كيف أحيا النظام الجديد بطولة كأس ملك إسبانيا؟

تقرير- محمد يوسف

بينما نحن على مشارف العقد الجديد، يبدو وأن مسابقات الكأس المحلية في ركود مستمر. حيث فقدت عدّة بطولات سحرها القديم، وأصبحت تكافح لحجز مقعدها في روزنامة كرة القدم الحديثة المزدحمة دائماً. والمثال الأوضح هي “كأس ملك إسبانيا”، والتي شهدت هذا الموسم تغييراً جذرياً في محاولة لإعادة إحياء البطولة، وإعادة الحماس إليها مرة أخرى. وحتى الآن، تبدو العلامات الأولى مُبشّرة.

بالرغم من أنها بطولة كرة القدم الأولى في إسبانيا، والتي سبقت بطولة الليجا بـ 26 عاماً، إلا أنها لم تحمل نفس الشعور الكلاسيكي والعاطفي الذي تحمله بطولة كأس الاتحاد الإنجليزي. كما أنها لم تملك سابقاً نفس نوع القصص الدرامية لانتصار أندية مغمورة كما هو الحال في كأس فرنسا.

نظام قديم ممل!

النظام القديم القائم على مباراتين ذهاب وعودة، والذي يضمن أن يتبقى 12 فريقاً من الدوريات الأقل عندما تبدأ فرق الدرجة الأولى في الدخول إلى أدوار المسابقة، جعل من المستحيل، وكما هو متوقع، أن تتمكن الفرق الصغيرة من الاستمرار والمنافسة في الأدوار المتقدمة من البطولة. حتى أن دور الستة عشر من بطولة الموسم الماضي تكون من خمسة عشر فريقاً من الدرجة الأولى بالإضافة إلى نادي سبورتنج خيخون، والذي هبط منذ موسمين فقط إلى دوري الدرجة الثانية.

كما لم يصعد أي فريق من دوري الدرجة الثانية إلى نهائي البطولة منذ عام 1981، عندما التقى ريال مدريد بشكل عجيب مع فريقهم الثاني “ريال مدريد كاستيا” في المباراة النهائية. حتى عاد الاتحاد الإسباني إلى رشده في نهاية المطاف، ومنع الفرق الثانية للأندية من المشاركة بداية من التسعينيات.

لقد كان رد الفعل بطيئاً مع تراجع المنافسة في السنوات الأخيرة على البطولة. بالإضافة لنظام مباريات الذهاب والعودة، والذي يعني مزيداً من ضغط المباريات، سواءً على الأندية الصغيرة أو الكبيرة.

عدم الرضا عن نظام وشكل البطولة، بجانب افتقادها الواضح إلى التقاليد والهوية، جعل الابتكار والتجديد مهمة أسهل بكثير وأقل إثارة للجدل مما قد تكون عليه في العديد من البلدان الأخرى. ونتيجة لذلك، لم تظهر كثير من الشكاوى عندما أُعلن عن الشكل الجديد والتغيير الجذري، إلى حد ما، قبل بداية الموسم الحالي.

النظام الجديد وفرصة جديدة للتنافس!

انتهى عهد مباريات الذهاب والعودة المملة في الأدوار الأولى للبطولة، لتتحول إلى مباراة واحدة حتى الدور ربع النهائي. كما ازداد عدد الأندية من الدرجات الأقل بعدد كبير عندما تبدأ أندية الدرجات الأولى في الدخول إلى أدوار المسابقة. وهو ما يُعطي الفرصة لفرق صغيرة أن تظهر أمام الأندية العملاقة في إسبانيا.

وفي حين لا تزال هناك محاولات لضمان أن تقع الأندية الكبيرة في مواجهة الخصوم من دوري الدرجات الأدنى كلما أمكن، إلا أن أهم تغيير هو إعطاء ميزة لعب المباريات على ميدان الأندية الصغيرة في كل جولة. والنتيجة أن كل فرق الليجا قد واجهت فريقاً مغموراً على أرضية ميدانه في الأسابيع القليلة الماضية، وتوجهت أنظار البطولة لأول مرة إلى قرى ومدن وجزر صغيرة، في مختلف أنحاء إسبانيا، بطريقة لم تكن ممكنة من قبل.

توجه ريال مدريد إلى ملعب إيلمانتيكو، في مدينة سالامانكا بالشمال الإسباني، وفي هذه الأثناء كان لاعبي برشلونة يلتقطون أنفاسهم، بعد النجاة من تأخرهم أمام نادي جزيرة إيبيزا، جزيرة تمثل عديداً من الأشياء، لا شيء منها يتعلق بكرة القدم.

نادي إيبيزا هو واحد من تلك الأندية الجديدة، أو المُعاد تشكيلها، والتي أعلنت عن وصولها إلى الكرة الإسبانية خلال الأسابيع الماضية من خلال بوابة كأس الملك بنظامه الجديد. وبرغم فوز البارسا في النهاية، إلا أنه من المثير أن يتمكن فريق صغير، ما زال في موسمه الخامس فقط، من دفع العملاق الكتالوني إلى الفوز بصعوبة في الأمتار الأخيرة من المباراة.

إثارة ودراما في البطولة الجديدة!

تحتاج منافسات بطولات الكأس العظيمة إلى جزء من الإثارة والدراما، من أجل إشعال روح المنافسة والمغامرة وإعادة الحماس إلى أجواء البطولة. وبالرغم من انتهاء مغامرات أندية مثل إيبيزا واونيونيستا سالامنكا مبكراً، إلا أن الشكل الجديد للبطولة قد قدم بعض النتائج الصادمة والمثيرة بالفعل.

وقد شهدت أخر ليلة من الجولة الثالثة للبطولة على استفادة الأندية الصغيرة من ميزة اللعب على ميدانهم. حتى أن أربع مباريات من أصل خمسة في تلك الليلة انتهت بخروج أندية الدرجة الأولى، أمثال سيلتا فيجو وإيبار وريال بيتيس، في واحدة من الأكثر الليالي درامية في بطولة الكأس على مدى سنوات طويلة.

وربما كانت النتيجة الأكثر درامية في هذه الليلة، وربما حتى الآن في البطولة، هي خروج أتليتكو مدريد على يد نادي الدرجة الثانية كولتورال ديبورتيفا ليونيسا، ويمكن القول إن تلك النتيجة تمثل الحد الأدنى في عهد إدارة دييجو سيميوني للفريق العاصمي.

في ظل النظام القديم للبطولة، كانت هناك دائماً فرصة للتعويض، في مباراة الإياب على أرض الفريق الأقوى، لذا عندما يتسبب أحد الفرق الأصغر بأي اضطراب في مباراة الذهاب، فإنه كان يتلقى عقاباً شديداً في العودة. لم يكن هناك مجال للمفاجآت على كل الأحوال!

بينما في بطولة هذا الموسم، صعدت ستة أندية من الدرجات الأقل إلى دور الستة عشر من البطولة، وفي بلد ترتكز فيها كرة القدم حول ناديين عملاقين فقط، من الجيد والمفيد أن نرى بعض التنافس البسيط، حتى لو كان في بطولة الكأس، التي حققت بعضاً من الوعود بعد التغيير الجديد.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى