مونديال 2022: عُمان والكويت.. الفرص لا تأتي دائما

توووفه– وليـد العبـري

في الثالث من مارس الجاري حطت طائرة السويسري جياني إنفانتينيو في مطار مسقط الـدولي، والتقى بتكليف سامٍ من لدن جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم في ظهيرة ذلك اليوم، بصاحب السمو السيد أسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لجلالة السلطان.

كان اللقاء سريعًا غادر بعده إنفانتينيو بدون أن يتحدث للإعلام، لكن ما إن شد رحاله عن السلطنة حتى ظهرت تسريبات وأخبار من قلب بيت “الفيفا” عن دخول الكويت والسلطنة على خط استضافة مونديال 2022.

أخبار متسارعـة

بعد تلك الزيارة المفاجئة التي قام بها إنفانتينيو للسلطنـة والكويت خرجت كبريات الصحف والمواقع العالمية، لتتحدث عن نية الفيفا تطبيق التعديلات التي أقرها مسبقا على نظام كأس العالم بدءا من مونديال قطر 2022، وليس مونديال 2026 (أمريكا–كندا– المكسيك)، أي نظام 48 منتخبا.

ويرغب رئيس الفيفا في إضافة 16 دولة أخرى إلى بطولة قطر 2022، التي تضم 32 فريقا، وهو الأمر الذي سيشكل عبئًا ستنوء عن حمله دولة قطر وملاعبها الثمانية الموجودة في محيط 30 ميلا فقط.

ومارس إنفانتينو الضغط من أجل بطولة موسعة في نسخة كأس العالم 2022 لأشهر، حتى أنه أشار إلى إقامة بعض المباريات في المملكة العربية السعودية، ولكن الأزمة الخليجية ألقت بظلالها على هذا التوجه.

لتتجه الأنظار إلى الكويت وسلطنة عمان اللتين تجلسان على كرسي الحياد إزاء الأزمـة السياسية التي تعصف بالمنطقة.

باريس تحسم الجدل

زيارة إنفانتينيو للبلدين الخليجيين مؤخرا والالتقاء بأكبر القيادات في البلـد جاءت بحسب بعض التسريبات لدراسة إمكانية تغيير واقع عدم توافر ملاعب مطابقة للمعايير والمواصفات التي يعتمدها “فيفا” سواء في السلطنة أو الكويت.

التسريبات الأخيرة التي أعلنت عنها وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية والتي أعدها الفيفا بتقرير مكون من 81 صفحة تضمنت عدة جوانب مهمة أبرزها أن الفيفا يسعى لرفع عدد المنتخبات لـ 48 منتخبا من أجل زيادة إيراداته 400 مليون دولار إضافية.

وذكرت التسريبات أن “فيفا” يرى أن إقامة 64 مباراة في ثمانية ملاعب فقط في مساحة لا تزيد عن 30 ميلا يعد مخاطرة، التسريبات ذكرت أن قطر بحاجة لملعبين أو أربعة ملاعب إضافية من أجل استضافة 48 منتخبا.

وحاليا هناك ملعبان في السعودية وأيضا في الإمارات يتناسبان مع اشتراطات “فيفا” من خلال أكثر من 40 ألف متفرج وتواجد اشتراطات السلامة ولكن بسبب الخلافات مع قطر وقطع العلاقات الدبلوماسية وحظر الطيران من وإلى قطر تم اللجوء للكويت وعمان لحل هذا الأمر وزيارة إنفانتينيو جاءت لأخذ موافقات من القيادات العليا في البلدين.

وتأكيدا لكل التسريبات اتخذ الفيفا يوم الجمعة الماضي خطوة أخرى نحو تنظيم بطولة كأس العالم 2022 بمشاركة 48 منتخبا، بعدما وافق المجلس على إجراء المزيد من المناقشات مع قطر ، البلد المضيف.

وقال جياني إنفانتينو رئيس الفيفا عقب اجتماع ميامي :”أظهرنا للمجلس دراسة الجدوى التي استنتجنا من خلالها :نعم، يمكن زيادة عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم 2022 – بشرط استيفاء بعض الشروط، وسيتم اتخاذ القرار النهائي في الجمعية العمومية (كونجرس) في باريس يوم 5 يونيو المقبل.

دورة الألعاب الشاطئية 2010

نقلـة تاريخيـة

إذا صحت التسريبات التي تداولتها وسائل الإعلام، واعتمد “فيفا” في مجلس ميامي شهر يونيو القادم تنظم البطولة بمشاركة 48 فريقًا باستضافة ثلاثية تتضمن إلى جانب دولة قطر المنظم الرئيسي للبطولة كلا من سلطنة عمان وقطر.

لاشك أن ذلك سيكون حدثًا تاريخيًا وفاصلا في تاريخ الرياضة العمانية والكويتية لأنه سيفتح آفاقا جديدة لهما على كافة الأصعـدة.

قد لا تمتلك سلطنة عمان تلك الخبرات التراكمية في تنظيم بطولات بهذا الحجم مقارنة بنظيرتيها الكويت وقطر السباقتين في تنظم الأحداث الكبرى.

لكن التجارب أثبتت أنَّ السلطنة حين تسعى خلف النجاح فهي تسخر كل المقومات لذلك ولعل دورة الألعاب الآسيوية الشاطئية في عام 2010 مثال حي على ذلك حينما استضافت وفود 45 دولة آسيوية، ورغم الفارق الهائل في المقارنة بين الحدثين؛ إذ أن تنظم حدث قاري لا يمكن مساواته مع حدث بحجم تنظيم كأس العالم الذي يعد محط أنظار كل المعمورة.

لكن تلك البطولة أعطت مؤشرا إيجابيا على ما تختزنه السلطنة من قدرات وإمكانيات لاستضافة الأحداث الكبرى.

التحدي الأكبر الذي يواجه السلطنة هو كيفية إنشاء ملعب في فترة زمنية قصيرة يتواءم مع المقاييس التي وضعها “فيفا” وتهيئة العوامل الأخرى المرتبطة بالاستضافة؛ فهذا الأمر يعد تحديًا كبيرًا لاسيما يتجاوز الرغبة الكبيرة في التنظيم والنجاح.

القرار صعب من جانب “فيفا” وربما الأكثر صعوبة هو قدرة سلطنة عمان والكويت على أن تكونا جاهزتين للإيفاء بمتطلبات الاستضافة، والالتزام بالمواصفات والمقاييس العالمية الموضوعة من قبل “فيفا” إلى جانب جزئيات وتفاصيل أخرى لا تقل أهمية عن ذلك يتعلق بعضها بالسياسة العليا للبلد وبعضها يرتبط يتغييرات جذرية في بعض الجوانب اللجوستية.

الأمر الذي يتطلب تشكيل لجان متخصصة تكون على اتصال باللجنة المنظمة لمونديال 2022 في قطر والفيفا في وقت واحد.

الجماهير خلال مونديال 2018

عوائد السلطنة من الاستضافة

الجميع يؤمن أن هناك تحديات كبيرة تعترض السلطنة من أجل أن تكون شريكا في أكبر حدث بتاريخ كرة القدم، ولكن الفرص لا تأتي دائما والمونديال حلم تراه أكبر دول العالم “صعب المنال” ولكنه جاء إلينا وحده هذه المرة فكيف نستقبله.

إذا خطت السلطنة الخطوة الأكبر في تاريخها الرياضي بأن تكون شريكة في هذا الحدث العالمي حتما سيُحدث هذا الأمر نقلة غير مسبوقة في كافة الأصعدة والمجالات.

على الجانب السياحي ستستقبل السلطنة عددا غير مسبوق من السائحين “جماهير المنتخبات والراغبون بمعايشة الحدث بكل تفاصيله”، وسجلت روسيا في المونديال الأخير 3 ملايين سائح والبرازيل في 2014 أكثر من مليون، والأخيرة انتعش اقتصادها بأكثر من 30 مليار دولار (تشمل المبيعات وإشغال الفنادق والتغذية والتداول اليومي).

السلطنة في حال إقدامها على هذه الخطوة ستكون محط أنظار العالم وهذا الأمر سينعكس بالإيجاب على الجانب الاقتصادي.

كما أن تنظيم المونديال سيجبر السلطنة على إعادة النظر في منشآتها الرياضية “الاستاد الرئيسي وملاعب التدريب”، ويمكننا القول إنه ستكون هناك هيكلة جديدة في الملاعب الرياضيـة وهذا حتما سيخدم تقدم وتطور الرياضـة العمانية.

وتنظيم المونديال سيمنح السلطنة جرعات كبيرة جدا من الخبرات التراكمية في كيفية التعامل مع البطولات فتنظيم المونديال لا يوازي سوى تنظيم الأولمبياد من كافة النواحي وبالتالي ستكون السلطنة حينها على كافة الاستعدادات لاستضافة عديد البطولات الإقليمية والقارية والعالميـة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى