تقرير – محمد العولقي
لم يكن غريبا على رئيس نادي توتنهام اللندني دانييل ليفي أن يمتدح مهاجم فريقه هاري كين ، هذا شأن متعارف عليه دائما لإثارة حماسة جماهير السبيرز .. لكن الأغرب من الأبل أن يثمن سعر هاري كين في سوق الانتقالات الصيفية المقبلة بمبلغ خيالي يقدر نحو 227 مليون يورو ..
ربما كان الحديث عن هذا المبلغ الضخم مستساغا وعاديا قبل الخامس عشر من مارس الماضي ، في ظل تخطي بورصة القيمة الشرائية للنجوم لكل ما هو معقول و مقبول .. لكن حديث رئيس نادي توتنهام عن سعر كين الخيالي في ظل جائحة كورونا، و ما تتكبده الأندية الأوروبية الكبيرة من خسائر مالية كل ثانية و كل دقيقة وكل ساعة وكل يوم يبدو حديثا مثيرا للسخرية ..
لم يكن دانييل ليفي ليتعرض لكل التعليقات الكاريكاتورية الساخرة في مختلف بقاع وأصقاع الكرة الأرضية، لو أنه قال : كين ليس للبيع، سواء في ظل أو بعد جائحة كورونا .. لو قال هذا الكلام لبدأ منطقيا تماما في زمن بات فيه الهداف عملة صعبة ..
يقولون في انجلترا: إن دانييل ليفي مفاوض صعب المراس ، و أنه يحاول الحصول على أكبر رقم مالي قبل التخلي عن كين .. باختصار ليفي لن يوافق على بيع كين في الميركاتو الصيفي إلا إذا تلقى عرضا جنونيا يتماشى مع أطماع ناديه توتنهام ..
لكن من أين سيأتي هذا العرض المجنون في ظل الأوجاع المالية التي تعانيها الأندية الكبيرة ..؟
مانشستر يونايتد و ريال مدريد و برشلونة .. أندية ترغب في ضم كين، لكن بدرجات متفاوتة لن تخلق زيادة مهولة أثناء فتح مزاد بيع كين .. ليفي كما قلت سابقا مفاوض صعب المراس للغاية .. إنه يدرس أوضاع الأندية التي ترغب في ضم كين و يسعى لخلق مزاد ناري ينهي أزمة ناديه بالحصول على مقابل مادي كبير ..
هذيان في زمن كورونا ..
الحقيقة أن دانييل ليفي اختار الوقت الخطأ عند إعلان نيته عرض كين في مزاد الميركاتو الصيفي القادم ..
هو يعلم تماما أن الرقم الذي وضعه 227 مليون يورو، رقم خيالي و تعجيزي في زمن جائحة كورونا ، لا ريال مدريد ولا برشلونة ولا حتى مانشستر يونايتد مستعدون للتفاوض ..
لكن .. ماذا عن أهمية هاري كين بالنسبة للأندية الثلاثة التي تغازله ..؟
برشلونة .. لا يضع كين خيارا أساسيا، فهو يأتي في المرتبة الثالثة ضمن أولوياته .. نيمار أولا ثم لاتارو مارتينيز ثانيا، وأخيرا هاري كين .. ووفقا وهذا الترتيب ، من رابع المستحيلات أن يدخل برشلونة ضلعا أساسيا في صفقة لا يملك سيولتها المالية أولا، ولا يعد صفقة جوهرية في زمن جائحة كورونا ثانيا ..
ريال مدريد .. في أمس الحاجة لمهاجم صريح مهنته إحراز الأهداف بغزارة بعد فشل كريم بنزيمة القيام بهذا الدور ، .الريال يرى في كين حلا مثاليا لإنقاذ الفريق من ورطته و خجله الهجومي، لكنه هو الآخر يرى في كين خيارا ثالثا .. الأولوية القصوى عند فلورنتينو بيريز رئيس نادي ريال مدريد للفرنسي كليان مبابي ، ثم لمهاجم بروسيا دورتموند الصاعد هالاند، بعدهما يأتي كين بمراحل ..
إذن .. ريال مدريد لن يدخل مزاد هاري كين كمنافس حقيقي شرس، ولو قرر و دخل المزاد فسيكون دخوله لمجرد دغدغة مشاعر كين أو كيدا في الغريم برشلونة ..
مانشستر يونايتد .. يبدو النادي الوحيد الذي يطلب كين بقوة، فهو في أمس الحاجة لترميم واجهة الهجوم، و العودة مجددا للمنافسة في البريمر ليج بمهاجم هوايته جمع و تسجيل الأهداف ..
سيدخل المان يونايتد مزاد هاري كين بجدية، وسيحاول إيجاد بعض الحلول لتمويل الصفقة، لكنه قطعا لن يدفع 227 مليون يورو، حتى لو قام ببيع جميع لاعبيه وفي مقدمتهم الفرنسي بول بوجبا ..
ربما يقوى المان يونايتد على دفع نصف المبلغ في أحسن الأحوال، فهو الآخر تعرض و يتعرض لخسائر مالية كبيرة جدا جراء توقف النشاط الرياضي و توقف مداخيل النادي من حقوق النقل و الإعلانات وغيرهما ..
كين .. على أبواب الأولد ترافورد ..
ترى أين سيكون هاري كين غدا في ظل جائحة أكلت أخضر الأندية الكبرى و يابسها ..؟
إجابة هذا السؤال معني بها في المقام الأول هاري كين نفسه ..
هاري ريدناب مدرب توتنهام السابق دخل على الخط ناصحا لهاري كين :
” إذا كان برشلونة أو ريال مدريد مهتمين بالحصول على خدمات كين ، فيجدر به التفكير في الأمر ..”
الصحافة الإنجليزية فتشت ونقبت وحللت و محصت، قادها ذلك التدقيق في الصورة إلى التكهن التالي: سينتقل هاري كين إلى مانشستر يونايتد .. وعندما تتكهن الصحف الإنجليزية، فهي لا تضرب الودع ولا تقرأ الفناجين المقلوبة ، نسبة مشاهدة كين في الأولد ترافورد عالية جدا ..
ريدناب الذي درب السبيرز بين عامي 2008 و 2012 يعتقد أن كين سيكون إضافة قوية للشياطين الحمر ، وسيتأقلم بسرعة مع لاعبي المان يونايتد .. يستدرك ريدناب قائلا :
“مانشستر يونايتد حاليا ليس أفضل من توتنهام، لا وجود لفارق كبير بينهما، فهما يصارعان فقط لدخول دوري أبطال أوروبا ..”
يرى ريدناب أن النقلة الحقيقية في مشواره ستكون في ريال مدريد أو برشلونة ..
هاري كين مهاجم تقليدي ، أنه خير من يجسد مهام رأس الحربة في المصطلح القديم ، وهو بذلك يتشابه كثيرا مع جاري لينيكر في تفاصيل كثيرة ..
لينيكر أحرز الحذاء الذهبي كهداف لمونديال 1986 بالمكسيك برصيد ستة أهداف ، وفي العام التالي أحدث ضجة إنجليزية عندما رحل إلى برشلونة الإسباني نظير مليونين ونصف دولار .. هاري كين نجح في الحصول على لقب هداف مونديال روسيا قبل عامين برصيد ستة أهداف أيضا، وأمام فرصة مواتية ليسير على خطى جاري لينيكر بالرحيل إلى برشلونة أو ريال مدريد ..
الفارق الوحيد بين لينيكر و كين، يكمن في العقلية و العاطفة ..
كين عاطفي يعشق محيط الكرة الإنجليزية التي تتناسب مع قوته البدنية و مؤهلاته الفنية المحدودة ، لهذا فهو أقرب إلى مانشستر يونايتد منه إلى ريال مدريد أو برشلونة .. لينيكر ذكي يفكر بعقله لا بقلبه، لهذا اختار برشلونة ليترك بصمة إنجليزية على الكرة الإسبانية الجميلة ..
في سن السادسة و العشرين سنة، يقترب كين – على ذمة الصحافة الإنجليزية – من الأولد ترافورد أكثر من أي وقت مضى، ويبتعد كثيرا عن الكامب نو أو سانتياغو برنابيو بمئات الأميال .. المؤكد أن المانيو لن يدفع 227 مليون يورو نظير انتقال كين ولو انطبقت السماء على الأرض، في ظل الخسائر المالية التي يتكبدها بسبب جائحة كورونا، مثله مثل الأندية الكبيرة في أوروبا ..
ويبقى التساؤل الصعب: كيف سيتغلب مانشستر يونايتد على أطماع مفاوض صعب المراس مثل دانييل ليفي ..؟