لكن ليس هذا العام، بالأحرى ليس بهذه الأسماء، المشروع جيد جدًا، ويستحق المغامرة أكثر بأسماء أخرى أكثر جودة في بعض المراكز، البناء ليس مرحلة سهلة خاصة بعد أعوام أخيرة بلا ملامح كانت كفيلة بقتل الكثير من الأشياء بداخل هذا النادي.

في جميع الأحوال رحلة أوناي إيمري يبدو أنها ستكون فوق مستوى التوقعات، حتى بدايتها هذه التي يبدو أنها ستكون بلا بطولات ستكون أفضل مما توقع الكل، على الأقل أصبح هناك إمكانية لحصدها مستقبلًا، وعلى الأقل أيضًا سيخرج آرسنال من مرحلة فينجر إلى مرحلة أخرى بلا انهيار، وإذا اعتقدت أنه أمرًا عاديًا فانظر في مانشستر يونايتد، الفريق الذي تركه السير أليكس فيرجسون بطلًا وغادر منذ 6 سنوات، ولم نسمع عنه خبرًا إيجابيًا من يومها وحتى اللحظة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى