
تحليل- أحمد مختار
تعرض برشلونة لصدمة قوية، بعد إعلان إصابة ليونيل ميسي، وتأكيد غيابه عن الملاعب لمدة 3 أسابيع. لقد فقد متصدر الليجا أبرز لاعبيه على الإطلاق، وسلاحه الأول في تحقيق الانتصارات محليا وأوروبا، خلال حقبة المدرب فالفيردي.
الرجل الذي وصفوه بالمحظوظ، لأنه يملك في صفوفه الملك رقم 10، الأرجنتيني حاسم المواجهات، وصاحب الفضل الرئيسي في تتويج البارسا بالثنائية المحلية، خلال موسم 2017-2018.
من هم المفضلون لتحقيق لقب الليجا؟ أين يلعب ميسي؟ في برشلونة، إذا هم المفضلون. مع كامل الاعتذار لبيب جوارديولا على سرقة تصريحه، وتأويله بطريقة أخرى، لكن حقيقة ما فعله ميسي هذا الموسم في الليجا شيء غير قابل للتكرار. الدفاع والهجوم شيء واحد، لا انفصال بينهما، لأنك إذا هاجمت بشكل جيد، استحوذت وسيطرت، مررت وخلقت فراغا، وقفت بشكل مميز، ستدافع بشكل أفضل.
وجود ميسي مع برشلونة أنقذهم من مصائب عديدة، ليس فقط على مستوى التسجيل والصناعة، ولكن من خلال بناء اللعب، التحكم في نسق المباريات، وتقليل الضغط على زملائه دفاعيا، لأن أي خصم يضع قيمة ميسي في رأسه، ويفكر ألف مرة حتى لا يستلم الكرة، مما يجعل زملاء ليو في وضعية أفضل، لاستلام الكرات وتسليمها، مع إراحة المدير الفني خارج الخط، لأن هناك رجل قادر على صناعة الفرص، كلما أتيحت له الفرصة.
لم لا يتم تجربة رسم 3-4-2-1 في بعض الأحيان؟ بيكيه ولونجليه في وضع شيء دفاعيا، الإصابات تضرب الفريق بشكل كبير، لذلك لا مانع من إضافة سيميدو بجوار ثنائي الخلف، وفتح الملعب على الأطراف بالثنائي ألبا على اليسار، ومالكوم يمينا، البرازيلي المنسي الذي يمتاز بقوة كبيرة في الاستلام والتسديد من مسافات بعيدة، ويمكنه القيام بدور محرز في السيتي على المدى البعيد، لأنه مميز بالكرة، ويستطيع التحسن من دونها في الشق الدفاعي.
راكيتتش لا يقوم بدوره على أكمل وجه، هناك فيدال يمكنه اللعب بدلا منه، خلف كلا من أرثور وبوسكيتس، بالإضافة لكوتينيو في المركز 10، وسواريز هجوميا. وحتى أمام الفرق المتكتلة، يمكن دخول رافينيا أو ديمبلي مكان فيدال/ راكيتتش، من أجل وضع ثنائي مهاري في أنصاف المسافات خلف رأس الحربة.
وتعتبر هذه الخطة مثالية للفرق التي تُضرب بسهولة أثناء التحولات، وتجد صعوبة بالغة في فتح الملعب عرضيا. حتى بعودة ميسي يبقى هذا الخيار متاحا بشدة، مع المداورة في المنتصف بين فيدال، راكيتتش، أرثور، بوسكيتس، لاختيار ثنائي منهم.
عودة إلى أرض الواقع، كل ما سبق أفكار لن يسمح بها فالفيردي، على الأقل أمام ريال مدريد في الكلاسيكو، لأن الرجل الذي لم يغامر أمام روما حينما كان مهزوما بثنائية، لن يفكر في خطط جديدة خلال أسبوع حاسم بالنسبة له.
كل ما يمكن فعله إن أراد التغيير، أن يتحول من 4-3-3 ومشتقاتها إلى ما يشبه 4-4-2، ليعود إلى رسمه المفضل من جديد، ويضع أكبر عدد من اللاعبين في المنتصف، مع الاكتفاء بثنائية هجومية، كوتينيو وأمامه سواريز.
اللعب بأرثور وبوسكيتس وراكيتتش في المنتصف، مع إضافة لاعب رابع بجوارهم. رافينيا على اليمين لضمان ريشة بين العمق والأطراف، بينما راكيتتش على اليسار بالقرب من كوتينيو، وأرثور رفقة بوسكيتس في المحور.
لعب فالفيردي أفضل مبارياته أمام ريال مدريد في كلاسيكو البرنابيو، وقتها تمركز باولينيو داخل قناة الاتصال بين كروس ومارسيلو، من أجل فقط الضغط على الألماني وحرمانه من البناء المنظم، مع إعطاء كلا من إنييستا، بوسكيتس، راكيتتش تعليمات صريحة بعدم التقدم للأمام، إلا في حالات محدودة، وترك كل شيء بين أقدام ميسي وسواريز.
عمليا، هذا هو أقرب إطار تكتيكي في الكلاسيكو القادم. صحيح ليس هناك ليونيل آخر، لكن رافينيا يستطيع القيام بدور باولينيو على أكمل وجه، سواء في الضغط على وسط الريال، أو القطع كمهاجم إضافي بجوار لويس، وتكفل البرازيلي كوتينيو بدور اللاعب الحر في المركز 10، على خطى الغائب الأكبر ميسي.
البدأ بديمبلي مكان ميسي كما حدث خلال مباراة إشبيلية، ممكن أيضا، مع الحفاظ على الرسم الخططي، مزيج بين 4-3-3 و 4-3-2-1، بوضع ثلاثي صريح بالمنتصف، أرثور، راكيتتش، وبوسكيتس، أمام رباعي الخلف، وفي الهجوم ديمبلي وكوتينيو خلف سواريز في المركز 9.
عثمان في أنصاف المسافات يمينا، لفتح الطريق أمام صعود سيميدو على الخط، بينما كوتينيو يلعب كرقم 10 صريح، حتى يصعد ألبا بمفرده يسارا.
ربما يكون هذا الرسم مثاليا في حالتين، الأولى وجود بنية تكتيكية محكمة من الجهاز الفني، وهذا شيء صعب على فالفيردي، الرجل الذي لم يضع خطة صريحة منذ بدايات عام 2018، مع اعتماده أكثر على الارتجال والحلول الفردية، ليظهر البارسا وكأنه مجموعة أسماء داخل الملعب، يقودهم مدير فني يضع التشكيلة فقط، ويقوم بإجراء بعض التغييرات التقليدية من فترة لأخرى.
أما الحالة الثانية فترتبط بصورة وثيقة بمستوى بدلاء ميسي، ليظهر كوتينيو ضعيفا بلا لياقة لإكمال التسعين دقيقة، بينما يقدم الفرنسي ديمبلي أسوأ نموذج ممكن للاعب المحترف، من خلال فردية لا قيمة لها، ومبالغة شديدة في الاحتفاظ بالكرة وفقدانها.
ليست مشكلة في إرنستو أنه لا يبحث عن بنية “مثالية”، هو ينتمي أكثر إلى مدرسة “كيف يمكن إنشاء طريقة تسمح لأفضل اللاعبين بالمساعدة داخل الملعب، وحسم المباريات بالمجهود الفردي”.
إنه الطريق الذي سار عليه أسماء كبيرة كزيدان، لويس إنريكي، أنشيلوتي، وحتى يوب هاينكس في جزء من مسيرته.
يقول ستيف جريفي، مدرب وأكاديمي رياضي في وصف المدرب، “إن دورك كمدرب هو إيجاد طريقة لتحسين أداء لاعبيك بشكل مستمر، وإشراك الفريق ليكون قادرا على اللعب في أفضل مستوى، مع إيجاد طريقة تسمح للفائزين باستخدام مهاراتهم لرفع بقية الفريق”.
لكن يبقى السؤال المهم، هل فالفيردي يقوم بهذه الأمور؟ وهل كوتينيو وديمبلي لديهما القدرة على الابتكار والارتجال وحسم المباريات الكبيرة، إذا توفر لهما ذلك؟ الحقيقة أن إجابة هذه الأسئلة ستكون بالإيجاب أو النفي هذا الأسبوع.