أخر الأخبار

نابليون جاياردو.. كلمة السر وراء بطولات فريق المليونيرات

 

تحليل: أحمد مختار

من فريق هابط نحو الدرجة الثانية، إلى بطل كوبا ليبرتادوريس مرتين في آخر أربع سنوات. كل شيء مرتبط بقيمة ريفر بليت، تاريخه، شخصيته، جمهوره، لكن بالتأكيد جزء رئيسي من هذا النجاح يعود إلى الطاقم الفني، المجموعة التي طورت قدرات اللاعبين، وأدخلت نظاما تكتيكيا محكما، ليصبح الريفر أفضل فرق قارة أميركا الجنوبية، من حيث الجماعية، الاستحواذ، التمركز، وسطوة الوسط.

صاحب الوجه الطفولي يستحق الشكر. مارسيلو جاياردو، نجم الفريق خلال حقبة التسعينات، واللاعب الذي زامل أساطير النادي، أورتيجا، كريسبو، إنزو فرانشيسكولي، سالاس، وفاز معهم ببطولات عديدة يتذكرها كل عشاق نادي “المليونيرات” في الأرجنتين.

مارسيلو جاياردو

تتلمذ المدرب الشاب على يد كبار مدربي الكرة الأرجنتينية، مارسيلو بييلسا، باساريلا، وأليخاندرو سابيا. إلا أنه يحاول دائما وضع بصمته الخاصمة، من خلال المحافظة على الضغط القوي واللعب العمودي، مع إضافة صبغة دفاعية على تكتيكه، ليصبح متوازنا إلى حد كبير، خصوصاً في مباريات خروج المغلوب بالبطولة القارية، لذلك حقق ريفر نتائج مبهرة في ليبرتادوريس عكس ما عُرف عنه في فترة ما قبل 2014، وقت تولي مارسيلو تدريب الفريق الأول.

في تقريرها عن أفضل مدربي العالم خلال عام 2017، وضعت صحيفة “فور فور تو” جاياردو في المركز 18. “نابليون جاياردو”، هكذا تصفه الصحافة الأرجنتينية لأنه يحقق البطولات أينما حل. الدوري الأوروجوائي مع ناسيونال، ثم فاز بتسع بطولات مع ريفر بليت في أربع سنوات، من بينهما ليبرتادوريس، سود أمريكانا، سوبر أميركا الجنوبية، كأس الأرجنتين. المثير للاهتمام أن كل تلك الانتصارات امتزجت بالكرة الجميلة، التكتيك المتجدد، والاستحقاق داخل الملعب.

مثله مثل الكثيرين غيره، تأثر جاياردو في فترة لعبه وحتى ببداياته التدريبية باللوكو الأرجنتيني مارسيلو بييلسا، الرجل الذي ترك إرثا كرويا كبيرا رغم عدم فوزه ببطولات عديدة. يقول قائد ريفر في حوار قديم،”بييلسا رجل يفهم كرة القدم من منظور عميق، يهتم بتفاصيل لا تدركها. شئت أم أبيت فإنك تتأثر به، خصوصا في طريقة دراسته للخصوم، واهتمامه بكل كبيرة وصغيرة عن تمركز وتحرك لاعبيه”.

يطمح جاياردو إلى الاستحواذ والسيطرة، لذلك فإن فلسفته شبيهة بغيره من المدربين الهجوميين في المبادرة، لكنه لا ينتهج إستراتيجية الضغط العالي في كل مراحل اللعب، ليفضل الهجوم المنظم والبناء من الخلف، مع وضع كامل تركيزه على خط الوسط، من خلال الدفع بأفضل المهارات لديه في هذا المكان، حتى يستطيع التحكم في نسق المباريات الكبيرة، بكثرة التمريرات وتنوعها، بالإضافة لخلق الفرص عن طريق الأطراف والعمق، دون استهلاك لياقة لاعبيه بوضعهم في نصف ملعب المنافس باستمرار، كما يفعل أستاذه القديم بييلسا على سبيل المثال.

ريفر بليت مع مارسيلو فريق مهاري، يخلق الفرص بالقدرات الفردية والانتشار السليم، عن طريق التحكم بالنسق، واستخدام التمريرات القصيرة، وبناء كل شيء من عمق الملعب، لكنه ضعيف بوضوح دفاعيا، ويعاني من خسارة الصراعات الفردية بالقرب من مرماه.

في 2015، لعب الفريق برسم قريب من 4-4-2 ومشتقاتها، الخطة اللاتينية الأشهر خلال السنوات الأخيرة. واستخدم جالاردو هذا التكتيك بشكل مختلف، من أجل الاستفادة القصوى من مركز لاعب الوسط المتقدم، الذي يقوم بصناعة اللعب على الطريقة القديمة، بوجود لاعب ارتكاز دفاعي صريح من رباعي الوسط، مع تواجد ثنائي بين العمق والطرف، وأمامهم بيسكوليتشي، الداعم الرئيسي للمهاجمين في الأمام.

خطة 4-4-2 الأرجنتينية تتحول أثناء الهجوم إلى ما يشبه 4-1-2-1-2، رباعي دفاعي، لاعب ارتكاز، ثنائي وسط، ثم صانع لعب فثنائي هجومي بالأمام. وفي الحالات الدفاعية، يطبق جالاردو تكتيك دييجو سيميوني المفضل، بالعودة إلى رباعية الوسط، ثنائي ارتكاز بالعمق، مع ثنائي على الأطراف يضم على البقية، مع عودة المهاجمين إلى الخلف بضع خطوات.

تتويج ريفر بليت بكوبا ليبرتادوريس 2018

يهتم جاياردو كثيرا بالوسط. يقول في حوار قديم،”اللاعبون الذين يفكرون بشكل أفضل وبسرعة أكبر، هم الذين يصنعون الفرق. أود أن أقول إننا نذهب إلى الميدان للتعبير عن الكرة التي نؤمن بها، أن نستحوذ ونسيطر ونصنع الفرص دون توقف”. لا غرابة أبدا في لعب ريفر بليت هذا الموسم بأكثر من رسم، إما 3-4-2-1 أو 3-4-1-2 أو حتى 4-3-3، ومشتقاتها كما حدث في نهائي البرنابيو ضد بوكا جونيورز.

في كل الأحوال هناك الثنائي بيريز وبالاسيوس بالمنتصف، من أجل التحكم في سرعة المباراة، الحفاظ على الكرة وإيصالها من الدفاع إلى الهجوم، تجاه صانع اللعب المميز جونزالو مارتينيز، اللاعب رقم 10 في تشكيلة الريفر، صاحب اللمسة المميزة والممول الأساسي لخط الهجوم، بقيادة رأس الحربة براتو، مع وجود بدائل جاهزة كخوان كوينتيرو، والغائب عن الإياب بسبب الإصابة سانتوس بورا.

ريفر بطل داخل الملعب وخارجه، فريق يسبق أقرانه في أميركا اللاتينية، بفضل مهارة لاعبيه وشخصيتهم، رفقة التطور المذهل على الصعيدين الفني والنفسي، نتيجة عمل المدرب جاياردو وجهازه المعاون. الطاقم التدريبي لبطل ليبرتادوريس يضم مدربة أيضا، على عكس السائد في تلك البلاد. ساندرا روسي، المسؤولة عن التدريب الإدراكي، ونحسين المهارات الإدراكية للاعبين من أجل تعزيز وقت رد الفعل، والتحكم في أعصابهم داخل الملعب وخارجه، وتحقيق فترات أفضل من الاهتمام والتركيز واتخاذ القرارات. خطوة مختلفة في الربط بين الشق الرياضي ونظيره النفسي في عالم كرة القدم.

في النهاية فاز الفريق الأفضل، ووصل ريفر بليت إلى مونديال الأندية بجدارة، مع عين على مدربه وقائده، الرجل الذي سينتقل آجلا أم عاجلا إلى أوروبا، لتجربة حظه مع إحدى فرق الدوريات الكبيرة، ومحاولة إعادة تجربة سيميوني الرائدة مع أتليتكو مدريد، لكن بصبغة هجومية واضحة، لأن جاياردو كما يعرف بنابليون لانتصاراته، فإن الصحافة الأرجنتينية لقبته أيضا بجوارديولا أميركا، حيث أن ريفر معه يلعب أفضل كرة قدم في القارة الجنوبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى