
تقرير- محمد يوسف
انضم رحيم ستيرلينج إلى مانشستر سيتي في العام السابق لمغادرة بيب جوارديولا تدريب بايرن ميونيخ، في يوليو عام 2015، بمبلغ وصل إلى 50 مليون جنيه إسترليني، وكان أعلى رسم انتقال يُدفع في لاعب إنجليزي في ذلك الوقت.
بعد موسم أول باهت مع ناديه الجديد، انضم لمنتخب إنجلترا في بطولة أمم أوروبا عام 2016، والتي جاءت بنتيجة كارثية على الإنجليز بعد الخروج أمام منتخب آيسلندا في دور الستة عشر. ثم جاء بيب جوارديولا.
كان مدير كرة القدم بالسيتي، تشيكي بيجريستين، قد مضى مع ستيرلينج لتوقعه بأن يتولى جوارديولا الإدارة الفنية للنادي في العام المقبل. وكان توقع بيجريستين في محله؛ تحت قيادة بيب وفريقه الفني، تحوّل رحيم إلى لاعب من الطراز العالمي.
في أول موسم له تحت قيادة مانويل بيليجريني، تمكن ستيرلينج من إحراز ستة أهداف فقط في الدوري، وبحلول النصف الثاني من الموسم فقد مكانه كلاعب أساسي في الفريق. ويوضح ميكيل أرتيتا، والذي كان لا يزال لاعباً لأرسنال في ذلك الوقت: «كان مبلغ الانتقال الضخم في الواقع ضار جداً في ثقته بنفسه، وهو أمر هام للغاية لأي لاعب. وعندما لم تسر الأمور على ما يرام بالنسبة له، بدأ مستوى رحيم في التراجع أكثر».
في العام التالي، انضم أرتيتا لفريق عمل بيب في السيتي، وبدأ العمل عن قرب مع ستيرلينج. وأضاف أرتيتا: «أردنا له أن يقترب أكثر لمنطقة الجزاء، كان يبدو وكأنه خائفاً من المرمى. أردنا له أن يصبح لاعباً يحرز لنا هدفاً في كل مباراة، أو حتى يضيع فرصتين أو ثلاث فرص كبيرة. أردناه أن يشكل تهديداً مستمراً على المرمى، ويتخلص من هذا الخوف. احتاج أن يستعيد ثقته في نفسه، أن يؤمن بقدرته على أن يصبح الأفضل».
تحويل رحيم إلى روماريو
كان لنظام بيب الجديد تأثير فوري على رحيم؛ رفع رأسه باتجاه المرمى أكثر، وأصبح يجري كما لم يفعل من قبل، وبحلول موسم جوارديولا الثاني، شكّل رحيم واحداً من أقوى خطوط الهجوم فتكاً في تاريخ الدوري الممتاز مع ليروي سانيه وسيرجيو أجويرو، ليحرز الثلاثة 67 هدفاً من 140 هدفاً هم مجموع أهداف الفريق ذلك الموسم.
أولاً، كان على الجهاز الفني إعداد ستيرلينج ليلعب في مركزه على اليمين في الثلث الهجومي. يضيف أرتيتا: «تعوّد ستيرلينج على بعض العادات السيئة أثناء بدايته؛ كان يلعب إلى الداخل أكثر أو على الجناح الأيسر، ولكن عندما تنتقل إلى الجناح الأيمن، فإن اتجاه وزاوية الاستحواذ القادم تجاهك يصبح مختلفاً تماماً. وعندما كانت تصل إليه الكرة كان يثبّت نظره عليها، بدلاً من السيطرة على الكرة، واللعب على اللمسة السريعة، ورؤية ما حوله».
كانت مشكلة ستيرلينج أنه يظل ثابتاً عندما يحصل على الكرة؛ كان الحل الذي فكر فيه جوارديولا هو محاولة تحويله إلى نسخة السيتي من البرازيلي روماريو، زميله السابق في برشلونة، والفائز بكأس العالم مع البرازيل عام 1994.
يذكر جوارديولا عن روماريو: «في حقبة فريق الأحلام الأولى، كلما رأيت روماريو وظهره إلى لاعبي وسط المنافس، لم أمرر له الكرة. ولكن في اللحظة التي أرى أن جسده في حالة نصف دوران، حيث يميل كتفه وكأنه يريد الكرة في قدمه اليمنى أو اليسرى، كنت أفهم حينها أنه على استعداد أن يفلت من الرقابة، وفي هذه الحالة أمرر له الكرة على الفور في كل مرة.
كنت قد تعلمت أن مجال رؤيته في هذا الوضع يعني أنه ينظر بإحدى عينيه على المسافة بينه وبين مرمى الخصم، والعين الأخرى على مكان الكرة. إذا اتخذ جسده هذا الوضع ومررت له الكرة، فإن المدافع يخرج من اللعبة تلقائياً».
كان مفتاح هذه الاستراتيجية هو قدرة تسارع ستيرلينج؛ قارن فريق التحليل في الجهاز الفني الخطوات الأولى السريعة لرحيم مع خطوات الأرجنتيني ليو ميسي.
في حين أن ميسي لا يمتلك سرعة خارقة للجري على مدى المسافات الطويلة، إلا أن قدرته الخارقة على التسارع مع حاسته البديهية لاتخاذ القرار تترك المدافعين في حيرة من أمرهم. وهكذا بدأت عملية تحويل رحيم إلى روماريو.
كيف صنع السيتي نسخة ستيرلينج الجديدة؟
كانت الخطة أن يتعود ستيرلينج على النزول إلى الأسفل قليلاً، مبتعداً عمّن يراقبه أو عن أقرب لاعبي الخصم، وعند طلب الكرة يغيّر اتجاه جسده نحو المرمى. وفي هذا الوضع، إذا استخدم قدرته الاستثنائية في التسارع، سيجري دائماً إلى منطقة الخطر.
يذكر أرتيتا: «إذا وجد مساحة، حوالي ثلاثة أمتار، بعيداً عن المدافع، ولكنه في وضع نصف دوران نحو المرمى، فإن تسارعه يأخذه بصورة أسرع بكثير إلى مساحة يتمكن فيها من التسديد، وهو ما سيسبب ضرراً أكبر للمنافس. كما أنه تكتيك مهم، حيث عندما ينزل قليلاً إلى الأسفل، يسحب معه المدافع الذي يراقبه بعيداً عن مناطقه، ليترك مساحةً خلفه، ويمكن لرحيم أن يستغل تلك المساحة في الهجمة. وإذا كان قريباً أو في منطقة الجزاء، فإن مدافعي الخصم يصيبهم التردد قبل أن يضغطوا عليه مجدداً».
A video showing Pep Guardiola explain a back to goal with a defender committed game related scenario to Sterling and how the principles translate into real game. pic.twitter.com/5l5ZBhvIik
— Keepitonthedeck (@Keepitonthedeck) May 31, 2018
يعتمد أرتيتا على الحقائق في تقييمه؛ على سبيل المثال، في المباراة التي فاز بها السيتي بهدف مقابل لا شيء بدوري الأبطال على فينوورد الهولندي في نوفمبر عام 2017، تمكن ستيرلينج من تنفيذ كل شيء مرة واحدة. حيث نزل إلى حافة منطقة الجزاء، ساحباً معه المدافع ريناتو تابيا، وظهره إلى المرمى، مع تمريرةٍ سريعةٍ إلى الخلف إلى جوندوجان.
وفي اللحظة التي مرر فيها الكرة، استدار وجرى سريعاً في إحدى انطلاقاته الصاروخية، في المساحة التي تركها المدافع تابيا وراءه.
قرأ جوندوجان اللعبة، وأعاد التمريرة سريعاً في هذه المساحة، ليضع ستيرلينج في موقف واحد ضد واحد مع حارس المرمى، ليرفع رحيم الكرة فوق رأس الحارس براد جونز ويحرز هدف الفوز لفريقه.
لعب ستيرلينج أكثر على الجناح الأيسر في موسم 2018-19، على الرغم من أن جوارديولا استمر في تغيير مراكزه كثيراً. ازدادت قوة الشراكة أكثر بينه وبين البرتغالي برناردو سيلفا، وهو ما أدى أن يقل دخول ليروي سانيه كثيراً إلى التشكيلة الأساسية. ذهب جائزة الاتحاد لأفضل لاعب شاب، والتي فاز بها سانيه عام 2018، إلى ستيرلينج في عام 2019، بعد أن أنهى الموسم مع تحقيق أفضل أرقام شخصية بإحراز 25 هدفاً والقيام بـ 18 تمريرة حاسمة من 51 مباراة لعبها في الموسم. وبحلول شهر نوفمبر عام 2018، كان النادي قد تأكد بصورة كافية لتمديد عقده حتى موسم 2022-23.
ورغم كل هذا، ما زال جوارديولا يرى أن هناك مجالاً أكبر للتطور؛ مثلاً عندما انتقده بعد مباراة الإياب ضد واتفورد في 9 مارس الماضي، والتي سجل فيها رحيم هاتريك بحلول الدقيقة الرابعة والستين. ليذكر بيب: «يمكن لستيرلينج أن يقدم ما هو أفضل؛ لم يضغط على ظهير الخصم مرتين، وخسر ثلاثة أو أربع كرات، والتي يجب عليه تجنبها لأنه تسبب في هجمات مرتدة. بالطبع، أنا سعيد للغاية بما قام به، وتسجيله لثلاثة أهداف. لكن لم يكن الشوط الأول من أفضل الأشواط التي يقدمها رحيم هذا الموسم، وسنعمل على تطوير ذلك».
تقرير مترجم من صحيفة الجارديان