يوفنتوس وإنتر.. سباليتي والتي نقضت غزلها

 

تحليل-يوسف حمدي

إذا كنت تبحث عن جديد فآسف لإخبارك بأنك ضللت الطريق، نحن هنا لإعادة أشياء ماتت تكرارًا، وفي كل مرة نجد أنفسنا مجبرين على إعادتها لأنها تتكرر بحذافيرها، يقولون أنه من الصعب أن يقع شخص ما في نفس الفخ مرتين إلا إذا كان أحمقًا، يبدو أنهم كانوا على خطأ، أو أنهم هم الحمقى ولا يشعرون، لقد صدر (فرمان) جديد يفيد بأن تكرار الحماقات بات جزءًا من التكتيك.

هنا مباراة تكررت في الموسم الماضي بين نفس الخصمين، وتكررت هذا الموسم بين أحدهما وخصم آخر يدعى توتنهام، وتكررت بينهما في مباريات لم تكن بنفس الأهمية لذلك لم تأخذ نصيبها من الأضواء، وخلف كل ذلك هناك رجل ثابت في المعادلة لا يتغير، يجد متعة لا نعلم لها مصدرًا في تكرار نفس الشيء، على الأرجح هو نفسه لا يعلم ما المتعة في ذلك.

في العام الماضي تقدم إنتر على يوفنتوس بهدفين لهدف في ملحمة كبرى بعشر لاعبين، فقرر سباليتي سحب إيكاردي وإتاحة الفرصة للاعبي يوفنتوس للتقدم أمام عشر لاعبين، فانقلب الوضع رأسًا على عقب وفاز يوفنتوس، وفي الديربي الأخير رأى سباليتي أن وجود بوليتانو يعطل جبهة كاملة لدى يوفنتوس، ويخلق ما لا يقل عن ثلاثة أرباع خطورة إنتر في اللقاء، بالطبع لا تحتاج لأن أخبرك ماذا فعل سباليتي حين رأى ذلك.

السر وراء الأطراف

بناء على مبدأ التناوب على الخطط الذي أرساه أليجري قبل بداية الموسم، بدأ الرجل بالـ 4/3/1/2 بوجود ديبالا كقاعدة مثلث سفلى خلف رونالدو وماندزوكيتش، في الوسط بيانيتش كقاعدة مثلث أخرى خلف بينتانكور وماتويدي، ورباعي دفاعي مكون من بونوتشي وكيليني ودي تشيليو و كانسيلو، بالطبع سيلعب دي تشيليو على اليسار، لا، كانسيلو هو من سيقوم بهذا الدور، وسيلعب دي تشيليو على الجهة اليمنى.

على الجانب الآخر سباليتي بدأ بالـ 4/3/3 التقليدية، خط الدفاع كما اعتدنا عليه باستثناء إشراك ميراندا بدلًا من دي فري، و فيرزاليكو كظهير أيمن بدلًا من دي أمبروزيو، وهو أمر بديهي لكل سكان الكوكب عدا سباليتي بالمناسبة. في الوسط تغيرت الأسماء قليلًا، جاليارديني كمحور وأمامه بروزوفيتش وجواو ماريو، ثم يتضح لك أن المحور هو بروزوفيتش وأن جاليارديني سيشارك جواو ماريو في الزيادة مع الجناحين، الجناحين اللذين هما بيريزيتش وبوليتانو يتوسطهما إيكاردي، الأمور تشبه الطبيعي إلى حدٍ كبير بلا مفاجآت.

لماذا كانسيلو على اليسار؟ لأن الخطورة كلها أتت من ناحية بوليتانو، بيريزيتش بدون كرة يؤدي أدواره بشكل جيد، أما بالكرة فهناك مشكلة منذ كأس العالم لم يتوصل احد إلى أسبابها، نعود إلى بوليتانو، سباليتي اعتمد اللعب الطولي المباشر، بروزوفيتش يعود إلى بين قلبي الدفاع ويستخلص من الخلف، وبروزوفيتش يبدأ الخروج بالكرة رفقة شكرينيار، وبروزوفيتش ينقل اللعب ناحية بوليتانو تارة ويحاول مباغتة دي تشيليو بكرات في ظهره جهة بيريزيتش تارة أخرى، الخلاصة أن كل شيء يتعلق بإنتر لم يخلُ من بوليتانو ولا من بروزوفيتش.

على أوراق أليجري تجد تفسيرًا لذلك، الرجل يلعب بدون كوستا وكوادرادو، رونالدو وماندوكيتش يتطرفان يسارًا، وديبالا في بعض الأحيان يذهب يمينًا، ولكن الانطلاقات لا تبدأ من الطرف لأن بوليتانو وبيريزيتش يعطلان من صعود الأظهرة، ولأن حل الأجنحة البديهي متروك على دكة أليجري حتى إشعار آخر.

“تشكيل الفريقين – هوسكورد”

إنتر أفضل؟

هنا سنضطر إلى الخروج عن النص قليلًا، نحتاج لأن نعطي سباليتي حقه في البداية الجيدة، أو بالأحرى نحتاج إلى بلورة البداية الجيدة حتى يتيح ذلك لنا الفرصة لبلورة عملية إفسادها بواسطة نفس الرجل، الأطراف مغلقة على يوفنتوس كما أسلفنا بفعل الضغط الذي يمارسه بوليتانو وبيريزيتش، والعمق مغلقٌ أيضًا بحكم أننا في إيطاليا بالطبع، يوفنتوس يحاول الاختراق عن طريق العرضيات، تلك التي يضطر رونالدو لأن يكون هو المرسل لها، نظرًا لفشل الأظهرة في الصعود ولجلوس كوستا بجوار أليجري خارج الخط، الحل الآخر سيكون في ماتويدي وبينتانكور، تقدم الثنائي سيسمح لديبالا وماندزوكيتش ورونالدو بالدخول إلى الصندوق، ولكنه سيخلف مساحات كارثية لن تمر خاصة مع جودة مرتدات الإنتر وسرعة أطرافه.

بينتانكور يمينًا وماتويدي يسارًا، واجبات دفاعية ممتازة خاصة من الأول، وتقدم هجومي حذر خوفًا من المساحات، على الجانب الآخر بروزوفيتش يفعل كل شيء، يقطع الكرات ويوصلها ويتحرك بين الخطوط وبداخلها ويصنع الهجمات ويفسدها، ويترك لجواو ماريو وجاليارديني مهمة إيصال الكرة لبوليتانو وبيريزيتش، أو لبوليتانو فقط بمعنى أدق، الرجل الذي يتكفل بكل شيء حتى يصل إلى حائط السد الموجود عند منطقة الجزاء، فيضطر إلى إرسال كرة عرضية غالبًا تكون بلا عنوان، وتتكرر الفعلة في كل مرة نظرًا لأن بيريزيتش لا يجيد أي شيء بالكرة هذا الموسم، ولأن خلفه أسامواه الذي يتفنن في مراوغة نفسه والسقوط على وجهه في كل مرة تلمس أقدامه فيها الكرة.

المحصلة النهائية أشارت إلى أن إنتر وصل إلى منطقة جزاء يوفنتوس في 8 مرات، وأصاب القائم في مرة ويد تشيزني في مرتين وكان قريبًا من كليهما في ثلاث مرات تقريبًا، بينما اكتفى يوفنتوس بمحاولات رونالدو بعيدة المدى، وعرضيات رونالدو التي من المفترض أن ينتظرها الدون نفسه بالداخل لا العكس، ولم يختبر هاندانوفيتش سوى في كرة من ركلة ركنية، بالطبع تود أن تسأل كيف وصل يوفنتوس إلى مرمى إنتر طالما كانت كل الطرق مغلقة، لا تقلق، ستجد الإجابة أسفل السؤال مباشرة.

“أماكن الاعتراضات والتي توضح ميل الملعب للناحية اليسرى لليوفي – هوسكورد”

 ماذا فعلت يا جوارديولا!

جوارديولا؟ نعم جوارديولا، الرجل الذي أرسى قواعد البناء من الخلف كمسلمات، الكرة ستخرج من حارس المرمى فصاعدًا، لا أحد يشتت، الكرة لا تعلو عن الأرض في الـ 30 المتر الأولى من الملعب، نحتاج إلى حارس مرمى وقلبي دفاع يتمتعان بقدرة على لعب الكرة على الأرض، فلسفة جميلة حقًا ولكن فقط في حال وجد من يستطيع تطبيقها.

تحت الضغط سيخرج إنتر بالكرة بنفس الطريقة المذكورة، إلا أن هناك جواو ميراندا وكوادو أسامواه، الأول سيتفنن في الاستعراض داخل منطقة الجزاء، والثاني سيستلم الكرة ويدور حولها وينظر إلى الأرض ويدفع لاعبي الخصم ظنًا منه بأن ذلك جزء من التحضير، في الحقيقة لاعبو إنتر كانوا متعاونين إلى أقصى درجة، ولم يرضوا بفشل يوفنتوس في عملية بناء اللعب، وكانت أغلب اللقطات التي وصل فيها يوفنتوس إلى الثلث الأخير قبل الدقيقة 60 بفعل هدايا لاعبي إنتر لا أكثر.

في لقطات كتلك كنا نحتاج بالفعل إلى جوارديولا نفسه لكي يشاهد كيف يخرج إنتر بالكرة، الرجل الذي استغنى عن جو هارت بحجة أنه لا يلعب جيدًا بقدمه، صراحة كنت متشوفًا لرؤية رد فعله على ما يفعله أسامواه وميراندا بالكرة في مناطفهم.

فقرة التبديلات برعاية سباليتي

هنا يمتلك سباليتي أكثر من خيار، خيار إقحام كيتا بالدي المتألق أخيرًا بدلًا من بيريزيتش، واستغلال تراجع دي تشيليو بتكثيف الضغط عليه بواسطة جناح مهاري، وإما إقحام لوتارو مارتينيز كمهاجم ثانٍ من أجل زيادة عدد اللاعبين الموجودين داخل منطقة الجزاء أثناء عرضيات بوليتانو الغزيرة، المهم أن تبقي اللعب على الأطراف بعد إثبات جودته، الحل سيدور فقط حول كيفية تكثيف الضغط وزيادة الحلول من هناك لا أكثر.

كانسيلو مختفي تمامًا لأنه مكلف برقابة بوليتانو، وبيريزيتش أرهق دي تشيليو بتحركاته الكثيرة حتى وإن كان سيئًا بالكرة، سباليتي يقرر في هذه اللحظة استعادة سيناريو الديربي الماضي، حين أراح دفاعات اليوفي من ضغط إيكاردي، ليكرر فعلته مرة ثانية بسحب أخطر لاعبي الفريق بوليتانو، وإقحام من؟ بالدي؟ لوتارو؟ لا، فاليرو سيدخل وسيتحول الرسم إلى 4/4/2 بعد دخول بيريزيتش في العمق كمهاجم ثانٍ، ليتيح لوتشيانو الفرصة لكانسيلو ودي تشيليو للتقدم، ولأليجري في حال أراد زيادة الضغط بإقحام دوجلاس كوستا، ولرونالدو للتحرك في أي جزء يريده من الملعب.

المنطق كان عادلًا، وفي أول لقطة بعد خروج بوليتانو تحرك كانسيلو على اليسار مرسلًا عرضيته ناحية ماندزوكيتش، الذي تحرك بدوره خلف أسامواه الأليف الذي لا يؤذي أحدًا، قبل أن يلعب الكرة برأسه في شباك هاندانوفيتش، 1/0 ليوفنتوس وأنت تعلم عزيزي أن تعويض هذه النتيجة مع أليجري ليس هينًا أبدًا.

عد المباراة صرح سباليتي بأن نزول فاليرو كان هدفه زيادة الكثافة في وسط الملعب، وفي نفس الوقت تحرير جواو ماريو من الواجبات الدفاعية، في الحقيقة الرجل لم يكذب، هو بالفعل حرر جواو ماريو وكانسيلو ودي تشيليو ووبينتانكور من الواجبات الدفاعية، الرجل قرر أن يحرر الجميع في لافتة إنسانية يستحق عليها الاحترام من قبل جماهير يوفنتوس بالطبع.

في النهاية دخل بالدي، ودخل بعده لوتارو، ولكن سبق وأن تحدثنا أن العودة في النتيجة أمام أليجري ليست هينة، وسبق وأن أسلفنا أن بوليتانو كان عنصر الخطورة الأنشط، دخول الثنائي جاء في وقتٍ ذهبت فيه المباراة إلى الكفة الأخرى، الحديد كان ينتظر طرقه ساخنًا ولكن سباليتي تركه حتى يبرد تمامًا، وحين برد استعاد صلابته وأصبح من الصعب التعامل معه مرة أخرى.

سباليتي في الديربي الثالث له بدا أفضل من يوفنتوس، وكاد يتفوق على أليجري أو تفوق عليه بالفعل، حتى أتى الحين الذي يقرر فيه الرجل هدم كل شيء، يقرر أن يبدو دائمًا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة، يحب القرارات الحمقاء التي تستحق الاعتذار في المؤتمر الصحفي بعدها، إلا أنها تتكرر بكل سهولة في المواعيد التالية والتالية والتالية، في انتظار هدية القدر التي تأتي لتنقذه في كل مرة، والتي يوم تنقطع سيكون السقوط مدويًا كما يحدث في مثل هذا السيناريو دائمًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى