تحليل- أحمد مختار
أحبه الكثيرون بسبب حركته الشهيرة، عندما يقطع من الطرف إلى العمق من أجل التسديد، فيما عرف بحركة الـ R2 نسبة إلى ألعاب الفيفا والبلاي ستيشن. غاب لفترات طويلة بسبب الإصابات المتكررة، لكنه حقق أرقاماً مهمة على الصعيد المحلي والدولي، بالإضافة إلى تتويجه بعدد كبير من البطولات في أكثر من بلد.
إنه آريين روبين، أحد أهم الأجنحة في كرة القدم الحديثة، والذي أعلن اعتزاله كرة القدم بشكل نهائي خلال الصيف الجاري، بعد مسيرة طولية من السهل وصفها بالناجحة والمثيرة للاهتمام.
بدأ آريين روبين مسيرته الكروية كلاعب محترف مع فريق جرونينجن ثم أيندهوفن، قبل أن يأخذ خطوة أكبر بالإحتراف في إنجلترا، والذهاب إلى ستامفورد بريدج حيث تجربة المدرب جوزيه مورينيو وولايته الأولي في لندن، ليتعرف العالم على النجم الهولندي بشكل أكبر، ويحصل على أضواء حقيقية في الملاعب البريطانية خصوصاً بعد التألق الكبير للفريق الأزرق في هذه الفترة.
لعب مورينيو في أول فتراته مع تشيلسي بطريقة لعب 4-3-3، رباعي دفاعي صريح أمامه ثلاثي وسط، مايكيل إيسيان رفقة الثنائي كلاوديو ماكيليلي وفرانك لامبارد، أما في الهجوم فراهن على ديديه دروجبا في العمق، وداميان داف على اليمين كجناح أيمن وساعد هجومي، أما روبين فلعب كجناح أيسر صريح على الخط تماماً.
نجح روبين مع مورينيو كجناح تقليدي، Traditional Winger أي اللاعب السريع القادر على العدو والإنطلاق بالكرة على الخط تماماً، يرفع الكرات ويمرر العرضيات إلى زملائه، مع صبغة اللعب المباشر الصريح لأنه يواجه المرمى من الأطراف فقط، لذلك صنع أهداف عديدة وسجل فقط 15 هدف في 67 مباراة، وكرر نفس المهمة مع ريـال مدريد ليسجل 11 هدف في 50 مباراة.
انتقل روبين بعد تجربة مدريد إلى النادي البافاري، وصنع تاريخ جديد ومختلف مع فريق بايرن ميونخ، ليعيد فان جال إكتشافه من جديد ويجعله أحد أهم نجوم الكرة في السنوات الأخيرة، سواء مع ناديه الألماني أو منتخب بلاده الهولندي، وذلك عن طريق نقله من الجهة اليسرى إلى نظيرتها اليمنى، ليتحول من جناح أيسر تقليدي إلى جناح أيمن مقلوب.
لعب الخال بطريقة لعب تعتبر مزيج بين 4-2-3-1 و 4-3-3، بوجود ثنائي محوري بالوسط أمامه لاعب ثالث يجيد التوغل في الثلث الهجومي الأخير، ومهاجم صريح بين كلاً من فرانك ريبيري أو حميد ألتينتوب على اليسار، وآريين روبين على اليمين كجناح مقلوب Inverted Winger يلعب بالقدم اليسرى على اليمين، حتى يستطيع القطع في العمق والتسديد الخاطف على مرمى المنافسين.
لتصبح هذه الطريقة بمثابة أسلوب حياة لروبين، حيث أنه إشتهر دائماً بهذه الحركة، الإستلام من اليسار ثم القطع سريعاً في العمق على القدم الثابتة للمدافع، فالتسديد الصاروخي في أقصى الزاوية المقابلة، هكذا لعب روبين مع فان جال ثم هاينكس في أفضل أيامه مع الكتيبة البارفارية.
جاء بيب جوارديولا واعتقد أغلب المتابعين أن أيام روبين مع بايرن أصبحت معدودة، لكن تأتي الرياح بما لا يتوقعه الكثيرون، ويتألق آريين روبين رفقة الفيلسوف جوارديولا ويكتب تاريخ جديد تماماً في كرة القدم، ليصبح أحد أفضل اللاعبين في العالم إن لم يكن أفضلهم من وجهة نظر نسبة غير قليلة من جمهور وعشاق الساحرة المستديرة.
“عملت مع مدربين عظام وهذا من حسن حظي، وكل واحد أضاف لي شيء وأدين للجميع بالكثير، لكن بيب جوارديولا مختلف، إنه أذكى مدرب تكتيكي تدربت تحت قيادته، لذلك أعشق العمل معه وأتمنى أن يستمر للأبد”، يقول روبين هذا الكلام عن مدربه بيب، ليؤكد العلاقة القوية بين الثنائي، والتي يتم ترجمتها داخل الملعب إلى تألق غير محدود.
في مباراة السباعية أمام روما بالملعب الأوليمبي، لعب جوارديولا بتكتيك جديد بعض الشيء، عن طريق الدفع بثلاثي دفاعي صريح، المهدي بن عطية، دافيد ألابا، جيروم بواتينج وأمامهم كلاً من تشابي ألونسو وفيليب لام، مع التركيز على ماريو غوتزه وتوماس مولر خلف روبرت ليفاندوفيسكي في الثلث الأخير، أما الأطراف فكانت مسئولية الثنائي خوان برنات على اليسار، وآريين روبين على اليمين.
لعب روبين كـظهير أيمن هجومي Wing Back، يملك الخط بمفرده وينطلق أمام دفاعات روما بكل سهولة دون رقابة، لأنه أتى من الخلف إلى الأمام، ليصنع خطورة كبيرة ويحصل على نجومية المباراة بجدارة. لذلك حوّل بيب لاعبه روبين من جناح رائع ومميز إلى لاعب غير عادي، وساهم في خروجه من التخصص إلى العالمية، حيث الاكتمال الواضح في كافة المهام، ليس فقط على الجناح بل في كل أرجاء المستطيل الأخضر.
وبعد مسيرة استثنائية في كل هذه الأندية، لم يقدر روبين على مواصلة العطاء. لقد تعب جسده وأرهقت عزيمته بسبب توالي الإصابات والغيابات. لم يعد قادراً على الركض مثل السابق، وصار ضعيفاً فيما يخص الالتحامات البدنية، لكنه سيبقى أحد أفضل الأجنحة التي شهدتها كرة القدم بالسنوات الماضية. وداعاً مستر R2.
