ربيع الكرة العمانية.. قائد جيل الذهب

توووفه- لؤي الكيومي

لطالما تغنّت الجماهير العمانية بمنتخبها الذهبي الحاصل على بطولة كأس الخليج في نسختها الـ19 بمسقط، وهي المرة الأولى في تاريخ الكرة العمانية، وكذلك هو الفريق ذاته الذي وصل إلى النهائي في 3 مناسبات متتالية وحقق حضوراً جيداً في كأس أمم آسيا 2004 بالصين وكأس أمم آسيا 2007 “التنظيم المشترك”، وغيرها من الاستحقاقات الإقليمية والقارية والدولية، هذا الإرث الذي أصبح مدعاة فخرٍ لجماهير الأحمر كان لابد من وجود صانعين له من لاعبين ومدربين وغيرهم من شركاء المنظومة

يقول المحللون والنقّاد إن على المدربين الراغبين في تحقيق الانتصارات، أن يضعوا التشكيلة المناسبة بناءً على خط الدفاع الذي يمتلكه الفريق، أو أن يبدأ المدرب بوضع التشكيلة بدءًا من خط الدفاع، بكل تأكيد هذا الأمر يُجسد أهمية وحساسية هذا الخط في تشكيلة أي فريق ونوعية اللاعبين ومواصفاتهم التي يجب أن تتوافر أمام كل مدرب.


النسبة الأكبر أن المدافع الدولي السابق محمد ربيع النوبي وقائد كتيبة الجيل الذهبي للأحمر يُصدّق على هذه المقولة، فهو أحد الأسماء التي لم ولن تُمحى من ذاكرة الجماهير العمانية على وجه الخصوص وكل من تابع ورأى النجم الأسمر نظراً لما كان يفعله في الخطوط الخلفية، كما أن اسمه ارتبط بأبرز إنجاز تحقق عندما سدد الكرة الأخيرة في ضربات الترجيح أمام المنتخب السعودي في نهائي خليجي 19 إضافةً إلى استلامه الكأس الأولى على مستوى بطولات كأس الخليج من السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- ، كان خير قائد لكتيبة النجوم في تلك الحقبة الذهبية ولأفضل جيل مر على الكرة العمانية.

لا مبالغة في الأمر إن قلنا إن القائد محمد ربيع كان من أهم أسباب الكرة الممتعة التي يقدمها المنتخب العماني وهو في خط الدفاع، نعم فالمدرب الذي يمتلك لاعباً بحجم وقيمة وخامة الفتى الأسمر رفقة زميله خليفة عايل في الخط الخلفي بكل تأكيد سيتسلل إليه الأمان والثقة ويتفرغ للتفكير في الخطة الهجومية وكيفية صناعة اللعب وإعطاء الحريات للاعبي خط الوسط على وجه الخصوص دون الإفراط في إعطائهم المهام الدفاعية، مواصفات رائعة وفريدة تمتع بها محمد ربيع خصوصاً تلك التي تعلّقت بكيفية التخلص من المواقف الصعبة ومنع الهجمات على فريقه، قوة الشخصية والثبات والثقة والذكاء والدهاء في التعامل مع المهاجمين، الهدوء والتدخلات في الأوقات المناسبة وغيرها الكثير.

تميّز محمد ربيع بقدرته على التأقلم السريع مع الخطط الفنية والتكتيكية المختلفة إضافةً إلى نوعية اللاعبين الذين يلعب معهم، على سبيل المثال لعب محمد ربيع مع السد القطري تحت قيادة المدرب فوساتي في غالب الأحيان بخطة 3-5-2، ولعب مع المنتخب العماني بخطة 4-4-2 وبأشكال متنوعة وطرق توزيع مختلفة للاعبين على أرضية الملعب مع الأندية التي لعب لها.


ولد النوبي في العاشر من مايو عام 1981م بمحافظة ظفار التي ترعرع ونشأ فيها والتحق بأحد أنديتها مع بداية المسيرة الكروية المرصًعة بالنجاحات وتحديداً نادي الاتحاد وهو في سن صغيرة عبر المراحل السنية، قبل أن ينتقل لتمثيل ظفار موسم 2000 وشق طريقه من خلاله إلى المنتخب الوطني الأول بعد أن لعب له أربعة مواسم، قبل أن تتسابق الأندية الخليجية على كسب خدماته وضمه إلى صفوفها وهو ما حدث عندما خاض فترة احترافية قصيرة مع الجهراء الكويتي، وفي موسم 2004/2005 تحديداً وقع النوبي عقداً لمدة موسم واحد مع نادي الوحدة السعودي وحقق رفقته المركز السادس في بطولة الدوري.

شهد موسم 2005/2006 بداية المرحلة الأفضل في مسيرة المدافع العماني عندما قرر الرحيل لصفوف نادي السد القطري ملتحقاً بزميله خليفة عايل واللاعبين الآخرين الذين دعموا صفوف الأندية الأخرى في الدوري القطري، كانت تجربة السد مثالية جداً للمدافع العماني قدّم خلالها أفضل مستوياته الفنية والتي صاحبت تألقه اللافت أيضا مع منتخب بلاده، حقق محمد ربيع مع السد كل البطولات المحلية وهي الدوري وكأس ولي العهد وكذلك كأس أمير دولة قطر، قبل أن يُمثّل نادي الاهلي القطري موسم 2010/2011 ويعود لصفوف ظفار لإنهاء مسيرته الكروية.

برز القائد الصامد وصخرة الدفاع مع المنتخب العماني في بطولتي كأس الخليج 16 و17 وهي باكورة الانطلاقة نحو المعالي في عالم الكرة وشارك بعدها في 5 نسخ متتالية وحمل اللقب الأول لمنتخب بلاده في النسخة الـ19 بمسقط، بالطبع أصبح محمد ربيع وجهاً مألوفاً في تشكيلة الأحمر العماني ما دامت قدماه تلمس الكرة ويعتبر واحداً من أبرز من حمل شارة القيادة بعد اعتزال المهاجم هاني الضابط، تعاقب عليه المدربون رفقة المنتخب أبرزهم كلود لوروا وكالديرون وإستريشكو، ومن فجّر طاقاته وموهبته التشيكي ميلان ماتشالا، تاركاً الذكريات الجميلة وطارحاً التساؤلات لدى الجماهير حينها “من سيكون خليفة محمد ربيع” ؟.

لم يسلك محمد ربيع أحد الطرق المعتادة للاعبين بعد اعتزالهم مثل التحليل أو التدريب أو العمل الإداري، بل توارى عن الأنظار وظل بعيداً عن الضوء إلا في مناسبات بين الحين والآخر، كما أصبح حفل الاعتزال الذي يليق به في طي النسيان رغم مطالبة الجماهير بتكريم اللاعب بشكل خاص والجيل الذهبي بشكل عام نظير ما قدّموه من عطاءات لم تنضب للكرة العمانية طيلة الحقبة الفائتة.

مسيرة ربيع الكرة العمانية لا يمكن قياسها بالعدد والإحصائيات ولكن بحجم التضحيات التي قدمها والبصمات التي تركها خلفه، ربيع طوال 12 عاما كان الرقم الثابت مع الأحمر الأول بداية من الظهور الأول في خليجي 14 بالبحرين عام 1998 ونهاية بمواجهة السعودية بذهاب تصفيات مونديال 2014 في سبتمبر 2011.

خاض مع الأحمر معظم المعتركات كالبطولة العربية وتصفيات كأس العالم وتصفيات ونهائيات أمم آسيا ودورة الألعاب الآسيوية وظهر 94 مرة بقميص الأحمر، وتظل ركلة “العمر” في خليجي 19 أجمل الذكريات في زمن النسيان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى