زين الدين زيدان..ماذا تغير في عودة الابن “البار”؟

توووفه- محمد عصام

كما يحدث في ظاهرة الديجا فو (Déjà vu) أو “وهم سبق الرؤية”، تشاهد زين الدين زيدان يقف هناك في الفالديبيباس، بكامل أناقته، ونفس الابتسامة الهادئة، إلى جانبه بيريز لإعلانه أمام وسائل الإعلام مدرباً جديداً لريال مدريد، نسخة مكررة التفاصيل لما حدث في يناير 2016 حين بدأ زيدان عهدته الأولى مع الفريق الملكي.

نفس قاعة المؤتمرات، نفس الصحفيين في المقدمة، نفس الفريق. حسناً، تقريباً نفس الفريق، هناك غياب واحد بارز بالتأكيد، لكن فيما عدا ذلك الأمور كما تركها زيدان. عمت الأجواء طاقة إيجابية مثيرة للاهتمام، كما لو أن زيدان لم يجلس هنا في آخر يوم في شهر مايو من العام السابق، معلناً رحيله، كأن شيئاً لم يحدث، وهو ما كان يتمناه الجميع، فيما عدا زيدان.

“أنا لا أحب الخسارة، إذا شعرت بأنني لن انتصر، يجب أن أقوم بتغيير” هي الكلمات التي قالها زيدان في مؤتمر رحيله، وحقيقة رحيله ربما هي الأهم، والسلاح الأقوى التي ترجح كفة نجاحه في الفترة الثانية، لأن هذا الوقت المستقطع يشحن همة المدرب، وعودته مجدداً تعني إيمانه بالعودة إلى سكة الانتصارات، وحتمية التغيير القادم.

كتب سانتي سيجورولا في صحيفة “البايس” الإسبانية “عاد زيدان بالمزيد من الاحترام والهيبة، التحكم الكامل، والميزانية المفتوحة”. بعد 284 يوماً، ألقت الأمواج بفلورنتينو بيريز على شاطئ زيدان مجدداً، هي أيام شكلت موسم ريال مدريد 2018-2019، مقسمة بين الخمسة أيام بعد نهائي دوري الأبطال في كييف، حين أعلن زيدان رحيله، يومين قبل المونديال حين تم التوقيع مع خوليان لوبتيجي ليقود الفريق مدة 138 يوم، ثم التوقيع مع سانتياجو سولاري ليتولى المهمة لمدة 119 يوماً، مع آخر سبعة أيام تحديداً، حيث خسر الفريق كل شئ، من قلب البرنابيو.

زيدان رجل بعقل سياسي، يتحدث دائماً بدبلوماسية، ويعمل في هدوء، يؤكد أنه لم يتردد في العودة حين احتاجه الملكي، لكن الحقيقة أن مكالمة بيريز جاءت قبل خمسة أيام من موافقته، ولم يقبل إلا بعد إقناع، لذلك هي عودة “مشروطة” بكل تأكيد.

“الفريق احتاج للتغيير، أعيد وأكرر أن قراري كان الأفضل للجميع بالنسبة لي، ربما عودتي لا تعجب بعض الأشخاص، لكني عاشق لريال مدريد وهذا المهم” يقول زيدان في مؤتمر تقديمه، فالأمور لم تكن دائماً على قدر من التوافق داخل أسوار النادي، ويعلم زيزو بأن بعض أعضاء مجلس الإدارة رغبوا في رحيله من قبل، وتعالت أصواتهم قبل نهائي “كييف”، وأن البيئة لم تكن مجهزة للنجاح باستمرار.

لم يتحدث زيدان في مؤتمره عن الألقاب التي حققها، ولكن عن التي لم ينجح في إحرازها، في تواضع دبلوماسي معتاد يحمل رسالة قوية، فالفريق بدونه لم يستطع إحراز بطولة دوري الأبطال المعتادة، وخرج مثقلاً بالأهداف من دور الستة عشر ضد أياكس في نهاية مؤلمة، ولكن هو الألم الذي يكسب الجميع نضجاً.

يؤكد زيدان أن هناك تغييرات، مشدداً على أنه لا يفكر فيها في الوقت الحالي، لذلك هو فصل جديد من فن اختيار التوقيت للفرنسي، فزيدان يأتي بسجل جديد خالِ، مغفورٌ له ما سبق من السقطات، وبلا ضغوطات، بعد انتهاء موسم الفريق مبكراً، على الأقل من وجهة نظر داني كارفخال، لذلك فالأحد عشر مواجهة القادمة تجريبية بإمتياز، وجميع اللاعبين حالياً تحت المجهر.

يمكنك تحسس أولى خطوات التغيير في التعاقد العاجل مع المدافع الشاب “ميليتاو” من بورتو نظير 50 مليون يورو، مع ربط ريال مدريد مجدداً بإيدين هازارد، حتى قبل أن يلعب زيدان مباراته الأولى. لكن في كل الأحوال، الثابت أن زين الدين زيدان يمثل تراث ريال مدريد، والواجهة الأفضل للفريق في الأوضاع الحالية، وعودة الابن “البار” يظل خبراً ساراً لجميع مشجعي اللوس بلانكوس.

المصدر: الجارديان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى