تحليل توووفه: سون الشمشون.. الهارب من العسكرية إلى غزو الشباك

 

تحليل- أحمد مختار

بول وارهارست، هل تعرفه؟ ربما الإجابة الأقرب هي لا، لكن يجب ذكر إسم هذا اللاعب عند الحديث عن “الشمولية” في الكرة حديثة. رصدت مدونة “الوهمي 9” الإنجليزية جزء قديم من تحليلها للحديث عن هذه الظاهرة الكروية. وقتها كتب المحلل دافيد وايلد في عام 2013 عن موت اللاعب الشامل وخص بالذكر بعض الأمثلة المشهورة محليا وقاريا.

لعب واين روني في أكثر من مركز هجومي، في العمق وعلي اليسار وعلي اليمين، لاعب الطواريء الذي يلعب أينما وجد الخلل، لكن في النهاية، تحيد هذه النوعية من اللاعبين بشكل أكبر في مكانها الأساسي فقط. من الممكن أن تفيدك في أكثر من مركز آخر لكن ليس بنفس الجودة، هي مجرد خيارات طارئة، ولا نطلق عليهم اللاعب المهاجم المدافع، أو المدافع المهاجم.

عودة إلى بول وارهارست، اللاعب الانجليزي الذي مارس الكرة من سنة 87 حتي 2007، 20 سنة كاملة في كل مكان بالملعب، وشارك مع أكثر من نادي إنجليزي. هو لاعب غير معروف بشكل كبير مثل بقية النجوم، لكنه يمتاز بشيء مهم، أنه لعب كمدافع ولاعب وسط ومهاجم أيضا في مسيرة طويلة. هذا هو نموذج اللاعب الشامل في كرة القدم، الذي يحتاجه أي مدرب في تشكيلته، من أجل إيجاد الحل أثناء الطواري.

ولاعب مثل الكوري الجنوبي هيونج سون تخطى حتى هذه المرحلة، لأنه لم يكتف بملأ فراغ الغائبين فقط، بل تقديم مستوى أفضل منهم، ليتألق كجناح أيمن، وجناح أيسر، وصانع لعب، ومهاجم، وحتى لاعب وسط، في ظاهرة جديرة بالرصد والدراسة هذا الموسم.

– سون الحاسم

فاز السبيرز في كل مباراة سجل فيها سون ليرد بوكيتينو مازحا: “إذًا في المرة المقبلة سأذهب إلى غرفة خلع الملابس، وأنتظر انتهاء المباراة”. ويقدم الكوري الجنوبي مستوى مميز هذا الموسم، لكن الأمر لا يرتبط فقط بأرقامه الجيدة، ولكن فيما يخص نسب توقع الأهداف، فمعدل نجاعة سون فاق المعدلات الطبيعية لرأس الحربة الحاسم أمام المرمى، رغم أنه في الأساس ليس مهاجم صريح!

يفترض أن يسجل سون 6 أهداف في الدوري بناء على عدد وحجم الفرص التي وصلت له، لكنه سجل حتى الآن 11 هدف بالبريمرليج، بعيدا عن سجله المميز في الشامبيونزليج أمام دورتموند هذا الموسم. ووضعت مدونة “stats bomb” إحصاءات دقيقة تلخص حالة الآسيوي مؤخرا، لتصفه بأنه واحد من أفضل “الهدافين الحاسمين” هذا الموسم في الدوريات الأوروبية الكبيرة.

بالكرة، سون يسدد ويصنع ويسجل، يراوغ ويحتفظ باللعبة تحت الضغط، يمكنه اللعب كمهاجم مساعد خلف الرقم 9 وبجواره، ويستطيع أيضا التواجد بالأمام كرأس حربة حقيقي. ومن دون الكرة، هيونج يعرف كيف يضغط، أين يتمركز، ومتى يتحرك في الفراغ المطلوب، لذلك يمكنه اللعب في العمق من أجل التحرك إلى الأطراف، بالإضافة لسهولة حصوله على وظيفة الجناح، وقطعه في القنوات الشاغرة بين ظهير الخصم وقلب دفاعه.

على مستوى الأرقام، سجل سون في البريمرليج 11 هدف، صنع 6 “أسيست”، له أكثر من 3.5 تسديدة بالمباراة، مع 1.5 تمريرة تقود إلى تسديدة كل 90 دقيقة. دقة تمرير تتخطى حاجز الـ 85 %، ولمسات غزيرة للكرة داخل الصندوق وخارجه، مع ضغط قوي بالثلث الهجومي الأخير. فقط أرقامه الدفاعية تحتاج إلى عمل أكبر، سواء كعرقلة أو افتكاك، لكن بالنهاية يمكن التأكيد على أن الكوري أقرب إلى “اللاعب الهجومي المتكامل”، وواحد من أبرز نجوم الموسم حتى الآن.

– مهاجم مساعد وصريح

لعب بوكيتينو تقريبا معظم مبارياته الكبيرة هذا الموسم، برسم 4-4-2 دياموند الجوهرة، خصوصا عندما يتحصل على أفضل تشكيلة لديه. ديلي آلي بالمركز رقم 10، أمامه سون وكين، وفي الخلف سيسوكو وداير، وبجواره إريكسين. نجحت الخطة سريعا في بعض القمم كمباراة تشيلسي بالدوري، خصوصا مع فصل جورجينيو، وإجبار دفاع تشيلسي على رمي الكرات تجاه الأطراف، بالتحديد تجاه ويليان وكوفاسيتش.

ويهدف الأرجنتيني في مثل هذه القمم إلى تطبيق إستراتيجية مصيدة الضغط، بعدم الرهان على الضغط الراديكالي والرقابة الفردية المرهقة بدنيا ولياقيا، مع الإتجاه إلى غلق زوايا التمرير أمام حامل الكرة من لاعبي الخصم، والتركيز فقط على المناطق الضعيفة في الحيازة، من أجل ضربها بالافتكاك السريع، مع التمرير العمودي المباشر بمجرد القطع تجاه لاعبي الثلث الأخير.

يتفوق هجوم توتنهام في المواجهات الثنائية، سواء في الهواء أو على الأرض، لذلك يلجأ بوكيتينو إلى هاري كين في هذا الشق، الذي يحصل على الكرة في الصراعات، ويعود قليلا كمهاجم وهمي بالخلف، من أجل فتح الطريق أمام تقدم كلا من سون وآلي داخل منطقة الجزاء. لقد لعب الكوري الجنوبي دور الصانع الوهمي False 10، في كونه مهاجم متحرك على الورق، لكنه يدخل كثيرا إلى الصندوق بالتبادل مع المهاجم الحقيقي كين، على خطى شنايدر/ فان بيرسي مع هولندا في كأس العالم 2010.

وبعد غياب ديلي آلي وهاري كين للإصابة، تحول بوكيتينو إلى ما يشبه 3-4-1-2 أمام دورتموند، لحماية مرماه أولا من الأهداف في مباريات خروج المغلوب، ومن ثم إدارة اللقاء بطريقة هادئة، بعدم التهور في الضغط، ولا الاندفاع بالهجوم، وتطبيق التحولات السريعة من الخلف إلى الأمام. هكذا فعل توتنهام في أكثر من مباراة سابقة، من الصعب وصف انتصاراتهم بـ “القبيحة”، لكنه يسير بمبدأ واحد، “الفوز التجاري أهم عند غياب النجوم”.

من دون آلي وكين وغيرهم، حصل هيونج سون على دور الكل في الكل، إنه اللاعب المطلوب منه فقط التسجيل، ولا شيء غير ذلك. يتواجد إريكسين تحته من أجل إمداده بالتمريرات، يتحرك مورا إلى الأمام والخلف بجواره، وينطلق ظهيرا الجنب على اليمين واليسار، لتمديد الملعب عرضيا وخلق الفراغ اللازم لاستلام وتسديد المهاجمين بالعمق.

ونتيجة لهذا العمل الخططي من بوكيتينو في صنع الإطار التكتيكي السليم، الذي يسمح بحصول مهاجمه سون على الفرص في أماكن قريبة من المرمى، نجح اللاعب في التسجيل في آخر أربع مباريات، بعد عودته من المشاركة مع منتخب بلاده في كأس آسيا، وقبلها نجاحه في الحصول على ذهبية الألعاب في قارته، ليُعفى نهائيا من التجنيد الإجباري في وطنه، ويتفرغ لغزو الشباك محليا وقاريا رفقة فريقه اللندني هذا الموسم.

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. اخيرااا لقيت حد بيتكلم عن سون كنت قاعد مع صحابي من حوالى شهرونص وبنتكلم في وسط الكلام قولتلهم ان سون بيقدم مستويات تجعله مصدر ثقه انه يلعب لفريق اكبر من توتنهام زي اليونايتد او بايرن أو البرسا ساعتها قالوا هو جيد بس مش للدرجه دى قولتلهم الماده الاعلاميه ليها شغل اتفرجوا عليه وبعدين احكموا وكويس ان حضرتك بتسلط ع المظاليم اللى زى سون الاضواء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى