فرحة قطرية عربية مستحقة

 

أ.د. حسني نصر

الفرحة الكبيرة التي عمت الدول العربية من الخليج إلى المحيط ليلة الجمعة بفوز المنتخب القطري بكأس آسيا لكرة القدم، تؤكد أن الشعوب العربية لا علاقة لها بأي خلاف سياسي بين الأنظمة، وأن مشاعر العروبة لديها تسمو فوق كل المصالح المؤقتة والنزاعات الطارئة.

باستثناءات قليلة جدا يمكن القول إن كل العرب (الطبيعيين) فرحوا بالانتصار القطري الكبير الذي تحقق في ظروف صعبة، وفي بطولة كبيرة، وعلي أقوى منتخبات القارة الصفراء. كان يمكن أن تخسر قطر المباراة النهائية فالأمر في النهاية لا يخرج عن كونه مباراة في كرة القدم، ومع ذلك كنا سنفرح أيضا بوصول القطريين إلى نهائي البطولة للمرة الأولي في تاريخهم، وكنا سنقول ما نقوله الآن بعد تحقيق الإنجاز التاريخي والفوز بالبطولة الغالية.

الفوز القطري لم يكن الأول لعرب آسيا بهذه البطولة، فقد سبقها في ذلك منتخب المملكة العربية السعودية (ثلاث مرات)، ومنتخبي الكويت والعراق، ومع ذلك فإن الفرحة الشعبية العربية بالبطولة القطرية تبدو أكبر ومختلفة عن المرات السابقة نتيجة التعاطف الكبير مع منتخب يلعب في ملاعب حرمته من جمهوره. لذلك جاءت هذه الفرحة لتكون بمثابة استفتاء عربي تلقائي وخال من المجاملة على شعبية دولة قطر.

الظروف التي أحاطت بمنتخب قطر جعلت هذا الفوز عزيزا، وأهمها أنه لعب بدون جمهور تقريبا رغم أن البطولة تقام في دولة عربية خليجية. ولولا الدعم الذي قدمه الجمهور العُماني للقطريين لما رأينا علما واحدا لقطر في ملاعب البطولة. وفي تقديري أن رب ضارة نافعة وأن التضييق على الجمهور القطري ومنعه من حضور البطولة مثل حافزا كبيرا للمنتخب، وأزال عنه الضغوط الجماهيرية، وكان من الممكن أن تتغير مسيرته في البطولة لو حدث العكس.

ورغم أن الوقت ليس وقت الحديث عن فنيات المباراة النهائية التي أشبعها المحللون بحثا وتعليقا من جميع الجوانب، فإن الميزة الفنية الأساسية التي تمتع بها المنتخب القطري تمثلت في رأيي في التفاهم الرائع بين اللاعبين الذين قضوا سنوات يلعبون معا قبل البطولة، والتفاني في أداء الواجبات سواء على مستوى الدفاع أو الوسط أو الهجوم، وهو ما مكنهم ليس فقط من الفوز بالبطولة ولكن أيضا من تحقيق العديد من الأرقام القياسية الجديدة، مثل عدد الأهداف والفوز في كل المباريات وتلقي هدف واحد فقط جاء في المباراة النهائية، بالإضافة إلى حصول حارس مرماه سعد الشيب الدوسري على جائزة أفضل حارس في البطولة، وتحقيق مهاجمه الهداف المعز علي لقبي أحسن لاعب وهداف البطولة.

لقد توقعت قبل انطلاق البطولة أن يفوز بها منتخب عربي رغم صعوبة منافسة كبار القارة مثل اليابان وكوريا الجنوبية وإيران وأستراليا. وقلت وقتها أن حظوظ المنتخب القطري سوف تكون كبيرة إذا لعب بدافع الرغبة في أن يؤكد للعالم استحقاق بلاده استضافة كأس العالم في 2022، وقد حدث ما توقعته، وأكد القطريون أنهم ليس فقط قادرون على استضافة كأس العالم، ولكن على تقديم مستويات جيدة فيه بإذن الله.

مبروك لقطر وشعبها.. ومبروك لكل عربي فرح بالفوز القطري العزيز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى