كتبت- ترياء البنا
تعملق الفتى الصغير على مسرح الكبار فتفوق على الجميع وحصد جائزة لاعب العام في حفل جلوب سوكر بدبي، ولكنه حين علق على الجائزة قال إنه لم بصنع التاريخ بعد، وهذا هو طموحه، ولم لا وهو الولد الصغير الذي شبهه خبراء الكرة ببيليه والظاهرة رونالدو( مثله الأعلى في الكرة).
وقف كليان مبابي الصغير كبيرا جدا، عملاقا من عمالقة الساحرة عبر التاريخ وهو لازال في بداية المشوار، وأرى أنه بما يمتلكه من مقومات ومهارات (مراوغات، سرعات، يلعب بقدميه، يجيد اللعب في مراكز متعددة كجناح أيمن أو أيسر أو مهاجم صريح، يتميز بخفة الحركة، لديه قدرة فائقة على الاختراق في العمق وخلق الفرص، كما أنه من أفضل المهاجمين إنهاء للهجمات)، قادر على الوصول إلى أعلى سقف من طموحاته.
لم يصل ابن المرأة العربية إلى تلك المكانة في سن صغيرة من فراغ، فهو ابن لعائلة رباضية( أم جزائرية تلعب كرة اليد، وأب كاميروني مدرب كرة قدم، وهو أول من دربه وانتبه لقدراته ومهاراته التي تفوق الأطفال في نفس سنه وهو في السادسة من عمره)، منذ صغره وقبل أن يصل الحادية عشرة، حاولت أندية كبرى الظفر به(ريال مدريد، تشيلسي، ليفربول، مانشستر سيتي، وبايرن ميونيخ، وبالفعل تمت دعوته من قبل الريال ثم تشيلسي للعب رفقتهما، ولكنه في النهاية استقر في موناكو، بعمر 16 سنة ليكون بذلك أصغر لاعب يلعب للنادي على مر التاريخ محطما لقب تييري هنري، كما حطم لقبا آخر لهنري حين أصبح أصغر هداف في تاريخ النادي، ونجح خلال موسم 2016/2017، في تسجيل 26 هدفا خلال 44 مباراة، ليحصد موناكو لقب الدوري الفرنسي.
ولعل المحطة الأبرز لمسيرة مبابي التي لاتزال في بدايتها، والبوصلة التي وجهت أنظار العالم نحوه بقوة، الانتقال إلى النادي العاصمي باريس سان جيرمان موسم 2017/2018، وكان على سبيل الإعارة مع حق الشراء في الموسم التالي مقابل 145 مليون يورو، ليكون ثاني أغلى لاعب في تاريخ الكرة خلف نيمار( باريس سان جيرمان)، وبدأ مبابي مع النادي تسجيل بصمات تاريخية، حيث نجح في التسجيل بأول ظهور له، وبعد 4 أيام سجل هدفه الأول رفقة النادي بدوري أبطال أوروبا، وحقق كأس فرنسا ذاك الموسم.
وفي الموسم التالي تألق مبابي وسجل أول سوبر هاتريك في مسيرته خلال 14 دقيقة فقط( أمام ليون)، وأصبح أول لاعب يسجل أربعة أهداف في لقاء واحد في آخر 45 موسما، وهو بعمر 19 عاما، بعدها أصبح أول فائز بجائزة كوبا من فرانس فوتبول لأفضل لاعب في العالم تحت 21 سنة، وأنهى الموسم هدافا للدوري برصيد 33 هدفا، مع جائزة أفضل لاعب في العالم ولقب الدوري الفرنسي.
وتواصل تألق الظاهرة الجديد موسم 2019/2020، حيث حقق رفقة بي اس جي، كأس الأبطال الفرنسي، ولقب الدوري، ووسط جائحة كورونا أنهى المراهق المتألق الموسم هدافا للدوري بـ 18 هدفا خلال 20 مباراة، في موسم متميز للبي اس جي حقق خلاله الثلاثية المحلية.
سجل مبابي هدفه الـ100 مع باريس سان جيرمان موسم 2020/2021، ليصبح واحدا من 5 لاعبين فقط حققوا هذا الإنجاز، وبعد الهاتربك التاريخي أمام برشلونة في دوري الأبطال بملعب كامب نو، أصبح مبابي ثالث لاعب يفعل ذلك بعد اسبريا وشيفيتشنكو، وثالث هدافي سان جيرمان على الإطلاق، خلف إبراهيموفيتش وكافاني، وفي ذات الموسم أصبح أول لاعب يسجل 5 ثنائيات في موسم واحد بالدوري الفرنسي، كما سجل هدفه الـ25 بدوري الأبطال متجاوزا ميسي كأصغر لاعب يصل لهذا الرقم وعمره 22 عاما، وأول لاعب يسجل 4 أهداف ضد برشلونة في موسم واحد من دوري الأبطال.
وجاء 2020/2021، ليكون الموسم الأكثر غزارة تهديغية لمبابي الذي سجل 40 هدفا خلاله، وحقق لقب الكأس، كما أنهى الدوري بـ27 هدفا ليصبح هداف المسابقة للموسم الثالث على التوالي رغم أن النادي لم يحقق اللقب، وحصل مبابي على جائزة أفضل لاعب في الدوري، ووضع ضمن فريق الموسم للدوري الفرنسي.
وبالطبع لن ننسى أنه أصغر هداف فرنسي في تاريخ مونديال كأس العالم، حيث سجل في نسخة روسيا 2018 التي فازت بها فرنسا وهو بعمر 19 عاما، واختير أفضل لاعب خلال مباراة الأرجنتين بالمونديال بعد تسجيله هدفين، ليصبح أيضا ثاني مراهق يسجل هدفين في لقاء بكأس العالم بعد بيليه 1958، كما كان أفضل لاعب صاعد بكأس العالم 2018، وثاني أفضل الهدافين، وهي البطولة التي سجل أيضا في مباراتها النهائية أمام كرواتيا ليكون ثاني مراهق خلف بيليه يسجل في نهائي كأس العالم.
كل هذا حققه ملك فيفا 18، 19، 21، ابن الـ23 عاما، الذي لازال لديه ما يقدمه لعشاق الكرة وهو يكتسب كل عام خبرات وثقل عن العام السابق، ويبرهن كل يوم أنه يستحق عبارات الثناء التي أطلقها عليه عظماء الكرة وعلى رأسهم بيليه.