الموسم الثالث لمورينيو في مانشستر.. لعنة أم مجرد صدفة؟

تحليل_ أحمد مختار

 

ماذا يريد جوزيه مورينيو؟ هكذا كان السؤال الدائر جماهيريا وإعلاميا، بعد نهاية المباراة الودية بين مانشستر يونايتد وليفربول، فالمدرب البرتغالي خرج ليهاجم الجميع في المؤتمر الصحفي، ليتحدث عن غياب لاعبه مارسيال الذي سافر لاستقبال مولودته، ثم تحول للإدارة التي خذلته، بناء على قوله، في عدم إبرام صفقات قوية، خصوصا بعد طلبه خمسة أسماء، وجلبها للاعب واحد فقط من قائمته، واختتم الحرب الكلامية بالتقليل من الناشئين الصغار، في تلميحات واضحة بأنه لن يعتمد عليهم بالموسم الجديد.

كل هذه التصريحات في مباراة ودية، جاءت بعد أيام قليلة من كأس العالم، وكأن الرجل الخاص بدأ معركته مبكرا، وأراد وضع الضغط كاملا على غيره، حتى لا يهتمه أحد بالتقصير أو الفشل، في حالة حدوث نتائج سيئة أو غير متوقعة، في بداية الدوري الإنجليزي، مع قوة المنافسين الذين عززوا صفوفهم بأكثر من لاعب، خصوصا ليفربول كلوب، النادي الذي يريد خطف اللقب من سيتي جوارديولا.

انقسمت الجماهير بين مؤيد ومعارض لتصريحات البرتغالي، لكن اتفق الجميع على صعوبة موسم مان يونايتد، حتى قبل أن يبدأ، بسبب تباعد وجهات النظر بين الطاقم الفني والإدارة، وفقدان مورينيو لبريقه الخططي خلال السنوات الأخيرة، فالأمر لا يتعلق فقط بمسيرته الحالية مع الشياطين الحمر، ولكنه يعود لحقبة سابقة، بعد إقالته من تدريب تشيلسي، نتيجة سوء النتائج، وهجومه المتواصل على إدارة النادي اللندني، بمناسية ومن دون.

من الواضح أن المديرين في الأولد ترافورد ينظرون بشيء من الخوف تجاه تجربة مورينيو مع تشيلسي، بعد تفريطه في عدة مواهب صارت من نجوم البريمرليج، كمحمد صلاح، وكيفين دي بروين، وحتى البلجيكي لوكاكو، لذلك زاد التضارب في وجهات النظر بين الطرفين، فيما يخص جلب جناح جديد، والتضحية بالفرنسي الشاب مارسيال، لأن مورينيو يريد جناح قوي في التحولات، ولديه واجبات دفاعية صريحة، بينما الإدارة لا تفضل جلب لاعب تخطى الثلاثين أو على مشارفها، مثل ويليان أو بيرسيتش، مع ترك  أنتوني مقابل مبلغ زهيد لفريق منافس.

تعاقد اليونايتد مع الظهير الأيمن دالوت، ولاعب الوسط البرازيلي فريد، مع مطالبات مستمرة من الجهاز الفني بالتعاقد مع ظهير أيسر، مدافع إضافي، وجناح، وربما مهاجم آخر. ومع ضيق الوقت واقتراب إغلاق فترة الانتقالات، فإن إدارة الشياطين الحمر ربما تتعاقد مع إسم أو اثنين، لكنها لن تلبي رغبات مورينيو كاملة، لاعتبارات اقتصادية، وأخرى فنية مرتبطة بالشك المتزايد، في نظرتها لمدى قدرته على النجاح خلال موسمه الثالث مع الفريق.

هناك نقطة ضعف محورية ظهرت على مورينيو في موسمه الثالث مع تشيلسي، طالما اعتمد على هجومه الحاد بالكلمات ضد كل من ينافسه، يستخدم مؤتمراته الصحفية في الهجوم على الجميع، الحكام، الإعلام، الصحفيين، وبكل تأكيد لاعبي ومدربي الخصوم، لكن هذه المرة الأمر تطور معه، ليبدأ في انتقاد لاعبيه ومساعديه بشكل مضاعف، صحيح كانت هناك لحظات شبيهة مع ريال مدريد وتشيلسي في الولاية الأولى، لكنها لم تصل أبدا لهذه الحدة والاستفزاز.

وهذا ما يحدث بالنص خلال الفترة الحالية مع مانشستر يونايتد، وكأنك تتابع فيلم سبق لك مشاهدته عدة مرات!

” في أول موسمين، يكون المدرب في كامل عطائه وتوهجه، لكن في الموسم الثالث، يتحول الموضوع إلى ما يشبه الرتابة والتوقع، كل شيء سهل التنبؤ به، وحتى اللاعبون يقل عندهم الدافع تدريجيا، لذلك يجب على كل مدرب مضاعفة عمله في الموسم الثالث، وإلا سيكون مصيره الفشل الحتمي”! يقول بيلا جوتمان، المدرب الذي أصاب بنفيكا باللعنة، منذ عشرات السنين، وحتى اليوم، هذه التصريحات القديمة التي نقلها المحلل جوناثان ويلسون، في واحدة من كتاباته بصحيفة الجارديان.

إسهامات هذا الرجل المحاط بهالة الشعوذة واللعنات لم تتوقف فقط على الشق التكتيكي، بل كانت له دراسات قوية في علم النفس، وتأثيره على نجاحات الفرق والمنتخب بكرة القدم. وتحدث الكاتب مارتي بيرارنو، مؤلف كتاب غوارديولا الأخير “The Evolution” عن مدى ذكاء بيلا جوتمان وأنه شخص سابق لعصره بكل المفاهيم، ليذكر سبب قوي يشرح لماذا يجد المدربون صعوبة بالغة في موسمهم الثالث، مع التأكيد أن لكل قاعدة استثناء.

يقول بيرارانو عبر صفحات كتابه، “جوتمان رجل ملهم لمعظم مدربي هذا الوقت إراديا ولا إراديا، إنه صاحب تصريح لا ينسى حول الموسم الثالث لأي مدرب في فريق واحد، بعد أن وصفه بالأكثر صعوبة وتعقيد، لدرجة أنه يصبح قاتل بالنسبة للبعض، خصوصا من تسلط عليهم الأضواء دائما، وبالتالي أفضل شيء ممكن للمدير الفني إجراء العقود قصيرة الأجل، وعدم البقاء مع فريق واحد لمدة تزيد عن ثلاث سنوات”. وللعلم فإن شخصية مورينيو تشبه إلى حد كبير طريقة جوتمان، من حيث الاعتزاز الشديد بالنفس، الذي يصل أحيانا إلى الغرور، وإيمانه الشديد بذاته لدرجة وضع إسمه قبل الجميع، سواء كانوا مدراء أو لاعبين.

عودة فنية إلى موسم يونايتد المنتظر، وفي حالة لعب مورينيو بخطة مزيج بين 4-2-3-1 و 4-3-3، فإن خط الوسط في أفضل حال ممكن، بعد التعاقد مع فريد، لاعب “البوكس” القادر على الإضافة الهجومية، مع سرعته في الارتداد، ومهارته في التحكم بالكرة، مع ماتيتش كلاعب ارتكاز دفاعي، وبوجبا كوسط هجومي حر، بعد تألقه اللافت مع منتخب بلاده في كأس العالم.

ومن الوسط إلى الهجوم، هناك لوكاكو كرأس حربة في المركز 9، يعاونه سانشيز ومارسيال على الأطراف، دون نسيان راشفورد وماتا كبدائل جاهزة. أما الدفاع فبه بعض المعضلات، أشلي يونج وحيدا على اليسار، بايلي أفضل قلب متاح، مع تراجع مستوى البقية، لذلك يحتاج الفريق إلى مدافع جديد في العمق، لتقليل الفرص أمام مرمى دي خيا.

أتفق مع جوزيه في ضرورة ضخ دماء جديدة، لكنني أختلف معه جذريا في عدد الوافدين، فالتشكيلة لا تحتاج إلى أربعة نجوم جدد، مهما كانت المبررات والأعذار، مع حالة الجنون المالي الذي أصاب سوق الانتقالات بالكامل في إنجلترا وأوروبا، ليبقى الملعب فقط هو الفيصل، مع التأكيد على حقيقة واضحة كالشمس، الموسم الثالث أشبه بحلبة الملاكمة بين مورينيو وإدارة فريقه، في انتظار الضربة القاضية الفنية!

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. مورينيو لديه مشاكل فنية ونفسية مع لاعبيه. أتفق بشدة حول خطة الفريق.
    وأول مرة أعرف قصة بيلا جوتمان.

    تحليل عالمي

  2. من مشجعين مانشستر وكلامك منطقي جدا.

    أرى بأنه الموسم الأخير.

    للأخوة في توفة.. رجاء متابعة الدوري السعودي والمصري بأخبار

اترك رداً على محمد يوسف إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى