أخر الأخبار

كيلليني.. آخر ما تبقى من عصر المدافعين القدامى!

 

تحليل-أحمد مختار

لم يتواجد ضمن تشكيلة العام، ولا تراه في قوائم الكرة الذهبية مثل غيره، لكنه يقدم مستويات ثابتة منذ فترة طويلة، ويمكن القول بأنه واحد من أفضل ثلاثة لاعبين في يوفنتوس هذا الموسم، إنه جورجيو كيلليني قائد السيدة العجوز، واللاعب الذي يستحق وصف “مدافع” لا لاعب خلفي، كغيره من أشهر الأسماء بالوقت الحالي، والتي تترشح لنيل الجوائز، إما بسبب أهدافها، أو البطولات الكبيرة لفرقها ومنتخبات بلادها، وبالتأكيد لأنها أقرب إلى الإعلام وصناع القرار من غيرهم.

في البداية لا بد من توضيح الفرق بين بين اللاعب الخلفي الكبير والمدافع الكبير، بلغة التكتيك فارق بين الـ CB والـ Defender، راموس على سبيل المثال ليس من الأعظم كمدافع، لكنه من الأعظم كلاعب خلفي مؤثر” بمعنى أنه آخر لاعب في ملعب فريقه، يسدد ويسجل أهداف عديدة مؤثرة، في أوقات يحتاجها مدربه، يجيد بشدة الصعود في الوقت المناسب، وقوي في الجمع بين الخلف والأمام.

هو لاعب خلفي “مؤثر”، لكنه كمدافع، له أخطاء وهفوات قوية، ليس بسبب هدف أو ضربة جزاء تسبب فيها أو خلافه، بل هنا الحديث على مستوى التمركز الدفاعي، والتغطية خلف زميله، رفقة التفاهم بينه وبين حارس المرمى، مع فقدان التركيز أمام مرماه. لتوضيح أبعد تعاقد المان سيتي مع ستونز، تحدث جوناثان ويلسون عبر صحيفة الجارديان، عن مدى مناسبة المدافع الجديد لطريقة لعب جوارديولا، صحيح أنه يحتاج إلى قوة أكبر في الافتكاك والقطع وخلافه، لكنه مميز في أمور أخرى كالتمرير، الصعود بالكرة، لذلك هو “سنتر باك” أكثر منه مدافع صريح.

إذا من هو قلب الدفاع الكلاسيكي؟ أو قلب الدفاع وفق التعريف المجرد للكلمة؟ إنه نيمانيا فيديتش لاعب مانشستر يونايتد السابق. مدافع قوي في المهام والوظائف الدفاعية الرئيسية، لكنه ضعيف بالكرة كذلك لا يسجل أهداف مثل غيره. ممتاز في الرقابة رجل لرجل، يعرف كيف يتمركز داخل منطقة الجزاء. أرقامه قوية على مستوى العرقلة، الافتكاك، الحجز، قطع الكرات، وبالتأكيد يمكنه رقابة المهاجمين أو حتى التغطية خلف زميله الآخر في حالة ارتكابه الهفوات. باختصار شديد أن يؤدي الوظائف الأولى والرئيسية لقلب الدفاع في التكتيك، أن يحمي مرماه أولا، ويفكر في منع الهدف لا تسجيله.

كلليني آخر ما تبقى من عصر المدافعيين القدامى، مدافع حقيقي، لا يسجل أهدافا كثيرة، ولا يجيد البناء من الخلف، وتمريراته مقبولة إلى جيدة، لا أكثر ولا أقل، وبالتأكيد لا يتحول إلى الطرف كظهير، أو يتم استخدامه في بعض المباريات كارتكاز، وعندما تتعقد الأمور فإنه آخر لاعب يمكنه التسجيل في المباريات المصيرية. كل هذه النقاط تعتبر سلبية في التكتيك الجديد، لكنه في المقابل يحمي مرماه من الأهداف، يغطي خلف زملائه، يقلل من خطورة مهاجمي الخصم، ويقوم بدور الليبرو أمام مرماه، ولديه أرقاما مبهرة على الصعيد الرقمي دفاعيا.

تطور مستوى الإيطالي بالسنوات الأخيرة، زادت خبرته وثقله داخل الملعب، واستفاد كثيرا من المدربين الذين تولوا قيادة اليوفي، خصوصا الثنائي أنطونيو كونتي وماسيمو أليجري. الأول هو “الماستر” في التكتيك، يهتم بالتفاصيل الصغيرة والمعقدة، وناجح في تطوير القدرات الفردية للاعبيه، لذلك تحول كيلليني معه من مدافع جيد إلى آخر أفضل، وأصبح شديد الحرص على ضبط تمركزه من دون الكرة، ليصبح واحد من أفضل المدافعين في موقف 1 ضد 1، لتكون من مهامه الرئيسية رقابة الهدافين.

المدرب الثاني “أليجري” صريح، يعطي تعليماته بصورة مباشرة. تطورت معه منظومة اليوفي على الصعيد التكتيكي، ليصبح الفريق أفضل جماعيا، ذو شخصية كبيرة في مباريات خروج المغلوب بالأدوار الإقصائية أوروبيا، ليستفيد الفريق بالكامل من هذه الطفرة، وكيلليني واحد من هؤلاء الذين صاروا لاعبين أفضل، ليس فقط محليا كما جرت العادة، ولكن في مباريات دوري أبطال أوروبا، البطولة التي لا تزال عصية أمام السيدة العجوز.

في ديربي تورينو، قدم جورجيو كيلليني مباراة مميزة، وأمام مانشستر يونايتد بالأولد ترافورد، لم يرتكب المدافع أي هفوة، لدرجة أن مورينيو قال في حقه، “إنه أقرب إلى أستاذ في جامعة هارفارد لإعطاء دروس دفاعية مجانية”. الحقيقة أن حديث البرتغالي كان لانتقاد لاعبيه قبل مديح خصمه، لكن ما يقدمه المدافع الإيطالي هذا الموسم جدير بالرصد فعلا، لأنه لا يحمي مرماه فقط، بل يقود خط الدفاع بالكامل، ويقلل كثيرا من هفوات زميله بونوتشي، ويحمي حارسه المهزوز تشيزني، وكأنه حارس مرمى إضافي في بعض اللقطات!

كيلليني ملك الصندوق أمام مرماه، يفضل العودة خطوات للخلف، لا يحب التقدم مثل غيره. يراقب ويعرقل ويحجز كعادته، لكنه بعد رحيل بوفون، أصبح لديه مهام إضافية، أهمهما الحجز أو الوقوف أمام تسديدات المنافس، فيما تعرف بإسم Blocks. على مستوى الإحصاءات، فإن كيلليني أرقامه متنوعة للغاية، سواء في العرقلة، الافتكاك، التشتيت، والأهم تميزه في الصراعات الثنائية وألعاب الهواء، ليكون بمثابة الكابوس لأي مهاجم هداف هذا الموسم، خصوصا إذا كان الصراع بين الثنائي داخل منطقة الجزاء لا خارجها، منطقة نفوذ المدافع ورقعته المفضلة.

هناك أيضا ملاحظة أخرى مهمة للغاية، وهي عودة كيلليني بعض الشيء تجاه مرماه كلما كان المنافس في وضع مثالي للتسديد، ليكون قريب من تشيزني بشدة. بمعنى أن دفاع يوفنتوس يعود للخلف قليلا عند التسديد، وبالتالي يكون أمام الحارس فرصة لرؤية الكرة، وتقل فرصة الأهداف العكسية الناتجة من اصطدام الكرة بجسم المدافع، وتحولها إلى الشباك مباشرة.

مستوى المدافع أفاد يوفنتوس كثيرا هذا الموسم، لكنه لن يكون كافيا للظفر بذات الأذنين، لأن فريق أليجري يحتاج إلى تحسينات عديدة، خصوصا من دون الكرة، فاليوفي يضغط بطريقة عشوائية، تجعل هناك فراغات واضحة بين الوسط والدفاع، كذلك تمثل الجبهة اليمنى صداعا حقيقيا لبطل إيطاليا، لأن كانسيلو يصعد باستمرار للهجوم، وبونوتشي يعاني من انخفاض واضح بالمستوى، لذلك نصيحة لخصوم يوفنتوس، ابعدوا بعض الشيء عن اليسار حيث يتواجد ساندرو وخلفه كيلليني، وركزوا أكثر على الجبهة اليمنى، لأنها نقطة الضعف الرئيسية هذا الموسم.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى