كتبت- ترياء البنا
أتى من بعيد، بخطى ثابتة ومتسارعة يغلفها الصمت، فقط عمل دون ضجيج، يمشي في دوري عمانتل خطوة بخطوة، يمتلك إدارة واعية، لا تصيح بالوعود والتوقعات، ولا تهاجم حكاما، أو تتحجج وتبرر بظروف( تسلمت مهمتها في نوفمبر 2021، ولم تغب عمل ما قبلها، بل عملت على استكمال ما تم بناؤه خلال فترة الإدارة السابقة)، حتى أصبح بين الخمسة الكبار في ترتيب جدول المسابقة المحلية الأولى، ووصل إلى نهائي كأس جلالة السلطان المعظم للمرة الأولى في تاريخه، وهو النادي حديث العهد بالصعود إلى دوري الكبار.
لم يأت ذلك من فراغ، وإنما من عمل شاق إداريا وفنيا، حيث كان الرستاق أول الأندية المبادرة بوضع خطة محددة المدى( 2020/2030)، ما يعني أن العمل داخل جدران النادي ممنهج، لا يسير اعتباطا أو وفق الإمكانيات المتاحة، عمل قائم على دراسة مكتملة الأركان لتحقيق الأهداف سواء كانت استثمارية أو رياضية أو غيرها من أهداف تلك الاستراتيجية، التي بدأت بالفعل جني ثمارها، ليكون الرستاق نموذجا يحتذى في الإدارة.
وعلى المستوى الفني، يعجبني كثيرا المدير الفني للفريق الروماني ميهاي، فهو يلعب كرة واقعية للغاية، ولمن انتبه، ظهر هذا واضحا في استاد السعادة حين كانت النتيجة تشير إلى تقدم ظفار بهدفين نظيفين، وقف على خط الملعب بين أمرين، يوجه اللاعبين من جهة، وينظر في ساعة يده، حاثا لاعبيه على إحراز هدف، وبدت على وجهه علامات السعادة الغامرة بعد هدف عبدالرحمن الغساني، وكأنه كان موقنا أن هذا الهدف هو طوق النجاة له وللفريق، وهذا ما حدث بالفعل.
وفي مباراة العودة، لم يتقيد أو يقيد لاعبيه بحسابات معقدة، فلعب أجمل مباريات الرستاق هذا الموسم، وحقق ما لم يتوقعه أي مهتم بكرة القدم العمانية، فأن تقصي الزعيم من الخطوة قبل الأخيرة عن بطولته المفضلة وهو يضم كوكبة من أفضل نجوم عمان الدوليين، ويشكل بعيد عن الصدفة أو الحظ، ليس بالأمر الهين.
فرض الرستاق نفسه بإدارته الناجحة، ومدربه الواقعي الذي يتميز بالجرأة الكروية، والأهم قراءة المواجهة خلال دقائقها، ومجموعة لاعبين يحسب للإدارة التعاقد معهم، فلديهم الإمكانيات الفنية مع صغر أعمارهم، وهذا سلاحهم الذي يدعمه الطموح والإصرار على المضي قدما لتحقيق أقصى ما يمكنهم تحقيقه.
فرض الرستاق نفسه وانتزع احترام وتقدير الشارع الرياضي، وأصبح على بعد خطوة واحدة من تحقيق لقب تاريخي، وهو يستحقه، فهل تبتسم المواجهة النهائية والصعبة أمام السيب متصدر دوري عمانتل، لعنابي الجبل لتكتمل فرحة أبناء الباطنة بهذا الفريق الذهبي؟