أشرف حكيمي بين نارين!

قراءة – محمد العولقي

يعيش الدولي المغربي أشرف حكيمي هذه الأيام بين نارين ، فقلبه دائما مع بروسيا دورتموند وعقله مع ريال مدريد ، و تبقى المفاضلة بالنسبة لأشرف حكيمي صعبة و شاقة، لعل الأسهل منها تسلق جبال الهيمالايا بدون حبال أو رجال يساندون الموقف ..

أشرف حكيمي لاعب جوكر يلعب في مختلف المراكز بكفاءة عالية جدا ، هو لاعب شاب حيوي للغاية يعطي الإضافة الفنية المطلوبة و يمنح الشاكلة التكتيكية مرونة فوق المتوقع .. الدولي المغربي في الحادية والعشرين من عمره يقف اليوم دعامة في الجهة اليمنى لا غنى عنه، لا يضاهيه هجوميا و دفاعيا في المردود العام سوى لاعب ليفربول ألكسندر أرنولد..

هذا بالطبع ليس كلامي .. إنه كلام الأرقام التي لا تكذب ولا تتجمل ، فالمغربي أشرف حكيمي بشعار بروسيا دورتموند خاض مع أسود الفيستيفال 65 مباراة في مختلف المسابقات سجل عشرة أهداف و صنع 17 هدفا ..

يراه مدرب بوروسيا دورتموند السويسري لوسيان فافر حلال العقد في فريقه، ما إن تلم بالفريق أزمة بسبب الغيابات أو الإصابات حتى ينبري أشرف حكيمي ليضع الحل ويصنع الفارق و يردم هوة المعضلة و تصحيح الأوضاع مهما بلغت معقدة ..
لأجل مؤهلاته الفنية و التكتيكية العالية أضطر لوسيان فافر إلى تعديل خطط اللعب، لتنسجم مع قدرات هذا اللاعب الجوكر الذي يصلح لكل التموضعات ..

أشرف حكيمي
أشرف حكيمي

شغل مع ريال مدريد الجهة اليمنى بكل اقتدار وقدم لزين الدين زيدان الكثير من القناعات على أنه مستقبل الريال ، لكن قدر أشرف حكيمي أن الريال يضم متمردا إسبانيا في الجهة اليمنى يتلقى كامل الدعم من زيدان ومن عشاق سانتياغو برنابيو ، الأمر يتعلق بطبيعة الحال بداني كارفخال ..

ولأن الريال يريد نضوج أشرف حكيمي في سن متوهجه فقد أعاره قبل موسمين لفريق بروسيا دورتموند .. هناك في سيجنال بارك حصل أشرف حكيمي على فرصة اللعب بانتظام أساسيا ..
ورغم أن دورتموند يمتلك في مركز الظهير الأيمن العجوز البولندي لوكاس بيشتشيك، وهو ظهير خبير مكافح إلا أن مدرب دورتموند رأى في حكيمي اللاعب الجوكر الذي يجسد المرونة التكتيكية في أبهى صورها، باختصار رأى في حكيمي الفارس الشطرنجي الذي يحتاجه الفريق لإيجاد الحلول الممكنة وغير الممكنة ..

يعتبر حكيمي مفتاح لعب بروسيا دورتموند، قفله و مداره ، فهو بمثابة اللاعب الجوكر الذي يجيد تأدية أدوار مختلفة ..
اكتشف فافر أن مؤهلات حكيمي نادرة، و أنها يمكن أن تمثل مخرجا وقت المآزق و الأزمات ، وعندما عاني الفريق من أزمة في الجهة اليسرى كان حكيمي هو الحل السحري .. استمر حكيمي يعالج الجهة اليسرى بكفاءة عالية قبل أن يعود إلى مركزه الأصلي كظهير أيمن، وعلى حساب المخضرم البولندي بيشتشيك ..

فجأة كان الاكتشاف المذهل الذي جعل من أشرف حكيمي لاعبا ذي مرونة تكتيكية رفيعة .. اعتنق مدرب دورتموند السويسري فافر الكرة الهجومية ، فأقدم على خوض غمار شاكلة 3/4/3 ، وهنا تم تحريك أشرف حكيمي ليؤدي مهام لاعب الوسط الأيمن، أو الجناح الأيمن بحسب الموضة القديمة ، بينما وضع البولندي بيشتشيك ضمن ثلاثي الخط الخلفي ..

هنا تحول أشرف حكيمي إلى إعصار أصفر لا يبقي و لا يذر ، ولم يكن أشرف لينجح في تموضعه الجديد لولا أنه يمتلك شلالا من المهارات الفنية مصحوبة بالحركة و البركة التي جعلت منه اللاعب الذي يحول المساحات خلفه إلى جحيم لا يطاق ..
جلب نادي بوروسيا دورتموند الصيف الماضي الظهير الأيسر نيكو شولز ، ومع ذلك بقي أشرف حكيمي لاعبا لا يمس ، سواء لعب كظهير أيمن أو جناح أيمن، يأتي أشرف دائما في المقدمة ومن بعده تأتي شاكلة اللعب وأدواتها ..

حكيمي .. القلب في حيرة ..

أشرف حكيمي
أشرف حكيمي

السؤال : إذا كان أشرف حكيمي يصول ويجول مع بروسيا دورتموند حيث وجد نفسه أساس وأس الشاكلة، فلماذا يعيش اليوم بين نارين ..؟
الإجابة ببساطة: تنتهي إعارة أشرف حكيمي بنهاية الموسم الحالي ، عندها من حق ريال مدريد استعادة لاعبه من جديد ليكون تحت إمرة النادي الملكي مجددا ..

أشرف حكيمي يميل بحكم العاطفة لريال مدريد ، لكن عقله يلح عليه بالبقاء مع بروسيا دورتموند و الحفاظ على المكانة العالمية التي بلغها مع أسود الفيستيفال ..
هل أشرف حكيمي يرغب بالعودة إلى ريال مدريد ..؟
بالطبع الإجابة نعم لكن ..

أشرف حكيمي بعد نجاحه الكبير مع دورتموند وبعد المكاسب التي جناها طوال عامين، لن يرضى بالجلوس على دكة البدلاء حتى لو كان منافسه داني كارفخال نفسه .. هذه الأولى .. أما الثانية التي عادها لما تكون على حد تعبير الهاشمي الذي قال : عندك خطأ ما قرأت البسملة .. فتكمن في زين الدين زيدان الذي يلح على استعادة حكيمي وتعويض رحيل ألفارو أودريوزولا إلى بايرن ميونيخ يناير الماضي ..

حكيمي يستمتع بالعمل رفقة الفرنسي الأسطورة زين الدين زيدان ، و يتمنى أن يكون دعامة أساسية، لكن المنطق هنا واضح تماما و لا يحتاج إلى تعليق .. فزيدان يثق ثقة مطلقة في داني كارفخال، وهو خياره الأول مهما امتدحنا مؤهلات حكيمي الفنية و التكتيكية ، من هنا فان عودة حكيمي إلى الريال بالمنطق ستعيده إلى نقطة الصفر مجددا، و سينسف كل المكاسب التي حققها على مدار موسمين مع بروسيا دورتموند ..

هل من بصيص أمل يدفع حكيمي ليؤدي دورا محوريا مع زيدان الموسم القادم ..؟
ربما كان زيدان يفكر في تدعيم الجهة اليسرى بالذات، على أساس أن البرازيلي مارسيلو شاخ تماما وهو في طريقة لمغادرة سانتياغو برنابيو ..

هنا نتوقف لنسأل: إذا لجأ زيدان إلى تدعيم الجهة اليسرى بحكيمي، فما مصير الفرنسي فيرنار ميندي الذي قدم قناعات على أنه الخليفة المحتمل لمارسيلو ..؟ بالفعل إشكالية معقدة للغاية لأن زيدان لن يتجرأ على تغيير نمط الشاكلة ، وحتى لو فعل فلن يكون أشرف حكيمي لاعبا في الوسط .. لماذا ..؟

لأن زيدان يؤمن دائما بالتخصص و بالخلق ولن يجازف أو يجرب حكيمي كلاعب وسط أيمن، إلا لو اضطرته الظروف إلى ذلك، ومن غير المنطقي أن يربط حكيمي مستقبله مع ريال مدريد بظروف طارئة قد تأتي على فترات متباعدة لا تخدم اللاعب تسويقيا وقد لا تأتي من أساسه ..

شيء آخر في غاية الخطورة يجب على حكيمي التفكير فيه بعيدا عن العاطفة ، فعندما يقرر العودة إلى ريال مدريد فإن الضغوط ستكون واقعة عليه و ستضاعف من صعوبة مهمته ، خصوصا مع جمهور يؤمن بالخلق المباشر و السريع ، وهذه أجواء مختلفة تماما عن الأجواء الهادئة التي عاشها حكيمي في ملعب سيجنال إيدونا بارك ..

المفاضلة الصعبة ..

أشرف حكيمي
أشرف حكيمي

وطالما وقد سقطت كل الأسباب العاطفية التي قد تربط أشرف حكيمي بالعودة مجددا إلى مربع ريال مدريد ، سينجلي ليل الحقيقة أمامنا و ستنقشع كل السحب في سماء الدولي المغربي، و ستبقى لغة العقل المحرك المنطقي لقرار حكيمي الأخير ( هكذا يجب أن يفكر حكيمي بعيدا عن العاطفة ، المهم مستقبلي ومن بعدي الطوفان ) ..

وفقا وهذا المنطق فإن المؤشرات ستدفع ببقاء أشرف حكيمي مع بروسيا دورتموند، طالما كان من وجهة نظر مدرب دورتموند فافر اللاعب الجوكر الذي يصلح ما يفسده الآخرون، واللاعب الذي أصبح بالنسبة للفريق الألماني الملح الذي لا غنى عنه في وجبات دورتموند التكتيكية ..

قد يسأل أحدكم وهو محق في سؤاله: أي مجد يمكن أن يجنيه أشرف حكيمي لو قرر البقاء في دورتموند و إدارة ظهره لريال مدريد ..؟

ربما لا يجني أشرف حكيمي مع دورتموند بطولات كبيرة بحكم أن بايرن ميونيخ هو الغول الذي يتجشأ على موائد البوندزليجا ، لكن بقاء أشرف لاعبا أساسيا سيفتح أمامه أبواب الأندية الكبيرة مستقبلا ، إلا إذا كان ريال مدريد يدخر مركزا أساسيا للاعب المغربي، رغم أن هذا من وجهة نظري غير مضمون، وهذا ما يدركه حكيمي نفسه ..

من حق ريال مدريد ألا يفرط في نجمه الشاب الذي اكتسب الخبرة المطلوبة بنظام الإعارة ، وأصبح حاليا من بين أفضل خمسة أظهرة في العالم ، ومن حقه تحصين نجمه الشاب من كل الإغراءات المستقبلية .. كيف ..؟

ربما يكون الحل الوحيد أمام ريال مدريد و أشرف حكيمي سوى تمديد الإعارة لموسم آخر، على أن يعود اللاعب لريال مدريد الموسم بعد القادم، عندها قد يشهد الريال تغييرات واسعة النطاق تسمح لحكيمي اقتناص مركز الظهير الأيمن من كارفخال..

وإلى أن تحدث انفراجه في مستقبل أشرف حكيمي ، سيبقى قلبه في حيرة بين عشق ريال مدريد و حب بوروسيا دورتموند ، عانك الله يا أشرف على المفاضلة بين قلب معلق بحبال ريال مدريد و بال مشغول ببروسيا دورتموند ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى