تحليل توووفه: العولقي يهدي منتخب عمان روشتة هزيمة منتخب إيران ..!

 

تحليل- محمد العولقي

يظن بعض من يدعون أنهم فنيون بالوراثة، أن هزيمة منتخب إيران من طرف منتخب سلطنة عمان مسألة مستحيلة، بالنظر إلى فارق الترتيب القاري والعالمي ..

لكنهم مخطئون في حدسهم المبني على معايير ظاهرية قد تكون خادعة، لكن ماذا عن المعايير الباطنية التي لا يراها إلا من كان داهية في مجال الحذق التدريبي ..؟

أقولها – وأنا رجل متخصص في المجال الفني – مباراة إيران وعمان في ثمن نهائي بطولة أمم آسيا، مباراة مدربين بالدرجة الأولى قبل أن تكون مباراة لاعبين ..

يخشى كثير من الفنيين نقاط قوة منتخب إيران، ويرونه من زاوية (القلق) النفسي منتخبا كاملا من مجاميعه يخلو من الثغرات، من الصعوبة بمكان جرجرته إلى حرب استنزافية في مجال المصاقرة الكروية ..

من يتأمل في ظاهر منتخب إيران، ثم يصوره على أنه (غول) يصعب ترويضه، لا يتمعن في ناشازات (الباطن) التي تفضح مساوئ منتخب إيران الخطيرة رغم قلتها ..

في تصوري أن منتخب إيران يرتكز في محيطه على عاملين يشكلان كل قوته، كما أنهما عاملان يحاول مدربه (كيروش) التحايل بهما ومراوغة كل الذين يتلصصون على فلسفة لعب منتخب إيران ..

العامل الأول: بدني بحت، منتخب إيران يبدو قويا جدا من الناحية البدنية، ولا شك أن مخزونه البدني عامل حاسم في ترتيب أوراق المنتخب من الناحية التكتيكية وليس الفنية..

كسب منتخب إيران الكثير من المباريات لأن (كيروش) أحسن استغلال عامل اللياقة البدنية المرتفعة عند لاعبيه، لم يكن هدف منتخب إيران الاستحواذ على الكرة بقدر حرصه على توظيف لياقة اللاعبين البدنية للعب على أخطاء الخصوم.

بدون شك يدرك مدرب منتخب إيران (كيروش) أن تكتيك المنتخبات الآسيوية ضعيف للغاية، لهذا لم يأبه ببناء جدار تكتيكي قوي يستند عليه لاعبو إيران الأقل مهارة من الناحية الفنية عن بعض المنتخبات الآسيوية.

ظل (كيروش) يلعب بورقة المخزون البدني الذي يقود إلى توازن نفسي ينسجم تماما مع مؤهلات لاعبي إيران الفنية والقليلة على أية حال.

الصبر .. توظيف أساسي في معادلة كيروش ..

العامل الثاني: يتعلق بالصبر، فمنتخب إيران لا يركض خلف هدف سريع يخفف أعباء الضغط النفسي على اللاعبين، على العكس يبدو صبورا وغير متسرع في البناءات الهجومية ..

الواقع أن (كيروش) يعلم تماما أن الإيقاع الإيراني البطيء نسبيا لا يمكن التغلب عليه إلا بالبحث عن ثغرات أو نقاط ضعف للمنافس، لهذا السبب يبدو منتخب إيران صبورا وهو يترك المبادرة للخصوم..

يهتم أولا بالبناء الدفاعي قبل أن يحدد خياراته الهجومية، ثم الاستفادة من نقاط قوته المحفوظة عن ظهر قلب، كرات جانبية – من ركنية أو خطأ طرفي- ثم ترسل كرة (بالونية) في الهواء، فينقض لاعبو إيران طويلو القامة لتسجيل الهدف ..

نجد أنه من النادر أن يسجل منتخب إيران من العمق، وتظل قوته الضاربة تتأسس على مبدأ اصطياد أخطاء الخصوم، أما حين تغلق الممرات ويحسن التعامل مع كراته الجانبية فإن منتخب إيران يصاب بانقباض يلغي كل امتيازاته السابقة، ولمن يريد أن يفك طلاسم منتخب إيران عليه أن يشاهد مباراته أمام منتخب العراق بالذات ..

الانضباط النفسي سيصنع الفارق ..

يقيني أن منتخب عمان يتوافر على لاعبين أعلى فنيا من لاعبي إيران، لكنهم أضعف من الناحية التكتيكية حيث يقل الانضباط تدريجيا مع مراحل كل مباراة، وهذا الضعف طبيعي لأن جرعة منتخب عمان البدنية أقل بكثير من لياقة لاعبي إيران.. (اللياقة البدنية هي من تغذي تركيز اللاعبين طوال المباراة).

ولكي يشعر لاعبو إيران بالاختناق في الممرات بالذات يجب أن يصل منسوب التركيز عند لاعبي وسط عمان إلى أعلى سقف ممكن..

نعم، إذا كان (كيروش) يراهن على التفاصيل الصغيرة في مباراته ضد منتخب عمان، فعلى مدرب عمان (بيم فيربيك) أن يحصن لاعبيه نفسيا، ويزرع فيهم فلسفة الانضباط على مراحل، لا أن يبدأ المباراة بحماس مباغت، ثم تخفت جذوة الحماس مع تدني العامل البدني، المباراة تحتاج إلى خبير ومدرب ذكي يحسن قراءة منتخب إيران للتعامل معه، ثم يضع الحلول لكل طارئ قد يواجه المنتخب في مختلف أطوار المباراة ..

بلا شك، الانضباط النفسي والبدني هو من سيصنع الفارق في مباريات لا ترضى بأنصاف الحلول ..

روشتة هزيمة إيران ..

وفقا لقراءة مباريات إيران في مجموعتها، يمكنني تقديم وصفة دقيقة للإيقاع بمنتخب إيران، لأني أرى عيوبه الكثيرة تدحض من يقول إن فوز عمان على إيران يندرج في خانة المستحيل..

أولا: يجب على خط هجوم عمان أن يكون جريئا في مداهمة دفاع إيران البطيء، وهو دفاع يلعب بالعضلات في غياب المخ، وأي توغل مهاري يعني ركلة جزاء ..

ينبغي أن تكون فاعلية هجوم منتخب عمان في أوجها وفي الفورمة، فمباراة خروج مغلوب من هذا النوع قد تكون مغلقة، وقد تتاح لك فرص قليلة عليك أن تنتهزها ولو كانت أنصاف فرص..

ثانيا: على منتخب عمان أن يحذر الفخ الإيراني، وتجنب اللعب الانفعالي الذي يفقد الفريق حصانة التماسك في الخطوط، يجب أن يدرك (بيم فيربيك) أن غريزة (كيروش) تعتمد على تخدير المنافس، واستدراجه للاندفاع غير المحسوب..

على مدرب منتخب عمان التعامل مع الخبث والاندفاع البدني الإيراني بلغة المنطق الغارق في العقلانية، سواء بالحذر الدفاعي أو تكتل خط الوسط مع المضادات الهجومية، لقد ظهر أن منتخب إيران يفقد هويته تماما عندما تمارس على لاعبيه الضغط الشامل والعالي، ثم جرجرته إلى مباراة فنية و ليست بدنية ..

ثالثا: على منتخب عمان مراقبة القادمين من الخلف عند تنفيذ الكرات المتوقفة، كالضربات الحرة أو الركنيات والكرات العرضية، والقضاء على هذه الكرات يعني هدم المعبد البدني على رؤوس لاعبي إيران، ولكي يحدث هذا لابد من التركيز والحفاظ على القوة الذهنية التي تأتي أصلا من توزيع اللياقة البدنية على مراحل المباراة بعيدا عن الاندفاع غير المحسوب ..

رابعا: يتأسس لعب منتخب إيران على الواقعية التي تعتمد على الجهد والمثابرة والاندفاع البدني والتمرير الطويل والقذف المباشر للمرمى من كل الزوايا، من هنا على مدرب عمان تغليف طريقة لعبه بأسلوب المناورة وسد كل الثغرات في مهمة احتواء طريقة (كيروش) التي فيها الكثير والكثير من بهارات الكرة الأنجلوساكسونية ..

خامسا: يجب على منتخب عمان إذا أراد الإمساك بخيوط اللعبة كلها أن يبتعد تماما عن الدفاع الخطي حتى لا ينشغل خط الوسط بالانكماش الدفاعي أكثر من المناورة وخلق فرص لتحرير الهجوم من الرقابة الإيرانية ..

كيروش

سادسا: على (كيروش) الحذر من الاستحواذ على الكرة دون إرهاق لاعبي إيران طوليا، لأن منتخب إيران يجد نفسه في المباريات التي لا يستحوذ فيها على الكرة، فهو يحرك أشرعته الهجومية على حساب هشاشة الخصم دفاعيا، فحتى أمام اليمن ترك (كيروش) الاستحواذ تماما، ثم راقب البناء الدفاعي اليمني الهش فسجل خمسة أهداف من كرات متوقفة منسوخة بالكربون، لم يكن هناك جانب فردي مهاري في تسجيل الأهداف، فقط عرضيات ورؤوس تضرب بالمنجنيق ..

سابعا: على (فيربيك) أن يثق تماما أن (كيروش) لن يغير أسلوب لعبه، لأنه يظن أن منافسيه انفعاليون وليسوا على مستوى من الذكاء بحيث يقرأون كل نشازات إيران عند الضغط على البناء الفني بالذات، ومن تابع إيران أمام العراق اندهش من مردود لاعبي إيران، لأن (كيروش) ضاع تماما بل تاه في إفراغ منتخب العراق من حصانته الذهنية ومحتواه البدني ..

تفوقت لاتينية العراقيين على أنجلوسكسونية الإيرانيين، وغابت الانتهازية الإيرانية في الوصول للمرمى العراقي، مع إغلاق العراقيين لكل منافذ الكرات العرضية، نقطة تفوق إيران الفارقة ..

ثامنا: نعم هناك فوارق واضحة ومتعددة بين المنتخبين، منتخب عمان يبدو أكثر حيوية، لأن البناء الفني هو الذي يحرك كل مشاعر المواهب العمانية بتلقائية طبيعية، ومنتخب إيران يبدو مصنوعا من حجارة في طريقة لعبه القاسية والمملة، فهو يؤمن فقط بالانضباط وتوجيه اللعب على حسب طريقة (كيروش) ..

لكنه يظل مخلصا لقناعاته السابقة، الحذر الدفاعي .. ترك فرصة المبادرة للخصم أيا كان وزنه، ثم يتكيف مع اللقاء تدريجيا، بعدها يحدد خياراته الهجومية ..

تاسعا: على مدرب عمان (فيربيك) أن يعرف كيف ومن أين تؤكل كتف منتخب ايران؟، فهو ليس منيعا كما يظهر للعيان، ولا حيويا بما فيه الكفاية، إنه منتخب ملامحه تحدد أسلوب لعبه، ولو عرف (فيربيك) كيف يغتال رتم إيران البطيء جدا، سينجح في فتح أبواب جهنم على منتخب إيراني كل فلسفته يستمدها من أخطاء منافسيه وسذاجة رد فعلهم ..

لا جدال، على الورق تبدو كفة المنتخب الإيراني هي الأرجح، لكن من يثق في حظوظه، ويؤمن بأن عوامل أخرى ذاتية وموضوعية تتدخل دائما في مباريات خروج المغلوب، يستطيع ترويض الخصم والتكيف معه والتفوق عليه، ومنتخب عمان بكثير من رباطة الجأش، مع الالتزام بالواجبات، والتخلص من فوضى الوسط الدفاعي قادر على تجريد منتخب إيران من كل مقومات قوته…

المهم ألا ينفعل لاعبو منتخب عمان أمام أول مطب أو إشكال يوضعون أمامه، والتوفيق دائما من عند الله سبحانه وتعالى ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى