تفاصيل داخل قلعة “كامب نو”.. كيف استبدل البارسا فالفيردي بكيكي سيتين؟

كتب- محمد يوسف

ليلة الإثنين، بعد الإشراف على تدريب برشلونة للمرة الأخيرة في صباح ذلك اليوم، استقل إرنستو فالفيردي سيارته، وغادر مقر التدريب، كان حينها لايزال رسمياً المدير الفني للبارسا، ولكن رئيس النادي، جوزيف ماريا بارتوميو، كان قد أبلغه بالفعل أن وقته قد انتهى.

وفي الوقت ذاته، في الطرف الآخر من المدينة، كيكي سيتين، الذي سيصبح بديلًا لفالفيردي قريباً، كان يتحرك بحيوية حول طاولة الاجتماعات، مدرب ريال بيتيس السابق كان متحمسا للغاية حول الاحتمالات الجديدة، حتى أنه ظل يناقش أفكاره لبعد منتصف الليل، ليخبره إداريو النادي أن عليه الذهاب إلى المنزل والنوم.

كان سيتين، التلميذ المخلص لأسلوب لعب يوهان كرويف، يوضح لمسؤولي برشلونة مخططه لإعادة إحياء جوانب كانت قد ركدت منذ فترة في النادي، هم مازالوا على قمة جدول ترتيب الدوري، لكنهم أصبحوا مبالغين في الاعتماد على ليونيل ميسي، ومن حوله، كان أداء باقي اللاعبين يزداد سوءاً، ولم يقدم أحد من النجوم، التي كلفت النادي الملايين مثل فيليب كوتينهو وعثمان ديمبيلي وحتى أنطوان جريزمان، الأداء المنتظر منه.

التحدي الذي ينتظر المدرب الجديد ليس تحدياً بسيطاً، قد لا يكون كرويف أكثر نجاحاً من فالفيردي ولويس إنريكي، بمقارنة البطولات والتي فاز الأخيران بـ 13 بطولة بينها، لكن كرويف قد ترك تأثيره الذي لا يُنسى.

وفي مؤتمر تقديمه يوم الثلاثاء، قال سيتين: «أنا لا أضمن سوى شيء واحد فحسب عندما أتسلم تدريب ناد جديد: أن نلعب كرة قدم جيدة».

عندما أعلن البارسا أخيراً أن فالفيردي قد غادر، قبل منتصف ليلة الإثنين بقليل، لم تكن صدمة للكثيرين، ولكن تعيين كيكي سيتين، البالغ من العمر 61 عاماً، والذي كان أكبر إنجازاته حتى الآن هو إنهاء الدوري في المركز السادس مع بيتيس، أثار بعض الشكوك.

فالفيردي

عندما انتهى وقت فالفيردي أخيراً

كان الموج ينقلب ضد فالفيردي لعدّة أشهر، لكنها كانت مباراة التعادل 2-2 ضد إسبانيول، في الرابع من يناير، عندما بدأ رئيس النادي بارتوميو أخيراً في تقبل الحاجة إلى التغيير.

وذكرت مصادر لموقع ESPN أنه بعد دقائق من صافرة النهاية، أصدر الرئيس إنذاراً إلى المقربين منه: إذا لم يُظهر الفريق أي تحسن في مباراة السوبر ضد أتليتكو مدريد، فإنهم بحاجة إلى استبدال المدير الفني.

لعب برشلونة واحدة من أفضل مباريات الموسم ضد أتلتيكو، في جدة في التاسع من يناير، وبالرغم من تقدمهم 2-1، لكنهم خسروا 3-2 في النهاية، بعد هدفين من الأتليتي في الدقائق التسع الأخيرة، وبالنسبة لكبار المسؤولين في النادي، أثارت المباراة ذكريات مؤلمة عن خسارتين مدمرتين مؤخراً: تلك الليالي المرعبة ضد روما وليفربول في دوري أبطال أوروبا.

ووفقاً للمصادر، كان النادي يبحث بالفعل عن مدربين محتملين لفترة من الوقت، ويخطط لاستبدال فالفيردي في الصيف القادم، لكن الهزيمة في السوبر عجلت بتلك الخطط سريعاً، الأمر الذي كان مؤسفاً لفالفيردي نظراً للظروف المحيطة بالنادي عندما وصل إلى مقعد القيادة الفنية.

تولى فالفيردي المهمة خلفاً للإسباني لويس إنريكي عام 2017، وكان عليه التعامل فوراً مع مغادرة نيمار، لم يتمكن من فعل شيء لوقف مغادرة البرازيلي عندما دفع له باريس سان جيرمان الشرط الجزائي 222 مليون يورو.

ثم خسر برشلونة من ريال مدريد في كأس السوبر ذلك العام، مما أدى بجيرارد بيكيه أن يشعر بأنهم كانوا أقل من منافسهم في الكلاسيكو، لأول مرة منذ انضمامه من مانشستر يونايتد في عام 2008.

ومع ذلك، لم تدم تلك المشاعر طويلاً؛ حيث أنهى فالفيردي موسم 2017-18 بالفوز بثنائية الدوري والكأس، وتابع ذلك بالفوز بلقب دوري آخر في 2018-19، ولكن الخروج في مناسبتين متتاليتين، وبشكل مذل، من دوري الأبطال على أيدي روما وليفربول، بجانب خسارة نهائي الكأس ضد فالنسيا، دفعت الكثيرين داخل النادي إلى المطالبة بخروجه في الصيف الماضي.

أخبرت المصادر موقع ESPN أن المدير الرياضي في ذلك الوقت، بيب سيجورا، وضع اسم تيري هنري لهذه المهمة، بعض أعضاء مجلس الإدارة رشحوا روبيرتو مارتينيز، مدرب المنتخب البلجيكي، مع ظهور اسم كيكي سيتين في مكان ما على قائمتهم، لكن قرر بارتوميو الإبقاء على فالفيردي لسببين: الأول، أنه مازال يحظى بدعم اللاعبين، والثاني، لم يكن مقتنعاً في ذلك الوقت بالبدائل المطروحة.

ومنذ ذلك الحين، كانت النتائج على ما يرام، ولكن تقول المصادر إن بارتوميو قد ازداد قلقاً حول “صورة” الفريق على أرض الملعب، كل عرض مخيب للآمال كان مسماراً جديداً في نعش فالفيردي، كل نقطة يخسرها الفريق كانت بسبب أخطائه، لام عليه المشجعون بسبب أسلوب لعب الفريق، وشكوا من أن برشلونة لا يلعب مثل برشلونة حتى عندما يفوزون.

بارتوميو، الذي أصبح وحيداً أكثر وأكثر في دعمه لفالفيردي، غيّر رأيه أخيراً، بعد تلك النقاط الضائعة ضد منافسهم في المدينة، إسبانيول، وتذكر المصادر أنه وافق للمدير الرياضي إريك أبيدال على زيادة البحث عن بديل، وفي الوقت الذي سجل فيه أتليتيكو هدفين لإخراج البارسا من كأس السوبر، قرر بارتوميو أن هذا يكفي.

التقى الرئيس بعدة لاعبين بعد تلك المباراة في جدة لإبلاغهم بخططه، وتوضح المصادر أن فالفيردي ظل محبوباً من قبل لاعبي الفريق، ولكن كان هناك معسكران: أولئك الذين دعموه تقريباً دون قيد أو شرط، وأولئك الذين اعتقدوا أن التدريب لم يكن مكثفا بما فيه الكفاية وأن أسلوب لعبه كان خاطئاً، أمثال ليو ميسي وبيكي كانا في المعسكر الأول، حيث نشر كلا اللاعبين رسائل امتنان منذ طرد فالفيردي، وبعض اللاعبين الأصغر سناً والتوقيعات الجديدة كانوا ضمن المعسكر الثاني.

أنسو فاتي، الذي كان ظهوره لأول مرة هذا الموسم في سن 16 عاما، كان واحداً من أكثر اللاعبين عاطفة عندما ألقى فالفيردي خطاب الوداع يوم الثلاثاء، تقول المصادر لموقع ESPN إن فالفيردي طلب محادثة فردية مع الشاب الصغير قبل مغادرته، وأخبره أن يستمر بنفس الطريقة التي انفجر بها في مباريات الفريق الأول.

خطة استبدال فالفيردي

في اليوم التالي لهزيمة أتلتيكو، وبشكل علني جداً، سافر أبيدال والرئيس التنفيذي أوسكار جراو من السعودية إلى قطر لرؤية تشافي هيرنانديز، لاعب خط وسط برشلونة الأسطوري السابق والمدرب الحالي لنادي السد القطري، قابلوه ثلاث مرات في الدوحة، ولم يكتف مجلس إدارة النادي باعتبار تشافي جاهزا لتولي زمام الأمور، بل اعتبروه أيضاً أداة سياسية مفيدة، من المعروف أن تشافي قريب من فيكتور فونت، الذي ينوي الترشح لانتخابات رئاسة النادي القادمة في عام 2021.

في البداية، حاول إداريو البارسا عدم الإعلان عن خطتهم، ليشيروا إلى أن أبيدال وجراو ذهبا إلى الدوحة لرؤية ديمبيلي المصاب، والذي يخضع للعلاج هناك، سرعان ما انكشف هذا الأمر، مع المزيد من التسريبات من داخل النادي كشفت الحقيقة، لكن تشافي رفض العرض.

دارت القصة كلها في العلن، وفالفيردي في المنزل يعرف كل خطوة من خلال وسائل الإعلام، حتى أن لاعب الوسط السابق في النادي أندريس إنيستا أطلق على بحث البارسا عن بديل بهذا الشكل أنه أمر قبيح.

أين ذهبوا بعد ذلك؟ لم تُعرض على رونالد كومان المهمة أبداً، كما صرحت المصادر، بالرغم من التقارير التي ذكرت عكس ذلك، ولكن ماسيميليانو أليغري وماوريسيو بوتشيتينو كانا في الاعتبار.

تصريحات المدرب السابق لإسبانيول، عندما قال: «قد أفضل العمل في مزرعة على أن أعمل في برشلونة»، جعلت عملية تعيينه معقدة جداً، بالرغم من حقيقة أنه يملك علاقة صداقة جيدة مع بارتوميو ورامون بلانز مساعد أبيدال.

تم استبعاد مدرب فريق الشباب، غارسيا بيمينتا، لأن بعض لاعبي الفريق الأول لم يعتقدوا أنه مستعد للقفز من دوري الدرجة الثالثة الإسباني، حتى أن وكيلاً لأحد لاعبي الفريق الأول ذكر لموقع ESPN أنه سينظر في انتقال لاعبه إلى نادٍ آخر إن ذهبت مهمة الإداراة الفنية لبيمينتا.


المنصب يذهب إلى كيكي ستين

قضى سيتين عطلة نهاية الأسبوع في لينكريس، القرية الصغيرة في شمال إسبانيا حيث يعيش، في انتظار الأخبار، وكان قد ذكر في المؤتمر الصحفي: «يوم الإثنين كنت أسير بجانب الأبقار في قريتي، والآن أنا هنا أدرب أفضل اللاعبين في العالم».

عرف مدرب بيتيس السابق عن اهتمام البارسا بخدماته في ديسمبر الماضي، حتى لو أنه تحدث عن ذلك كمتفاجئ في المؤتمر الصحفي؛ حيث كان أحد المدربين ممن ارتبطت أسماؤهم في الصيف بتولي المهمة، وكان إداريو البارسا قد تحدثوا معه الشهر الماضي، ثم اتصلوا به مجدداً يوم الجمعة الماضي، ساور القلق بعض أعضاء المجلس بشأن قلة خبرته الأوروبية، لكن سيتين كان يعلم أن لديه فرصة لتولي المنصب إذا رفض تشافي ذلك.

في الواقع، قد عرف سيتين بحلول يوم الأحد أين يقف بالفعل، وفي وقت ما خلال عطلة نهاية الأسبوع، تلقى هو ووكيل أعماله مكالمة من ممثلي برشلونة. «أنت على قائمتنا القصيرة، حافظ على الهدوء ولا تذكر أي شيء» كانت هذه فحوى المكالمة، كما ذكر المصدر لموقع ESPN.

بالوقت الذي تحدث فيه أبيدال وجراو مع تشافي، وفقاً للمصادر، كان لدى سيتين عرض على الطاولة من جانب فريق في السعودية، لكنه تأخر في تقديم الرد، على أمل أن يصبح اهتمام البارسا واقعاً.

اقتنع ممثلو برشلونة بكيكي سيتين، حتى قبل شرحه التكتيكي، بعد استشارة عدد من اللاعبين الذين لعبوا تحت قيادته في السابق، وفقاً للمصادر، تواصل مسؤولو النادي مع مارك بارترا وخواكين، حيث لعبا معه في بيتيس، ليعروفوا شيئاً عن طريقته وأسلوبه، بينما ذكر أبيدال أنه كان معجباً بأول حصة تدريبية للفريق تحت قيادة المدرب الجديد.

وقبل تلك الحصة التدريبية، تم تقديم سيتين رسمياً إلى لاعبي الفريق في غرفة الملابس، بجانب باقي أعضاء جهازه الفني، بالرغم من التوقع أن المقابلة سوف تكون بسيطة إلى حد ما، إلا أن سيتين استغل الفرصة ليذكر رسالة مهمة، قائلاً: «إذا كان لدى أي منكم أي شكوك، فليخبرني بها على الفور، علينا أن نواجه أية مشاكل من جذورها».

كما أوضح أيضاً خططه لزيادة كثافة التدريب في محاولة لاستعادة جوهر أداء برشلونة، وهو العمل الجاد الذي سوف يساعد النادي على استعادة الضغط العالي وسرعة التحرك بالكرة أثناء التحولات.

تلقى الفريق الرسالة جيداً

تقول المصادر، إن أول شيء طلبه سيتين من اللاعبين التضحية، حدد حصتين تدريبيتين في يومه الأول، ثم طلب منهم التدرب مرة أخرى يوم الأربعاء، وألغى يوم راحة كان مقرراً سابقاً، صرّح أحد لاعبي الفريق لموقع ESPN أن التدريبات كانت مكثفة، أكثر كثافة من تلك التي كانت تحت قيادة فالفيردي، وصغرت مساحة تمريرات الروندو وكانت أسرع وأكثر شراسة، وهي عندما يشكل عدد من اللاعبين دائرة ويمرروا الكرة سريعاً فيما بينهم، نال التعب من بيكي وأرتورو فيدال بعد 20 دقيقة من حصة التدريب الأولى يوم الثلاثاء، كما تلقى الفريق شرحا تكتيكيا أكثر بعد الظهر.

وقد اغتنم سيتين الفرصة أيضاً للقاء خاص مع ميسي والحارس مارك تير شتيجن، مع المزيد من الاجتماعات المخطط لها مع اللاعبين الآخرين، وتذكر المصادر أن ميسي بدا غير واثق قبل مقابلته مع المدرب، لكنه خرج من مكتبه بابتسامة ملحوظة.

كان هناك أيضاً انتقال للسلطة عندما التقى سيتين بـفالفيردي يوم الثلاثاء، بينما كان يجمع أغراضه، حيث تقابلا مرتين؛ وقيل إن اللقاء الأول بينهما كان مكثفاً، ولكن بعد مغادرة فالفيردي، أجريا محادثة ثانية استغرقت أكثر من 15 دقيقة، في النهاية، تبادلا الأرقام وأخبره فالفيردي أن يتصل به إذا كان بحاجة إلى أية مساعدة.

كان هناك حديث حماسي من قادة النادي حول إمكانية تطور الأداء للمضي قدماً، وهنا يأتي دور كيكي سيتين؛ مهمته هي إيقاف انحدار أداء النادي، وبدء موسمهم بتقديم المساعدة اللازمة لإعادة اكتشاف أسلوب اللعب الذي تعود عليه تحت قيادة كرويف وبيب جوارديولا، لن يكون الأمر سهلاً بالتأكيد، لكنه، وفقاً للمصادر، يستمتع بالتحدي، ويعتقد أن اللاعبين سيصدقون أفكاره، لأنه سيحتاج تلك الأفكار أيضاً، فكما اكتشف فالفيردي، النتائج وحدها ليست كافية داخل قلعة الكامب نو.

تقرير مترجم من ESPN

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى