سنة أولى بريميرليج.. ما هو مطلوب من ماوريزيو ساري

تحليل- أحمد مختار

 

ابن الطبقة العاملة الذي جمع بين الوظيفة والهواية، حيث أنه عمل في بداياته كموظف بنك مختص بالحسابات، بالإضافة إلى ولعه بالتدريب وعمله مع أكثر من فريق هاو، حتى قراره الجريء بترك وظيفته البنكية ذات الدخل الثابت، والتركيز فقط مع معشوقته، رغم كل ما واجه من صعوبات في البداية، حتى يثبت للجميع أنه مدير فني ناجح، وشخص يفهم التكتيك بطريقة مغايرة.

ربما تقودنا هذه المقدمة لفهم طبيعة ماوريزيو ساري، المدير الفني الجديد لتشيلسي اللندني، والرجل الذي صنع خلطة المتعة بالجنوب الإيطالي رفقة نابولي. مدرب يعمل بأي ميزانية، مع نوعية عادية إلى جيدة من اللاعبين، ويستطيع تحويلهم إلى نسخة أفضل، صحيح أنه لم يفز بشيء في النهاية، لكن العالم أجمع تحدث عن تجربة نابولي بالعامين الأخيرين، وحصل الفريق على نسبة مشاهدة كبيرة، يمكن قياسها بنسبة تفوق يوفنتوس بطل الدوري والكأس، فتش عن الكرة الجذابة، عن الشغف وسره الباتع.

أبراموفيتش

دخل رومان أبراموفيتش الكرة الإنجليزية من الباب الكبير، بعد شراء نادي تشيلسي عام 2003، وإبرامه صفقات نارية مع أكثر من لاعب ومدرب، حتى أصبح تشيلسي واحدا من أقوى فرق القارة العجوز، بتحقيق أكثر من بطولة محلية، والتتويج بلقب دوري الأبطال في 2012، تلك البطولة التي حولت بوصلة النادي اللندني، وجعلته زاهدا بعض الشيء في سوق الانتقالات. لم يعد رومان يغريه النجوم “السوبر ستار”، وأجرى عدة تغييرات إدارية مهمة، بوضع أشخاص ملمة بالاقتصاد أكثر من الكرة، والبدء في بيع بعض النجوم، وتعويضهم بآخرين أو حتى الاستفادة من الناشئين.

لا أحد يعلم السبب الحقيقي وراء هذا التحول المفاجئ، يقول البعض بأن أبراموفيتش عانى من بعض الأزمات المالية مثل غيره، بينما يذهب البعض الآخر إلى إحساسه بالملل، لقد فاز بكل شيء مع تشيلسي، ليقل بريق الانتصار بعض الشيء، بينما أصحاب النظريات الاقتصادية البحتة يتحدثون عن المراحل الطبيعية لأي مشروع، من جذب الجمهور والانتشار الأفقي في السوق، إلى التوقف قليلا من أجل رصد المكاسب، ثم تغيير استراتيجية العمل بالكامل، لضمان أرباح أكبر على المدى البعيد، لذلك توقف تشيلسي عن عقد الصفقات الباهظة، وأصبح أقل في الشراء من منافسيه، سواء السيتي أو اليونايتد، وبالتأكيد ليفربول.

نتيجة لهذه التغيرات الراديكالية، لم يستمر كونتي أكثر من موسمين، لأنه يريد نجوما كبار، ويفضل التعاقد مع الأسماء البارزة. الإيطالي صريح مع الإعلام، ولا يلوم نفسه مهما حدث، ليدخل في حرب باردة مع إدارة تشيلسي، كلفته الإقالة مع إيقاف التنفيذ منذ يناير الماضي. وقبله مورينيو هو الآخر الذي باع أكثر من لاعب شاب، وتسبب في أزمة كبيرة داخل صفوف الفريق، لا تزال لها أثر سلبي حتى اليوم. مع كل هذه المعطيات، اتجه مديرو تشيلسي إلى ماوريزيو ساري.

عرف الجمهور ساري من تجربة نابولي، لكنه قدم شيء كبير مع إمبولي أيضا في إيطاليا، ويعمل المدرب بطريقة مميزة في تطوير اللاعبين، والتكيف مع إصابة النجوم، كما فعل بعد تحويل ميرتينز من الجناح للعمق، من أجل تعويض النقص الهجومي. ولا يمانع “ميستر 33” في عدم ضم أسماء معروفة، لأنه يعمل بالقماشة المحدودة جيدا، ومن هواة تدريب عدد أقل من اللاعبين داخل الفريق، لذلك لن يدخل في مهاترات إعلامية مع الإدارة، عندما لا تتعاقد مع نجم ما، وهذا ما يحتاجه أي مشروع لضمان الاستقرار.

تبقى البطولات جزء رئيسي من نجاح أي مشروع، لكنها ليست الهدف الوحيد بالتأكيد، فتحقيق الربح من صقل المواهب الصغيرة وإعادة بيعها، مع ضمان التواجد وسط الكبار بأداء ممتع ونتائج معقولة، بالإضافة لتوفير نظام تكتيكي يضمن تألق الأسماء الكبيرة، كلها عوامل مهمة لإنجاح تجربة تشيلسي الجديدة، التي بدأت منذ سنوات، بتقليل المصروفات قدر المستطاع، والتوجه إلى الاستثمار المالي، حاليا ومستقبلا.

خسر تشيلسي الدرع الخيرية ضد مانشستر سيتي، وبعيدا عن غيابات الفريقين، فإن تحقيق لقب الدوري بالأسماء المتاحة حاليا سيكون صعبا على ساري، ولن تتغير الإجابة حتى إن تواجد مكانه جوارديولا أو كلوب أو مورينيو، لأن الدوري الإنجليزي حاليا مليء بالأندية التنافسية، ولا بد من الصرف أولا وثانيا وثالثا حتى تستطيع الفوز، لذلك نجح الفريق سريعا في تعويض كورتوا بحارس لا يقل كفاءة هو كيبا، ثم استعار كوفاسيتش من ريال مدريد لمدة عام.

يلعب ساري بخطة 4-3-3، رباعي دفاعي صريح مع إعطاء مهام هجومية للظهير الأيسر ألونسو، دور أكبر لدافيد لويز في التمرير، وارتكاز يبدأ بجورجينيو في المحور، كانتي بين الدفاع والهجوم كلاعب تحولات، وكوفاسيتش في الوسط الثالث، من أجل ضمان التحولات السريعة، ومحاولة القيام بدور هامسيك في نابولي، خصوصا أن الكرواتي لعب كرقم 10 في إنتر ميلان، مع وضع هازارد يسارا، ويليان أو بيدرو يمينا للقطع إلى الداخل، وفي العمق إما موراتا أو جيرو.

تشكيلة ربما لا تضمن الفوز بالبريمرليج في الموسم الأول، لكن يمكنها حجز إحدى تذاكر الشامبيونزليج، البطولة التي فشل كونتي في الوصول إليها مؤخرا، بسبب عصبيته الزائدة وانعدام تركيزه مبكرا، مع التأكيد على ظلمه من إدارة النادي بسوق الانتقالات.

في المقابل، ساري لن يدخل في حرب كلامية مع أحد، مع الاستفادة القصوى من مهارات هازارد هجوميا على خطى بلجيكا، دون نسيان الهدف الأساسي هذا الموسم، الحصول على المركز الثاني أو الثالث، أو الرابع، وهو المطلوب إثباته في سنة أولى بريميرليج!

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. كوفاسيتش فارق كبير لتشيلسي كذلك كانتي وجورجينيو..
    أفضل وسط في البطولة

    في حالة عدم إصابة أي لاعب اساسي. قد يفوز باللقب
    شكرا على التحليل المنطقي.

اترك رداً على mezo إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى