
تحليل- سالم ربيع الغيلاني
تستعد الاتحادات المختلفة، بالإضافة إلى اللجنة الأولمبية، للانتخابات القادمة التي سيتأخر موعد انطلاقها المقرر نتيجة الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم بسبب وباء كوفيد19، والآن ومع مؤشرات توكد أن هذه الانتخابات ستنطلق في ديسمبر القادم، بدأ المجتمع الرياضي في السلطنة يمور بحراك محموم من أجل كسب أصوات انتخابية؛ من قبل عدد كبير من الشخصيات التي قررت أن تخوض هذا المعترك، كل يحاول أن يستميل الناخبين بطريقته، وهو أمر صحي جدًا بغض النظر عن بعض الأساليب الي لا ترقى إلى الروح الرياضية؛ وهو ما لا تخلو منه أي انتخابات في العالم.
لكن الأمر المهم لنجاح هذه الانتخابات هو أن يبقى المسؤولون بوزارة الشؤون الرياضية في موقف محايد، وعلى مسافة واحدة من المترشحين كلهم، ودون التدخل لصالح بعض الشخصيات، وتقديم الدعم لها لاجتذاب أصوات الناخبين، أو الدفع بمرشحين ترى الوزارة أنهم الأصلح للفترة القادمة؛ فحدوث أمور مشابهة ستكون لها تبعات خطيرة على رياضتنا مستقبلاً؛ فالوزارة دورها رقابي وتنسيقي لهذه الانتخابات، وينتظر منها التعامل بحيادية مع الجميع.
حقائق أم تكهنات؟
إن حيادية وزارة الشؤون الرياضية مسألة في غاية الأهمية للجميع، ولهذا من الطبيعي أن تثار المخاوف لدى البعض، وأن تتداول الأقاويل أحياناً عن إيعاز الوزارة لبعض الشخصيات للتنافس ضد مترشحين على منصب الرئاسة سعيًا منها للحيلولة دون ظفر غير المرغوب فيهم بفترة ثانية أو عكس ذلك، ولكن تظل هذه مجرد أقاويل ولا يوجد ما يؤكدها على أرض الواقع حتى هذه اللحظة؛ كون الانتخابات لم تشرع أبوابها للمترشحين المحتملين؛ وبالتالي سيكون أي حديث عن ذلك محض تكهنات، وعلى المشككين الانتظار حتى فتح باب الترشح ليستشفوا من خلال مجرياتها صحة هذه الأقاويل من عدمها، وهل سيتقدم للانتخابات أسماء لها علاقة وثيقة بالوزارة للتنافس على مناصب الرئاسة كما يُتوقع، أم لا؟ وهل ستؤثر الوزارة على الناخبين لدعم مرشحين معينين أم ستقف على الحياد كما ينبغي أن يكون دورها؟
إن مثل هذه الأقاويل التي تثير المخاوف من المفهوم تداولها وانتشارها كلما اقترب موعد الانتخابات، ويصعب قبل بدء سامر هذا الحدث الرياضي المهم دحضها أو تأكيدها بالكلام؛ إذ ستكون أفعال ومواقف الوزارة والعاملين بها كفيلة بتأكيد هذه المخاوف أو تبديدها، وتعزيز ثقة الجميع في الحياد الموضوعي للوزارة، وهي ثقة ضرورية نحتاجها لصالح جميع الأطراف.
عالم متغير

إن دور وزارة الشؤون الرياضية هام وأساسي، وينبغي أن ينطلق من الخلفية الواقعية المعاصرة، لأننا لم نعد نعيش عصر التعيين، ومركزية الإدارة واتخاذ القرارات، كما يتوهم البعض فثمة مياه كثيرة جرت تحت الجسر دون أن ننتبه، ولا يمكننا أبداً أن ننظر إلى العالم الجديد المتغير والمتسارع بعيون قديمة؛ فالعمل الرياضي أصبح يملك استقلاليته التي منحتها له القوانين واللوائح المنظمة، وأية محاولة للالتفاف عليها ستجعلنا نتراجع للخلف.
إننا بأمس الحاجة في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ السلطنة الحديث إلى شخصيات قيادية في اللجان والاتحادات الرياضية تتسم بقوة الشخصية، والإرادة التي تمكنها من أن تحفظ للكيانات التي تترأسها استقلالية القرار والموقف، وهي مسألة ستنعكس إيجاباً على كل المؤسسات الرياضية وستكون لصالح الوزارة بصفة خاصة ورياضة السلطنة بصفة عامة.
فلا يمكن لاستقلالية المؤسسات الرياضية وصلاحياتها المنصوص عليها في القوانين واللوائح أن تصبح واقعاً إلّا بوجود ثقافة رياضية وإدارية تترجم هذه النظم والقوانين إلى إجراءات وأساليب إدارية في التعامل تتخلص من فكرة التابع والمتبوع، وضرورة رجوع الاتحادات المختلفة للوزارة في كل شاردة وواردة، وهو الأمر الذي يرى البعض أن الشؤون الرياضية متمسكة به بشدة، مدللون على ذلك بقيام الوزارة قبل مدة بسيطة بإشهار اتحادين جديدين هما تنس الطاولة والدراجات، اللذين يتوقع أن يكون لهما تأثير على مجريات الانتخابات القادمة.
اتحادان جديدان
لقد أثار قرار إشهار الوزارة لهذين الاتحادين استغراب الكثيرين، فهل هذا هو التوقيت المناسب لاتخاذ مثل هذا القرار؟ فكما هو معلوم فإن لهذا الخطوة تبعات مالية ستتطلب زيادة في الدعم المقدم لقطاع الرياضة؛ لتغطية النفقات الإدارية والفنية للوافدين الجديدين، وهو أمر لا يتسق مع سياسة ترشيد الإنفاق التي تتبعها الحكومة، والسؤال الذي يفرض نفسه مع غرابة هذا الوضع وعدم منطقيته هو: ما الحلول التي قدمتها الوزارة للحصول على الموافقات المطلوبة في ظل هذه المعطيات؟
إن التفسير الأقرب للمنطق بخصوص ما حدث هو أن الوزارة -للحصول على الموافقات المطلوبة- قدمت للمعنيين خيارات تتسق مع خطة الإنفاق العامة للحكومة، مثل استقطاع نفقات الاتحادين من مخصصاتها المالية، أو إعادة جدولة مبلغ الدعم المقدم لقطاع الرياضة بحيث يشمل هذين الاتحادين؛ مما يعني مزيدا من التقليص في مخصصات الاتحادات واللجان التي يعاني أغلبها من عجوزات ليست بالبسيطة، أو تكفل الوزارة بتغطية جزء من العجز المتوقع، وموازنات الاتحادات واللجان ستتكفل بتغطية الجزء الآخر، وفي كلا الخيارين الأخيرين سيكون هناك مزيد من التقليص في الدعم المقدم.
تفرض التعقيدات التي أوجدها إشهار الاتحادين المذكورين تساؤلات عدة؛ فهل هناك ضرورة ملحة لوجدهما في هذا التوقيت؟ ولماذا لم تنتظر الوزارة عاما أو عامين حتى يتعافى الاقتصاد من آثار انخفاض أسعار النفط وجائحة كورونا؟ وهل ستكون هناك تبعات خطيرة على رياضتنا في حال الإرجاء؟ ولماذا لم يُلحق نشاط تنس الطاولة إلى التنس الأرضي لتوفير النفقات وتركيز العمل؟ تساؤلات منطقية يفرضها الوضع العام لرياضتنا، التي لا تعيش أفضل أوقاتها على المستوى الاقتصادي.
جدل وفرضية
هناك فرضية يطرحها البعض بخصوص الجدل الدائر حول الخطوة التي اتخذتها الوزارة، وتتلخص في أن إشهار هذين الاتحادين محاولة للتأثير على انتخابات اللجنة الأولمبية القادمة، ولكن هذا الأمر يظل أيضًا مجرد افتراض؛ فهذين الاتحادين ينبغي لهما ليشاركا في هذه الانتخابات أن يكونا عضوين منتسبين في اللجنة الأولمبية، وتنطبق عليهما شروط المشاركه فيها، لكن ما يجعل هذه الفرضية مقبولة إلى حدٍ ما -وحسبما يشاع- هو وجود نوع من عدم التوافق في الرؤى بين رئيس اللجنة الأولمبية الحالي ومسؤولي الوزارة، وتستند هذه الفرضية -حسب هؤلاء- إلى خلافات قديمة بين الطرفين، أكدها موضوع صحفي في مطبوعة يمتلكها رئيس اللجنة الأولمبية الحالي، رأى الكثيرون حينها أنه يشير بشكل مبطن إلى قيام الوزارة بالتدخل للتأثير على سير الانتخابات التي أجريت قبل 8 سنوات لصالح منافس الرئيس الحالي، وهو أمر سيمثل تأكيده خطورة كبيرة على مستقبل رياضتنا، فتدخلات كهذه وإن كانت مغلفة بأهداف نبيلة -حسب من يتبناها-؛ إلا أنها ستوجد خللاً خطيرًا في العملية الانتخابية، وسيجعلها تحيد عن مسارها المرسوم.
بالطبع جميع من تهمهم المصلحة العامة يأملون عدم صحة الأقاويل أو الافتراضات التي تشير إلى أي تدخلات من قبل وزارة الشؤون الرياضية في سير العملية الانتخابية؛ فالوزارة أو أية مؤسسة رسمية أخرى ينبغي لها النأي بنفسها عن التدخل في سير العملية الانتخابية، حتى وإن كانت إفرازاتها لا ترتقي للجودة المطلوبة، أو لا تتوافق مع الخطط المرسومة؛ فالمؤسسة الرسمية ينبغي اقتصار وصايتها في هذه العملية على الرقابة وتهيئة الظروف المناسبة لسيرها حسب التشريعات والقوانين المنظمة لها، وترك أمر الخيار للناخب دون التدخل للتأثير عليه لصالح هذا أو ذاك؛ فهذا من شأنه أن يحافظ على هيبة المؤسسة وقوتها، وسيفضي في النهاية إلى زيادة وعي الناخب، ويعزز قدرته على اكتشاف أخطائه وتقييم مواقفه، وهي أمور لا نتعلمها إلا عندما نملك حرية اتخاذ القرار؛ لذلك لا ضير من الخطأ طالما أن فرصة التصويب قائمة.
اتساءل حول قيام وزارة الشؤون الرياضية باختيار أعضاء مجلس إدارة اتحاد الدراجات الهوائية والغريب أنهم منسبين للوزارة.
هل هذا الاجراء صحيح؟ وعلى ماذا استند الوزارة في تمرير هذا القرار المخالف للمادة (47) من اللائحة التنظيمية الصادرة بالقرار الوزاري 147/2020؟