أخر الأخبار

فيدال.. عازف “الدرامز” في فرقة برشلونة

 

تحليل: أحمد مختار

“لماذا لم تفز هولندا بألقاب رغم أجيال كرويف وفان باستن وصولا لك؟ تم توجيه هذا السؤال للهولندي الرائع دينيس بيركامب، فكانت إجابته على النحو التالي، “لأن كلنا من نوعية واحدة، كل لاعب في هولندا هو موهوب صاحب تقنية عالية، لكن التنوع قليل داخل الفريق، مثال على ذلك، العرقلة باتت مهمة في كرة القدم، ونحن لا نفعل ذلك!”.

هكذا جاوب دينيس بيرجكامب عند سؤاله عن منتخب هولندا وأوجه القصور، صحيح أن الحظ لعب دورا خالدا في عدم فوز الطواحين بأكثر من بطولة، لكن تلك الإجابة يمكن تلخيصها بطريقة أفضل عندما تحدث العراب يوهان كرويف في فيديو شهير خاص بالدريم تيم 92 وما قبلها وما بعدها، وقتها كان يدافع عن قرار تعاقده مع باكيرو، اللاعب الضعيف فنيا والقوي بدنيا، مقارنة بأقرانه وزملائه، لاودرب وبيب وستويشكوف وبقية الجيل.

يوهان قال بأن فعلا هو يؤمن بالمهارة أولا وثانيا وثالثا، لكنه أيضا في حاجة إلى لاعب فوضوي بعض الشيء، يفيدك أثناء التحولات، ويخدمك في بعض الأوقات المعقدة، فيما يعرف تكتيكيا بالتنوع، وهذا ما جعل جوارديولا كمثال يفكر في فيدال نفسه مع بايرن، ثم انتقال نفس اللاعب إلى برشلونة خلال الميركاتو الصيفي.

جاء البرازيلي باولينيو إلى برشلونة منذ قرابة العام، صفقة غريبة بدأت وانتهت دون سابق إنذار، لكنه قدم مردودا جيدا على مستوى الأرقام في النصف الأول من الموسم، قبل أن تنخفض لياقته وتزيد الحاجة لإبتكاره، وهو ما يفتقده اللاعب بالتأكيد. يمكن التغاضي عن سيئات البرازيلي بسبب عامل التنوع وتسجيل الأهداف. لقد أضاف قوة بدنية مطلوبة في بعض المباريات، مع ضغط قوي ضد الريال في كلاسيكو 3-0، وأكثر من هدف أعاد برشلونة في الليجا.

مقارنة فيدال بباولينيو ظالمة للشيلي، لأنه أفضل كثيرا، أقوى دفاعيا، أميز في التمرير، ويملك جودة فنية أعلى. هو يعطيك حلول أخرى كضبط التحولات الدفاعية، الافتكاك والعرقلة، الضغط في نصف ملعب الخصم، وبالتأكيد الزيادة العددية من الخلف إلى الأمام، للتسديد والتسجيل، على طريقة “البوكس تو بوكس”، أو حتى لاعب الوسط المتقدم المائل يمينا أو يسارا.

مع كل هذا التنوع والإضافة، لا يزال برشلونة مفتقدا لشيء ما في الوسط، لأن الفريق عندما يلعب برسم 4-3-3 فإنه يترك مساحات كبيرة في التغطية. إنها ضريبة الضغط العالي الذي يطبقه فالفيردي هذا الموسم، صحيح أنه مفيد في أوقات عديدة، لكن بمجرد ضربه فإن الدفاع يكون سهل اختراقه، نتيجة تباعد المساحات وصعوبة تغطية الارتكاز لهذا الكم من الفراغات.

نتيجة لهذا الخلل، فإن الفريق قدم أفضل مستوى ممكن، حينما لعب بشيء قريب من 4-4-2، بالاستغناء عن أحد لاعبي الهجوم، في سبيل وضع لاعب وسط رابع، أشبه بالريشة، لكي يكون خيار تمرير إضافي أمام لاعبي الوسط عند البناء من الخلف، وأفضل مساند ممكن لثلاثي الارتكاز عند الضغط المتقدم.

أمام إسبانيول لعب الفريق برسم قريب من 4-3-3، لكن مستوى ديمبلي المثالي عاد بالإيجاب على الفريق، من خلال قلة فقدانه للكرة، عودته للخلف لمساندة ألبا، مع ضغطه الإيجابي على دفاع إسبانيول جنبا لجنب مع سواريز، مما جعل هناك ثلاثة لاعبين بالمنتصف لا إثنين كما جرت العادة عند الضغط الأمامي، لتكون التحولات أفضل من دون الكرة.

ملاحظة قد تبدو مهمة، كل هذا لم يكن أفضل، من دون أرتورتو فيدال!

فيدال لاعب يجبرك على احترامه، مسيرة عظيمة، صعب تكرهه أو تقلل منه، سيعطيك حلول أخرى، كل هذا شيء عظيم، لكن بالتأكيد لديه بعض النواقص في طريقة لعب برشلونة، سواء في صعوبة خروجه بالكرة تحت ضغط، مما يجعل الوسط في حاجة إلى لاعب مثل أرثور عندما تلعب بثلاثية “فيدال، راكيتتش، بوسكيتس” كما حدث أمام أيندهوفن. بالإضافة لصعوبة لعب التمريرات الكاسرة للخطوط بالثلث الأخير، على غرار إنييستا كمثال.

مع هذه العيوب أو النواقص، يبقى فيدال عنصرا مهما وإضافة حقيقية، لأنه يقدم شيء مهم في عالم التكتيك، ألا وهو “التنوع” المطلوب، أن يكون لديه أكثر من “بروفايل” داخل الملعب، وأن تكون مختلفا من دون الكرة، لأن معظم لاعبي برشلونة لديهم ميزة الحيازة، لكنهم يعانون كثيرا من غيرها، والمحارب الشيلي يفيد بالتأكيد في هذا الجانب.

يضغط أرتورو بقوة، يفتك عدة كرات في نصف ملعب المنافس، يعود إلى نصف ملعبه لكي يغطي بجوار الظهير، وينطلق للأمام في حالة الاستحواذ، حتى يصبح مهاجم إضافي بجوار سواريز، مع ميزة ألعاب الهواء وقنص الكرة الثانية في العمق، كل هذه الصفات جلبها فيدال لبرشلونة. لاعب مثل أرثور أكثر قيمة على مستوى الحيازة والبناء من الخلف، والشيلي يضيف أمورا أخرى.

يلعب اللاتيني بكل قوة من الدقيقة الأولى حتى الأخيرة، يساهم في الضغط، الافتكاك، الارتداد، التحولات، وبالتأكيد الرغبة في تسجيل الأهداف. ورغم كبر سنه ودخوله متأخرا في التشكيلة الأساسية، إلا أنه اندمج سريعا مع المجموعة، ويستطيع اللعب أساسيا في الفترة المقبلة، حتى بعد عودة أرثور من الإصابة.

أولا عن طريق المداورة لاختيار ثلاثي من الرباعي “فيدال، أرثور، بوسكيتس، راكيتتش”، وثانيا باللعب مكان راكيتتش كلاعب وسط مائل لليمين، حتى يعود للتغطية بجوار سميدو دفاعيا، ويصعد من دون الكرة كلاعب حر من الوسط إلى قلب منطقة الجزاء، خصوصا عند استلام ميسي في المركز 10، لتعويض نقص الإبداع عند فيدال في التمرير، بكونه أقرب إلى خيار مميز “أوتليت” أمام الأرجنتيني، إما للحصول على الكرة في مناطق خطيرة، أو حتى مجرد خلق الفراغ لتوغل الرقم 10 من دون مشاكل.

“أعترف بأننا اشترينا أفضل اللاعبين، لكن ليس بالضرورة أن يكونوا هم النوعية التي يحتاجها الفريق وقتها. فريق كرة القدم يشبه فرقة الموسيقى، من الممكن أن تضم أشهر عشرة عازفين لآلة الغيتار، لكن عازف الدرامز “طقم الطبول” غير موجود، وبالتالي لن تنجح أبدا المقطوعة الموسيقية التي ينتظرها الجمهور بفارغ الصبر”، تصريح قديم تم تحريفه بواسطتي لأحد المدربين، في صحة التنوع. وفي حالة برشلونة فيدال أقرب إلى عازف “الدرامز” الذي يحتاجه ميسي ورفاقه في عديد المباريات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى