برشلونة لا يكذب.. لكنه يتجمل!

تقرير – محمد العولقي

يجلس رئيس نادي برشلونة جوسيب ماريا بارتوميو القرفصاء في محجره الصحي، يترقب زوال كابوس وباء كورونا ، وبين الحين والآخر يغلق الباب على نفسه ليطالع خسائر ناديه المادية، جراء هذه الجائحة العالمية التي أوقفت النشاط الرياضي كاملا ..

يفتح حاسوبه في ارتباك ، يجمع، يطرح، يضرب، يقسم، ثم يدفن رأسه بين يديه ، فالمنحنى الاقتصادي للنادي في هبوط حاد و مخيف ..

يلوي رئيس نادي برشلونة شفتيه ، وهو يحدق مليا في سريالية صورة لبيكاسو ، يتنهد في ضيق هامسا :

بالأمس كانت هذه التحفة الفنية تساوي عشرات الملايين ، أما اليوم في ظل جائحة كورونا فلا تساوي سوى الملاليم ..
هاجس الانتخابات القادمة تزعجه وتقض مضجعه ، هو مطالب بعمل مالي خارق يكسب به ثقة الناخبين الكاتالونيين في اليوم الأسود، والحفاظ على بورصة النادي من الانزلاق ..

يعيد بارتوميو قراءة برنامجه الانتخابي القادم ، يهز رأسه في ضيق: لم يعد الأمر ممكنا ، فبدون شك ستختلف الأمور تماما بعد الخروج من عنق زجاجة كورونا ..

بارتوميو قلق بشأن منافسه القادم في الانتخابات ، ففي ظل تردي الأوضاع المالية و نضوب معين الإيرادات يخشى أن تهتز صورته أمام الكاتالونيين ، لأن البقاء حينها سيكون للأكثر قدرة على معالجة الأزمة الاقتصادية ..

بارتوميو .. مراوغة انتخابية ..


في منتصف مارس الماضي، اجتاح وباء كورونا إسبانيا هكذا فجأة دون سابق إنذار ، عندها قررت الحكومة إيقاف النشاط الرياضي لأجل غير مسمى ، شأنها في ذلك شأن كل دول العالم ..

ومع تفشي الوباء الذي لا يعرف حدودا ولا سدودا، تدحرجت خسائر الأندية كبيرها و صغيرها ، وكل يوم تتضاعف سرعة الخسائر المادية جراء توقف النشاط الرياضي ..

برشلونة وضع معالجات لتخفيف وطأة الخسائر المادية.. كيف ..؟ لجأت إدارة بارتوميو إلى تخفيض رواتب اللاعبين بنسبة 70 في المائة حتى الانتهاء من جائحة كورونا ..

كان حلا مؤقتا، لكنه ليس الحل المثالي الذي يبقي ميزانية برشلونة صامدة أمام الخسائر التي يتلقاها يوميا ..

ظهر جوسيب ماريا بارتوميو في تسجيل مرئي من داخل محجره الصحي محاولا التخفيف من وطأة تلك الكارثة الاقتصادية ..
” نادي برشلونة ليس في خطر على الإطلاق ، فهو النادي الأكثر دخلا في العالم ..”

كان كلام الرئيس نوعا من خطب ود جماهير برشلونة و طمأنة الأنصار أن النادي في منأى عن العاصفة ، لكنه في قرارة نفسه يعلم تماما أن وضع النادي ماليا سيزداد سوء” في ظل استمرار الجائحة، وتوقف النشاط الرياضي ..

يعتقد رئيس النادي الكتالوني أن تذاكر المباريات و حقوق البث ليست المورد الوحيد لبرشلونة ، فهناك رهان على تعويض ذلك من خلال المدارس و متحف النادي و أشياء أخرى يتحفظ بارتوميو عليها للمراوغة و كنوع من الكروت الرابحة أثناء خوض الانتخابات ..

برشلونة .. الأعلى دخلا في العالم .. كذب أم حقيقة ..؟

جوسيب ماريا بارتوميو

لا يكف بارتوميو عن دغدغة مشاعر الأنصار ، فهو عندما لا يجد كلاما جديدا يقوله ، يلجأ بسرعة الريح إلى التفتيش في الدفاتر القديمة ..

العام الماضي وتحديدا في شهر سبتمبر، وبعد أن تورط بارتوميو في إبرام صفقة أنطوان جريزمان من أتلتيكو مدريد ، أصدر بيانا رسميا يؤكد أن النادي هو الأكثر دخلا في العالم ، وأنه يقف وحيدا دون منافس ..

بيان بارتوميو أكد بالأرقام أن ميزانية النادي في ذلك العام وصلت إلى 990 مليون يورو ، واعدا بتخطي ذلك الرقم الكبير و الوصول إلى حاجز المليار يورو مع نهاية الموسم الحالي ..

تساءل أنصار برشلونة عن حقيقة ذلك المبلغ القياسي الضخم الذي لم يصله ريال مدريد إمبراطور الأرقام الاقتصادية في العالم
شكك معظم الأنصار في ذلك الرقم ، مستندين إلى أن النادي أبرم صفقات مهولة ثبت فيما بعد أنها مضروبة وغير مجدية، كما هو الحال مع صفقتي فيليب كوتينيو من ليفربول ، و عثمان ديمبلي من بروسيا دورتموند ..

ثم كبر الشك بعد فشل بارتوميو في استعادة البرازيلي نيمار داسيلفا من باريس سان جرمان في الميركاتو الصيفي الأخير ، لأن النادي رفض دفع مبلغ 150 مليون دولار بحجة أنه مبلغ ضخم ..

لا أحد ينكر على برشلونة أنه النادي الأعلى دخلا في العالم ، وأنه بالفعل قد يمنع انهيار ميزانيته برغم أن انتهاء هذه الحائحة علمها عند الله ، إلا أنه بالمقابل سيجد تلك الميزانية تتهاوى أمام كورونا و تنضب أمام تحديات أخرى لن يجد لها بارتوميو حلا سوى الدفع مع سبق الإصرار والترصد ..

نعم نصدق فعلا أن برشلونة يستند على حائط مادي كبير ، لكن النادي يبدد كل تلك الأرقام في الوفاء بمختلف التزاماته المالية ، أبرزها بالطبع رواتب اللاعبين الضخمة التي تلتهم جزءا كبيرا من ميزانيته ..

ميسي .. طوفان التصدع الاقتصادي ..!


السؤال الذي يؤرق جماهير و شعب كاتالونيا .. كيف سيتعامل برشلونة مع الميركاتو الصيفي المقبل ..؟

بالتأكيد جوسيب ماريا بارتوميو لا يكذب في تعامله مع الأزمة الاقتصادية في ظل تفشي وباء كورونا ، ربما كان يتجمل في محاولة للحفاظ على وحدة الفريق ..

ربما كانت أكبر معضلة يخلفها كورونا تتعلق بالطرق الوقائية وحماية نجم الفريق و ملهمه الاول بلا منازع ليونيل ميسي من إغراءات نادي إنتر ميلان على وجه التحديد ..

أصبح برشلونة أمام خيارين، وثالثهما مؤلم وربما غير وراد :

الأول : بيع ليونيل ميسي لنادي إنتر ميلان الإيطالي لتحقيق التوازن المالي المطلوب في ميزانية النادي ..

الثاني : وهو خيار جماهيري بالدرجة الأولى بغض النظر عن إفلاس بيت مال برشلونة ، ويتعلق بتحقيق رغبة ليونيل ميسي في استعادة البرازيلي نيمار من باريس سان جرمان ، والتعاقد مع بلدياته مهاجم إنتر ميلان الإيطالي لاوتارو مارتينيز ، أو أحدهما في أضعف الأحوال ..

وعندما يشير رئيس نادي برشلونة بارتوميو إلى مسألة شراء نيمار بتقسيط المبلغ على دفعات ، فهو مؤشر على أن ميزانية برشلونة تعاني من الاختناق و التموين ..

هل أدلكم على دليل آخر يؤكد أن خزينة برشلونة في وضع حرج بسبب كورونا ..؟

حسنا .. يأمل رئيس النادي في تحقيق رغبة ميسي الثانية بالتعاقد مع المهاجم الأرجنتيني لاوتارو مارتينيز من إنتر ميلان، عن طريق إدخال بعض اللاعبين في الصفقة لتقليل المقابل المادي ..

مشكلة برشلونة أنه في ظل الآثار المالية المدمرة التي يخلفها كورونا يوميا، لن يجني الأموال المنتظرة من بيع إيفان راكيتتش و فليب كوتينيو و أرتور فيدال و صمويل أومتيتي و الحارس نيتو ، وهؤلاء هم اللاعبون الذين سيعرضهم برشلونة في مزاد الميركاتو الصيفي لتوفير السيولة المالية في تمويل رغبات ليونيل ميسي ..

كل هذه التشابكات و السيناريوهات تضع عشاق برشلونة وجها لوجه أمام سؤال الساعة : كيف سينجو رئيس نادي برشلونة جوسيب ماريا بارتوميو من طوفان التصدع الاقتصادي ..؟

سؤال صعب إجابته توازي فشل الدول العظمى في إيجاد لقاح مضاد يوقف كورونا عن الطيران في قارات العالم بلا حسيب ولا رقيب ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى