فالنسيا برشلونة..تتويج الخفافيش في ليلة العدالة الشعرية

تحليل- محمد عصام

حتى وقت ليس ببعيد، كان برشلونة مرشحاً فوق العادة للظفر بثلاثية تاريخية، وعقدت جماهيره الآمال على إنجاز آخر لمن تبقى من هذا الجيل الذهبي.

أما الآن، فكأنما دخل الفريق في كابوس، كل شئ انقلب والفوضى عمت، والأحداث لا تتسق نهائياً مع المسار الذي اتخذه هذا الموسم لفترة طويلة.

يسقط الفريق في فخ تكرار الكارثة ضد ليفربول، وتمر الأيام بطيئة، تشعر فيها بأجواء الفريق سخيفة مفككة، خالية من الحرارة، قبل أن يأتي الذبح بسكين بارد في آخر لقطات الموسم.

يمتد الوهن العقلي لفئة المشجعين العاجزين، لتحدث ظاهرة عجيبة قبل نهائي الكأس، حيث يتناوب جزء من جماهير برشلونة على دعم الخصم، أملاً في ضربة قاضية لفالفيردي ونظامه.

 

تدرك أن هذه اللعبة العابثة التي وقع فيها النادي ما هي إلا من صنع أيديهم، فيخرج اللاعبون بعد فضيحة أنفيلد تتابعاً مؤكدين دعمهم للمدرب، ويظهر الثنائي الأكثر وجاهة ميسي وبيكيه ليعيدوا ذات الكلام قبل المباراة النهائية، ثم تحدث الفاجعة، ويخسر الفريق بطولته المفضلة بشكل سخيف، وبمرارة تضيف الملح على الجروح.

إذاً هو النصف الممتلئ من الكأس، سنسمع عن وصول تلك المكالمة الجافة المهذبة لفالفيردي تخبره بأن التعامل قد انتهى، وسيأتي الغد بوعود جديدة، وأحلام مشروعة.

فالفيردي

“فالفيردي لديه عقد، وهزيمة اليوم ليست مسئوليته” يصرح رئيس النادي جوسيب ماريا بارتوميو بعد النهائي، ويقول راكتيتش “نحن 100% مع فالفيردي”، هنا يجب أن تيأس في بحثك عن مسلك تسلكه بين سبب ونتيجة منطقية.

كما يقول مارك توين “لولا البلهاء لما حقق الآخرون أي نجاح”، ومع كامل الاحترام لفريق فالنسيا، فهذا هو عالم فالفيردي، حيث يختار أن يبدأ بكوتينيو، أرثور اللذين تسلما تصريحهما الطبي صباح يوم النهائي، على أن يعتمد المعافى مالكوم، صاحب الوجه غير المحبب لنفسه.

هي ذات المباراة، التي يواجه فيها برشلونة فريق معروف خطته سلفاً، تشكيلة 4-4-2 الأقرب لقلب وعقل مدربه مارسيلينو تورال، والتي أصر عليها حتى حينما حال بينه وبين مراكز الهبوط أربع نقاط في مرحلة ما من مراحل الموسم الحالي.

لكن سيقوم فالفيردي بوضع خطة تبدو انعكاساً لها في مرآة الملعب، فيدخل بخطة 4-4-2 أيضاً، بوضع روبيرتو أمام سميدو، واعتماد ثنائي صناع لعب ميسي كوتينيو في خط المقدمة.

سيفعل ذلك رغم عدم وجود مهاجم في تشكيلته، بعد أن قرر مهاجمه الأساسي سواريز بمحض إرادته دخول غرفة العمليات بعد إقصاء الأبطال، ليلحق بمنتخبه في كوبا أمريكا، وكأن لقب الكأس غير مهم، أو مضموناً في جعبة الفريق بحكم العادة، مع إصابة صفقة الشتاء بواتينج، واستبعاد فالفيردي للمهاجم الشاب أبيل رويز في ظروف مجهولة.

سيبدأ برشلونة مهاجماً، لأن فالنسيا سيقف في مناطقه بطبيعة الحال، ورغم السيطرة على الكرة بنسبة وصلت إلى 77% في الشوط الأول، بدا كأن البلوجرانا بلا أنياب، ورسم النمط نفسه، برشلونة سيستحوذ على الكرة، وفالنسيا سيستخدم الكرة.

يهاجم برشلونة بمجموعة لاتجيد الهجوم، وتشكيلة دخلت بغرض التحفظ، حيث يلعب ظهيرين أمام بعضهما على اليمين، ولا يمتلك الوسط لاعباً قادراً على إمداد ميسي بالفرص مثل ألينيا، ولا لاعب قادر على الانطلاق عمودياً مثل فيدال، بل ثنائي يتميز بالقدرة على التوزيع، وراكتيتش الذي لا محل له من الإعراب.

وبرغم التحفظ المبالغ درءاً للتحولات، فقد سجل فالنسيا من تحولات سريعة، وجاء الأول تحديداً من الجبهة اليمنى المثقلة دفاعياً، خوفاً من ثنائية جيديس-جايا، فلا هاجم بنظام، ولا نجح في الدفاع.

جاءت التبديلات بين شوطي المباراة، لينتهي فالفيردي حيثما وجب أن يبدأ، بإشراك مالكوم لتنشيط الجبهة اليمنى هجومياً، وفيدال في مكان أرتور، لكن ليلعب دور المهاجم، مع نقل كوتينيو إلى وسط الميدان.

اندفع برشلونة هجومياً، وبدا الفريق أكثر سرعة، وأكثر حدة، وأصاب ميسي القائم، قبل أن يتعامل فريق فالنسيا بطريقة الخبراء مع المباراة، بارتكاب الأخطاء لقتل الريتم، وإضاعة الوقت تدريجياً، حتى رغم استقبال هدف في الدقيقة الثانية والسبعين قلص به برشلونة الفارق.

مرت الدقائق ثقيلة على فالنسيا، وسريعة على برشلونة، حيث تحولت هجمات الكتلان إلى عشوائية مدفوعة بالأدرينالين، ودخل بيكيه في النهايات كمهاجم صريح، وتلاه لونجليه، في عبثية تعطي ملخصاً واضحاً لفوضى مراكز اتخاذ القرار في النادي.

جاءت صافرة النهاية، تاركة لاعبي برشلونة تحت أثر العدالة الشعرية، وفي عيونهم نفس النظرات الساهمة التي بدأ بها فالفيردي عهده حين خسر السوبر الإسباني ضد ريال مدريد، ومعلنة الخفافيش بطلاً للكأس الأولى منذ أحد عشر عاماً، الفريق الذي راهن على أن طيف الإقصاء الأوروبي سيثقل خطوات خصمه، ووجه ضرباته حادة وحاسمة، ليوقف قطار برشلونة في الكأس لأول مرة منذ 1,456 يوماً، ويحرمه من الانفراد بإنجاز خمسة ألقاب متتالية، ويتوج موسم النادي المئوي في أبهى صورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى