الإمارات وقطر ..ديربي خليجي بطابع آسيوي

توووفه – عمر الصالحي 

قد تدفع بك كرة القدم يوماً ما إلى مواجهة كروية لتصنع لك تاريخاً شامخاً تتكئ عليه لسنوات طويلة لم تأت بمحض المصادفة إنما بعد جهد وفير قدمه ذلك الفريق جعله منافساً صعباً قد يعيد كتابة التاريخ أو يرسم حاضراً مشرقاً له.

كحال اللقاء المنتظر الذي سيجمع الإمارات وقطر في نصف نهائي كأس آسيا 2019 والذي سيلعب بنكهة خليجية وطابع آسيوي يبدو من الوهلة الأولى تنافسياً فنياً حتى قبل أن تركل الكرة إيذاناً ببدء اللقاء.

بالأرقام 

بعيداً عن التكهنات وبلغة الأرقام والنتائج وصل المنتخبان بمسارين مختلفين، استطاعت الإمارات أخيرا إزاحة قيرغيزستان وأستراليا في الأدوار الإقصائية، فيما أقصت قطر العراق وكوريا الجنوبية ليبلغ المنتخبان نصف نهائي القارة الأكبر.

زاكيروني وسانشيز

على المستوى الفني يتواجه المدربان الإيطالي البيرتو زاكيروني مدرب الإمارات والإسباني فليكس سانشيز مدرب قطر في لقاء مفصلي برؤى وفلسفة مختلفة أوضحتها معالم لقاءات الفريقين، سيتوجب عليهما فرض حسهما الفني على كل فريق لانتصار يقرب أحدهما خطوة للقب الآسيوي.

زاكيروني ورغم الانتقادات اللاذعة التي تلقاها طوال مشواره في البطولة، لم يستطع الحفاظ على رسم تكتيكي معين، فالعجوز الإيطالي انتهج 3 رسوم فنية مختلفه بدءاً من 4-4-1-1 مرورا ب 4-2-3-1 و 4-3-3 وذلك ما يؤكد تذبذب نهجه رغم انتصاراته التي أوصلته بين الرباعي الأقوى في البطولة بعد مشوار مليء بالصعوبات، كانت مستويات لاعبيه الفيصل في الصعود إلى الدور الحالي.

في الجانب الآخر طغت واقعي الإسباني سانشيز على فريقه في مشواره الآسيوي بعد أن أبدى مرونة عالية في انتهاج الرسم المناسب في كل لقاء تحدده ظروف المباراة والخصم والغيابات.

ورغم اعتماده على الرسم المفضل لديه 4-2-3-1 في لقائه الأول، أبدله الإسباني إلى الرسم 4-3-3 في لقاء كوريا الشمالية وبرسم مغاير في لقاء كوريا الجنوبية الأخير ب 5-3-2 مما أكد على واقعية المدرب الذي سار بالفريق العنابي إلى المربع الذهبي.

لغة الاستحواذ 

وفي اللقاءات السابقة استطاعت الإمارات فرض هيمنتها رقمياً في أرضية الملعب بعد أن نجحت في الاستحواذ على الكرة في اللقاءات الأربعة باستثناء لقاء أستراليا الأخير، حيث خسرت تلك الأفضلية، بمتوسط استحواذ بلغ 57 ‎%‎ في كل اللقاءات.

فيما لم يبد على قطر اهتمامها المطلق بنهج الاستحواذ على الكرة لخدمة أفكار المدرب الذي نجح بها بعيداً عن لغة الاستحواذ والتي بلغت متوسط 50.2%‎.

نهج الأبيض الإماراتي

ينتهج المنتخب الإماراتي أسلوب التمرير الكثيف في مرحلتي البناء وتطوير الهجمة لفتح الفراغات، ثم اللعب بشكل مباشر بعد منتصف الملعب خصوصاً في الثلث الأمامي بعدد قليل من التمريرات، وذلك ما أكدته الأرقام بمجموع تمرير بلغ 2383 تمريرة منها 594 تمريرة فقط في الثلث الأمامي بنسبة نجاح وصلت إلى 74%‎.

ورغم قلة التمريرات في الثلث الأمامي مقارنة بالعدد المجمل في التمريرات، استطاعت الإمارات تسجيل 8 أهداف من 16 تسديدة على المرمى، مما يؤكد جودة لاعبي الإمارات في الشق الهجومي بتواجد الثلاثي علي مبخوت وإسماعيل الحمادي وإسماعيل مطر.

الأسلوب القطري

يعود نجاح المنتخب القطري لعدة عوامل رئيسية منها التنظيم العالي والتقارب بين الصفوف ومحاولة غلق المساحات باستثمار جميع اللاعبين في الحالة الدفاعية، فيما تتشكل الجبهة الهجومية بسرعة التحول من الدفاع إلى الهجوم بتواجد المحطة الهجومية المعز علي وخلفه الهيدوس وعبدالعزيز حاتم واستثمار صعود الظهير المميز  عبدالكريم حسن في الرواق الأيسر الذي يشكل أحد أهم مفاتيح المنتخب القطري.

ونجح لاعبو قطر في تسجيل 12 هدفاً من 23 تسديدة مباشرة على المرمى بمعدل هدف من كل تسديدتين على المرمى تقريباً بعد أن بلغ عدد تمريراتهم إجمالاً 2026 منها 480 تمريرة في الثلث الأمامي بنسبة نجاح متوسطة بلغت 78%‎.

صلابة قطرية 

تتمثل الصلابة القطرية في خط الدفاع الذي يتواجد به طارق سلمان وخورخي بوعلام والغائب الأبرز عن اللقاء بسام الراوي والذين منعوا ولوج أي هدف شباكهم، كما يجيد الثلاثي اللعب بعدة أصناف دفاعية بحسب احتياجات المدرب أبرزهم بوعلام الذي يجيد اللعب كمتوسط دفاع ولاعب ارتكاز في أحيان أخرى.

غياب واستثمار

ورغم قلة اعتماد المنتخبين على الكرات العرضية والتي بلغت 43 للإمارات و36 لقطر، استثمر الفريقان بعضاً من تلك الكرات في تسجيل أهدافهما مثل هدف الإمارات الأول في قيرغيزستان وهدفها الوحيد في تايلاند بعد متابعة لكرة عرضية، وهو الحال لقطر التي سجلت كذلك في لقاء كوريا الشمالية ثلاثة أهداف من أصل 6 أهداف بنفس النمط.

الصراعات البدنية

وتشكل الالتحامات البدنية إحدى النقاط التي يرتكز عليها الفريقان، وقد شارك لاعبو الإمارات في 286 صراعا بدنيا على الكرة بمتوسط نجاح بلغ 52%،‎ فيما شارك لاعبو قطر  في 237 التحاما بدنيا بنسبة نجاح بلغت 50%،‎ كان نصيب الأسد منها للاعبي الدفاع الذين أجادوا التعامل في تلك الصراعات أبرزهم فارس جمعة من الإمارات وبسام الراوي من قطر.

التشتيت والكرات الطويلة

يتشابه الفريقان في الاعتماد على الكرات الطويلة أحياناً الذي يصبح عليهم لزاما لفك الضغط الذي يمارس عليهم عند تفوق الخصم واللعب في مناطقهم، وقد بلغ مجموع الكرات الطويلة للإمارات 347 بنسبة نجاح متوسطة 40%،‎ فيما مرر لاعبو قطر 267 تمريرة طويلة بنسبة نجاح 44%‎.

أوراق رابحة

يعول منتخبا الإمارات وقطر على خط هجومهما الذي يقوده علي مبخوت في صفوف الإمارات والمعز علي في جانب قطر، واللذان استطاعا ترجيح كفة فريقيهما في بلوغ نصف النهائي، حيث تمكن علي مبخوت من تسجيل 4 أهداف، فيما أحرز المعز علي 7 أهداف من مواقف مختلفة.

اللاعبان اللذان يمثلان أهم مفاتيح خطورة الفريقين سيضربان موعداً جديداً لمحاولة تسجيل أهداف شخصية تكفل لهما ولفريقيهما الصعود إلى النهائي القاري ومحاولة تسجيل رقم يبعد كل منهما عن الآخر لضمان لقب فردي يتمثل بهداف البطولة الذي يبدو قريباً من القطري الشاب المعز علي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى