يواخيم لوف.. قائد الحملة “الإسبانية” لتغيير فلسفة الكرة الألمانية

 

بعد مسيرة رائعة حافظ خلالها الفريق على سجله خاليا من الهزائم في 22 مباراة متتالية ، سقط المنتخب الألماني (مانشافت) في فخ الهزيمة صفر / 1 أمام نظيره البرازيلي في مباراتهما الودية أواخر مارس الماضي لتحرم هذه الهزيمة المانشافت من معادلة رقمه القياسي في عدد المباريات المتتالية بلا هزيمة.

وكان المدرب السابق يوب درفال قاد المنتخب الألماني إلى 23 مباراة متتالية بلا هزيمة في الفترة من 1978 إلى 1980 عندما كان يواخيم لوف المدير الفني الحالي للمانشافت لاعبا يمارس هوايته في هز الشباك مع فريقه فرايبورج في دوري الدرجة الثانية بألمانيا.

وبعدها بربع قرن ، أصبح يواخيم لوف المسؤول عن تغيير الفلسفة الكروية للمانشافت وتحويل الفريق إلى أحد أبرز وأقوى المنتخبات في العالم.

وولد لوف ، المعروف بلقب “يوجي” في ألمانيا ، في الثالث من فبراير 1960 بمدينة شوناو الألمانية.

ولعب لوف في مركز المهاجم لعدد من الأندية في ألمانيا وسويسرا ، وكانت أبرز فترات مسيرته الكروية مع فريق فرايبورج كما أصبح لوف الهداف التاريخي للفريق برصيد 81 هدفا.

وفي 1995 ، اعتزل لوف اللعب ليتولى منصب المدرب المساعد في فريق شتوتجارت ثم أصبح مديرا فنيا للفريق.

ومع شتوتجارت ، فاز لوف بلقب كأس ألمانيا وبلغ نهائي بطولة كأس الأندية الأوروبية أبطال الكؤوس كما عمل لوف بعدها بالتدريب في أندية تركية ونمساوية.

وفي 2004 ، وعنما كان لوف في أحلك فترات مسيرته التدريبية حيث أقيل من تدريب أوستريا فيينا النمساوي ، طالبه يورجن كلينسمان المدير الفني للمانشافت آنذاك بأن يعمل مساعدا له في تدريب الفريق لتنفيذ عملية التغيير في المنتخب الألماني بعد صدمة الخروج المبكر من الدور الأول في كل من بطولتي كأس الأمم الأوروبية (يورو 2000 و2004) .

واعترف لوف بأن هذا كان نقطة تحول في حياته. وعاون لوف مواطنه كلينسمان في تشكيل منتخب فاز بالمركز الثالث في بطولة كأس العالم 2006 بألمانيا.

وبعد انتهاء هذه النسخة من المونديال ، رحل كلينسمان عن تدريب الفريق ، وتولى لوف المسؤولية خلفا له وركز عمله على إعادة اكتشاف كرة القدم الألمانية.

وفي هذه العملية ، تخلى المنتخب الألماني عن أسلوبه التقليدي الذي اتسم بالكفاءة وتقديم الحد الأدنى من الأداء مع الروح المعنوية والقتالية الهائلة ، وتحول الفريق إلى الاعتماد على أسلوب هجومي يعتمد على الاستحواذ بشكل كبير على الكرة.

وقال لوف ، الذي أدرج العديد من الأفكار المطبقة في تدريبات برشلونة ، : “المنتخب الإسباني كان النموذج الذي نضعه أمامنا دائما”.

وأوضح ، في مقابلة مطولة نشرتها مجلة “11 فرونده” في 2012 ، : “لا أقول إننا غيرنا مبدأنا الأساسي ، ولكننا ببساطة واصلنا تطويره… أثق تماما بأنه لم يعد بإمكان أي فريق الفوز بالألقاب من خلال تقديم عروض سيئة”.

ويفتخر لوف كثيرا بفريقه. وأوضح : “في السنوات الأخيرة ، أحرزنا تطورا هائلا في مستوى الأداء. والآن ، نتمتع بالسلاسة والابتكار الذي يسمح لنا بأن نكون على قدم المساواة مع البرازيل أو إسبانيا فيما يتعلق بأسلوب اللعب. اعتدنا على تعويض هذا من خلال الشجاعة وقوة الإرادة”.

وتحت قيادة لوف ، لعب المانشافت بدون مهاجم صريح للمرة الأولى منذ 104 أعوام وهو ما كان الثورة الكبيرة في أداء الفريق طبقا لما ذكره رافاييل هونجشتاين مؤلف كتاب “النجمة الرابعة. عن كيفية إعادة المنتخب الألماني اكتشاف نفسه) عن فوز الفريق بلقبه العالمي الرابع من خلال بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل.

ولم تكن هذه العملية سهلة. وفي البداية ، لم يأخذ كثيرون محاولة لوف مأخذ الجد حيث رآه كثيرون في البداية هادئا ورقيقا في تعامله. كما كانت لهجته الجنوبية القوية أو الخشنة مثار سخرية بل ولجأ بعض الكوميديين إلى تقليدها.

ولكن لوف نال الاحترام والتقدير تدريجيا من خلال نتائج الفريق داخل الملعب. وبلغ الفريق بقيادته نهائي يورو 2008 كما احتل المركز الثالث في مونديال 2010 بجنوب أفريقيا وبلغ المربع الذهبي في يورو 2012 و2016 .

وفي 13 يوليو 2014 ، أصبح لوف أسطورة حية من خلال قيادة المانشافت إلى الفوز بلقب المونديال للمرة الرابعة خلال النسخة التي استضافتها البرازيل في 2014 وذلك من خلال الفوز 1 / صفر على المنتخب الأرجنتيني في المباراة النهائية للبطولة.

وارتقى لوف بهذا لمكانة المدربين السابقين الذين قادوا المانشافت للألقاب العالمية الثلاثة السابقة وهم سيب هيربرجر (1954) وهيلموت شون (1974) وفرانز بيكنباور (1990) .

والآن ، يحظى لوف بشهرة هائلة. ولهذا ، تحظى تفاصيل حياته الخاصة بمتابعة دقيقة من الرأي العام بما في هذا انفصاله عن زوجته بعد زواج دام لمدة 30 عاما.

وقال لوف ، لدى تمديد عقده مع الفريق حتى يورو 2020 ، : “ما زلت أستمتع بالعمل بشكل هائل. تطوير الفريق واللاعبين هو الشيء الأساسي الذي يحركني”.

والهدف التالي للوف ، الذي يشتهر باهتمامه الكبير بالتفاصيل ، هو كأس العالم 2018 بروسيا. وإذا فاز باللقب العالمي للنسخة الثانية على التوالي ، سيصبح أنجح مدرب في تاريخ كرة القدم الألمانية.

ويبدو المنتخب الألماني على الطريق الصحيح. ولم يخسر الفريق أي مباراة في 2017 ، كما فاز بلقب كأس القارات 2017 في روسيا رغم مشاركته في البطولة بفريق من نجوم الصف الثاني والوجوه الجديدة بعدما فضل لوف منح راحة سلبية للعديد من النجوم الأساسيين الذين أحرزوا لقب المونديال البرازيلي.

وتأهل المانشافت إلى المونديال الروسي بجدارة محققا العلامة الكاملة في التصفيات الأوروبية المؤهلة حيث فاز بجميع المباريات العشر التي خاضها في مجموعته بالتصفيات.

وقال لوف : “إنه التحدي الأكبر والأمنية الكبرى أن نحافظ على اللقب العالمي وأن نشعر مجددا بإحساس النصر”.

ورغم هذا ، يحتاج لوف إلى تجديد فريقه لتجنب التعرض لخيبة الأمل التي تعرض لها المنتخب الإسباني عندما حاول الدفاع عن لقبه العالمي خلال المونديال البرازيلي.

وقال لوف : “إذا كان هناك شيء واحد تعلمته على مدار كل هذه السنوات ، فإنه الحاجة إلى مواصلة التغيير دائما”.


توووفه

(د ب أ)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى