
تقرير – أحمد مختار
“لا أملك صانع لعب محدد، بل الضغط القوي هو صانع اللعب الأول، لأن دورتموند يضغط سريعاً حينما يفقد الكرة، ولا يعود إلى مرماه في الخلف، بل يتمركز قرب منتصف الملعب، وبمجرد قطع الكرة تتحول الهجمة إلى مرمى المنافس في لمح البصر”، فاجأ يورغن كلوب الجميع بهذا التصريح الشهير بعد فوز بروسيا على ريال مدريد في شامبيونزليغ 2013، ليشتهر فيما بعد بأنه واحد من أبرز الأسماء التي تهتم كثيرا بالركض المستمر، ومحاولة خنق الخصم في نصف ملعبه.
عرف الجميع دورتموند 2013، جيل ليفاندوفيسكي وجوتزه وماريو رويس، لكن ماذا عن البدايات؟ والجيل الذي صنع النجاحات الحقيقية، وحقق البطولات المحلية، وسيطر على الكرة في ألمانيا لفترة، وهزم بايرن بالخمسة في مباراة لا تنسى؟
دورتموند 2010-2012 أساس ما شاهدناه في شامبيونزليح 2012 وما بعدها.
سيطر دورتموند بعد كأس العالم 2010 على خريطة الكرة الألمانية، بعد أسلوب الضغط العكسي الذي طبقه المدرب يورغن كلوب، ليظهر فريقه وكأنه مجموعة ماكينات حقيقية، تخنق الخصم في نصف ملعبه، وتضغط طلباً للكرة في كل أرجاء المستطيل الأخضر، وبمجرد الحصول عليها، تبدأ المرتدة الخاطفة بأقل عدد من التمريرات العمودية، فيما عرف تكتيكياً وقتها بظاهرة “الجيجن بريسنج”.
اللعب المباشر في أفضل صورة له، More direct play. لمسات سريعة وتمريرات طولية من قدم الي أخري، الكرة تجري وتتحرك الي الأمام، ويتحرك معها كل الفريق. في حالة عودة الخصم، هنا تعود الكرة الي الخلف من جديد، ومن ثم تمريرة طولية من الخلف الي الأمام من أجل القادمين من الخلف.
فكرة أخري عن المهاجم المتقدم، تجده دائماً ينزل الي العمق، يستلم الكرة ويمررها من لمسة واحدة، بأي جزء من جسمه، المهم أن تخرج الكرة منه الي زميل أخر؟ هنا يأتي دور لاعب الجناح الذي يقطع في العمق، المهاجم يصعد الي الأمام ومعه مدافع، تُفتح المساحات في الداخل، ينطلق منها لاعب الطرف المتقدم.
الـ GegenPressing هو صانع اللعب الفتاك، هكذا قال يورجن كلوب عن سر خلطة دورتموند السحرية .
4-2-3-1 كانت الأساس بهذا الفريق، خط دفاع متفاهم للغاية، هوميلز هو المدافع الأقرب إلى الليبرو، يغطي ويبني من الخلف ويمرر بشكل طولي وقطري، بينما نيفين سوبوتيتش مميز في الرقابة والكرات الهوائية والصعود للأمام، وعلى الطرفين كل من لوكاس بيتشيك وشميلزر، لاعب قوي في القطع والركض والشق اللياقي، والآخر مميز للغاية في الصناعة والقيام بدور الجناح على الخط.
أمام بيتشيك يتواجد فنان بولندا القديم ياكوب بواشتكوفسكي، جناح مميز على الخط ويتقدم باستمرار للقيام بدور المهاجم الثاني، عند القطع من الطرف إلى العمق، بالتبادل مع المهاجم الصريح، بينما كيفن جروسكرويتس أشبه بالجندي في ميدان المعركة، لاعب قوي بدنياً، يلعب بقلبه، يركض باستمرار، تجده في الخلف يغطي مع شميلزر، وفي العمق يساند ثنائي الارتكاز، وعلى الطرف كجناح هجومي حقيقي.
ومع كل هؤلاء تظهر قيمة الثلاثي، ليفاندوفيسكي، المهاجم “الكروكي” الذي لا يكتفي بالتسجيل، بل يعود خطوات للخلف، يساعد في التمرير مع لاعبي الوسط، ويترك مكانه بالتبادل مع بواشتكوفسكي، والثاني هو الشينج كاجاوا، موسيقار اليابان، واللاعب الذي كان يستحق مسيرة أفضل بمراحل، عطفا على رؤيته الفذة وأيامه التي لا تنسى مع بروسيا، في مركز صناعة اللعب، ولاعب الوسط الثالث، أما ثالثهم فهو إلكاي جاندوجان، لاعب الارتكاز كما يجب أن يكون، قبل أن يتعرض لإصابات قاتلة في الركبة.

لطالما انتقدت جاندوجان مؤخرا، لكنه كان أحد عمالقة الوسط في زمن سابق دون شك، لاعب ارتكاز مساند بالمعنى الحرفي للكتاب، قوي في الحيازة والسيطرة، رهيب في التمريرات القطرية والقطرية، ويعرف كيف يمرر من الخلف إلى الأمام، كأفضل “ديب لاينج”، بالإضافة إلى عودته خطوات للمساندة في البيلد آب مع المدافعين، ومساندة زميله بيندر/ كيهل.
الشينج كاجاوا لاعب لا يأخذ حقه. مبدع ومختلف أسفل الأطراف أو بالمركز 10 بالعمق، يلعب على الجناح، يأخذ لاعبين ضده، يفتح الطريق أمام الظهيرين، ورائع بدون كرة خصوصاً في ذكائه أثناء التمركز، يتحرك إلى العمق كي يصعد الظهير، يتحول إلى الخط لكي يفتح مساحة أمام القادم من الخلف في أنصاف المسافات. حينما يلعب في العمق، فإنه دائماً يأخذ خطوتين إلى الوراء من أجل إفساح المجال أمام الأجنحة التي تسدد من خارج المنطقة، وأهم ميزة يمتلكها، التحرك العبقري بدون كرة في المساحة الشاغرة أو المركز الذي يحتاج إلى الدعم.
هذا الجيل فاز بكل من:
– الدوري الألماني: مرتين عامي 2011 و2012.
– كأس ألمانيا: مرة واحدة عام 2012.
– السوبر الألماني: مرتين.
– وصيف دوري الأبطال 2013.