ليفربول ..الهيفي ميتال لا تعرف عازفاً منفرداً

توووفه: محمد عصام

كتب جوناثان ويلسون في صحيفة “الجارديان” عن معضلة هجوم ليفربول هذا الموسم، واستهل مقاله بالحديث عن لقطة من مباراة الفريق ضد الغريم مانشستر يونايتد، حين استعاد جوردان هندرسون الكرة في دائرة المنتصف، رفع عينه كاشفاً الملعب، وانتظر، ثم وجه نظرة أخرى، ومع نقص الخيارات أمامه، أرسل كرة طولية انتهت على رأس كريس سمولنج مدافع الشياطين الحمر، في لقطة تعبر عن وضعية ليفربول الحالية، حيث أرسل 49 كرة طولية في مباراة الديربي، وهي سمة مميزة لأبناء كلوب مؤخراً، وتوضح الفقر الهجومي الذي يمر به الريدز.

في الواقع، ومن بعد مباراة أرسنال في نهاية ديسمبر، التي انتصر فيها ليفربول بخماسية، افتقد الفريق للمحته الهجومية الحادة المعروفة، ربما جلب الانتصار ضد واتفورد بخماسية بعض التفاؤل، ولكن كانت النتائج قبل موقعة اليونايتد مقلقة، أربع تعادلات من آخر خمس مواجهات، وجاء الديربي بالفشل في التسجيل للمباراة الثانية على التوالي، للمرة الأولى هذا الموسم، ليصب الريدز غضبهم على واتفورد، قبل الجفاف التهديفي مجدداً ضد إيفرتون.

المشاكل واضحة، لكن البعض يرمق الصورة عن قرب وأنفه لصيق بها، يجب الابتعاد أكثر فأكثر لتتضح معالمها، ونكتشف جميع العوامل التي شاركت في هذا التحول.

 

أكد كلوب من قبل على أهمية “الضغط العكسي Gegen Pressing”، وأنه صانع اللعب الأفضل لفريقه.

كلوب

ذلك الزخم، مع أجواء الأنفيلد المميزة، حيث تتوهج الجماهير، ويترجرج الملعب بأنشودة “لن تسير وحدك أبداً”، ولكن اختلفت الأمور كثيراً هذا الموسم، ومع وصول الفريق لنهايات الموسم الماضِ مرهقاً، وبقائمة من الإصابات، أصبح من العقلاني تخفيف حدة الضغط هذا الموسم، وتوزيع المجهودات، لتنتج عن إصابات أقل، ودفاع أقوى، مع نقص الإبداع في خط وسط الفريق كأحد الأعراض الجانبية، حيث افتقد “صانع اللعب المثالي” في استراتيجية كلوب.

يبحث البعض عن التفسيرات المريحة، فيصبح غياب أليكس أوكسليد تشامبرلين هو الشماعة الأبرز لتعليق هذا الانحدار، ولا شك أن الشاب الإنجليزي مؤثر في تشكيلة الفريق، وربما يكون هذا الزعم منطقياً، لكن حين تلعب بخط وسط مكون من “فينالدوم-فابينهو-هندرسون”، ويتم تهميش نابي كايتا في المباريات الكبرى بالذات، نحو مزيد من الحذر، فالنتيجة على الأغلب تكون أداءاً بهذه الرتابة، أو “معركة سكاكين”، ومباراة مفتوحة من الجانبين تخلو من السيطرة والتحكم كما حدث ضد إيفرتون.

من المجحف الاكتفاء بتوجيه الاتهام لثلاثي الوسط، أو تخفيف الضغط الجنوني –المنطقي-، لذلك سنتحرك إلى الدائرة الأخطر وهي الهجوم. الثلاثي الهجومي الأشهر في العالم، وعلى عكس الموسم السابق، يبدو “الترايدنت” تائهاً، مفتقداً للتواصل “التخاطري” الذي ميزهم، وربما لو وصلوا لمستواهم المعهود لتضاءلت مشاكل الفريق ككل.

 

يعاني فيرمينيو منذ بداية الموسم مع الإصابات، آخرها في موقعة الأولد ترافورد، ووقع صلاح وماني في فخ التنافسية، أو ما وصفها البعض بالغيرة.

المعادلة الأصعب، الفريق يحتاج للاعب الفردي لقيادة المجموعة، الفريق يحتاج للتضحية الجماعية على حساب الفرد..كيف تنظم الإبداع الفردي دون الوقوع في فخ الغرور؟ الخط الفاصل يبدور رفيعاً.

رغبة ماني في إظهار إمكانياته ليصبح مرشحاً أقوى لأفضل لاعب إفريقي، وطموح صلاح في فرض شخصيته، واستمراره في “اللعب مع الكبار”، تنافسية بعثرت أوراق يورجن كلوب، وهو أمر متوقع بعد الموسم السابق.

سجل ماني 4 أهداف متتالية قبل التعادل ضد بايرن ميونيخ، وعاد ليسجل ضد واتفورد هدفين، في نفس الوقت الذي يعاني صلاح من جفاف تهديفي، ولا أراها محض مصادفة، ولكن حالة لها تفسير عقلاني.

كوتينيو

قبل استقدام صلاح إلى الأنفيلد، لعب ليفربول بثلاثية هجوم مكونة من “ماني-فيرمينيو-كوتينيو”، حيث تولى ماني مسألة التهديف، وكوتينيو لصناعة اللعب. تغيرت الأدوار بوصول صلاح، الذي يميل للتحرك نحو مناطق التسجيل، وأصبحت تحركات ماني خارج المنطقة للاستلام والمراوغة والصناعة، لذلك بحث الجميع عن خلق الفراغ لتحركات الفرعون المصري، ليثمر ذلك عن موسم استثنائي له، وللفريق بأكمله، حين لعب الجميع على نقاط قوتهم.

لكن تبدو الأمور مؤخراً مختلفة، ماني يتحرك أمام الكرة، وداخل  المنطقة بحثاً عن التسجيل، مما يجبر صلاح لإستلام الكرة على الطرف، وعلى حدود المنطقة، بعيداً عن نقطة قوته التهديفية، فزادت أهداف ماني، واختلطت الأمور هجومياً، مع التسليم بمستوى صلاح المترنح مؤخراً، ونقص فعاليته المعتادة.

مجملاً، افتقد الفريق سلاح الضغط العكسي، افتقد تشامبرلين، مع نقص الثقة في نابي كايتا، افتقد مستوى الثلاثي الهجومي فردياً، لكن الأسوأ هو افتقاده للانضباط التكتيكي الجماعي، والتمرد على الإطار الذي رسمه كلوب، ورغم تصدر الريدز لفترات، ظل الشعور العام أن الفريق يلعب بلا أريحية، مطارداً بشبح إنجازات فردية، وإنجاز جماعي غاب لعقود عن خزائن النادي، مع ترصد السيتزنز لهفوة قاتلة، قد تحطم طموح أبناء الميرسيسايد.

المصدر: الجارديان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى