تقرير- محمد يوسف
عُقد الاجتماع في أحد فنادق بوينس آيرس، بدءاً من الساعة العاشرة صباحاً، وانتهى بالقرب من منتصف الليل. جلس الوفد الذي أرسله نادي ليدز يونايتد مع مارسيلو بيلسا ليعرضوا عليه إدارة المهمة الفنية للنادي الإنجليزي.
عندما تلقى بيلسا أول اتصال من الإدارة، جلس طوال الليل لمشاهدة مباريات من موسم ليدز السابق، ثم اتصل بفيكتور أورتا، مدير الكرة في النادي، صباح اليوم التالي. عندما التقوا وجهاً لوجه في الأرجنتين، كان بيلسا قد شاهد بالفعل كل مباريات الفريق كاملة؛ 70 ساعة من الموسم الذي حل فيه ليدز يونايتد في المركز الثالث عشر.
ماذا تعرف عن «تشامبيون شيب»؟، هكذا وجّه المدير التنفيذي أنجوس كينير ومدير الكرة فيكتور أورتا السؤال إلى مارسيلو بيلسا. كان رد بيلسا عملياً، مع الكثير من الأوراق على الطاولة أمامه، حيث عرض عليهم تشكيلات كل فريق من فرق دوري الدرجة الثانية الإنجليزي.
مارسيلو بيلسا.. الرجل الرومانسي
قصة موسم 2018/19 هي قصة مدرب مهووس، سافر لمسافة سبعة آلاف ميل لينضم إلى فريقٍ يسبب الإدمان؛ فمجرد أن تتعلق بالنادي وروح المدينة، من الصعب للغاية أن تغادره.
تواصل نادي وست هام مع بيلسا في وقت سابق، لكنهم طلبوا منه طلباً فضفاضاً، وهو أن يحصد النادي مركزاً أفضل في الدوري الممتاز. لم ير بيلسا أي هدف أو مغزى في ذلك الطلب. بينما طلب إدارة ليدز كان واضحاً: إنهاء عقد ونصف من الزمن من السقوط والتعثر لأسفل.
وفي المقابل قدم له النادي أعلى راتب لمدير فني في تاريخهم. لكن كان بيلسا، الذي وصل إلى الستينيات من عمره، كان غير مهتم بالأموال، مستمتعاً بقيادة الإدارة الفنية في ليدز، ومهتماً بالحد الأدنى من شروط عقده.
مارسيلو بيلسا، الرجل الرومانسي، من مواليد روساريو، المدينة الساحلية شمال غرب العاصمة بوينس آيرس، والذي شجع ولعب وأدار ناديها المحلي، نيويلز أولد بويز، لدرجة أنه ترك قلبه في أروقة النادي.
أطلق نادي المدينة اسم بيلسا على ملعبهم في عام 2009، وقام بيلسا في العام الماضي بمحاولة لرد الجميل من خلال تخصيص أكثر من مليوني جنيه إسترليني من أمواله لتمويل منشأة جديدة في ساحة التدريب في الملعب، ليذكر: «أنا أدفع ديناً، لا أقدم هدية؛ لأن هذا النادي هو الذي صنعني».
كان هناك شيء حول ليدز لمس ذات الجزء من قلبه. فريق ذائع الصيت يملك قاعدة جماهيرية جائعة تبحث عن الخلاص؛ فمثلت له هذه الوظيفة نداءً رومانسياً آخر.
أسلوب اللعب والتفاني هما نقاط قوة مارسيلو بيلسا كمدير فني، مفكر حديث استخدم تكتيكات مبتكرة اليوم منذ أوائل التسعينيات.
كان النادي قد اختار له سكناً في البداية في أحد المنتجعات الراقية بالقرب من مدينة هاروجيت، ولكن بيلسا سرعان ما سئم العيش في الفنادق، وطلب أن يسكن أقرب إلى مجمع تدريب الفريق، ووجد شقة في مقاطعة ويزرباى، وأصر على المشي لمدة 45 دقيقة من وإلى التدريب كل يوم. ومع ذلك، يقضي الكثير من وقته في مكتبه، لدرجة أنه عند تجديد المرافق في المجمع التدريبي وفروا له سريراً وصالة ومطبخ صغيرين، ليعيش حرفياً في مكان العمل.
👉 No player made more touches or passes than @LiamCooper__ in the first half at Elland Road as the defender returns to the #LUFC starting XI. #EFL #MOT @IPM__Group pic.twitter.com/AoWNKZXKzN
— Leeds United StatZone (@lufcsz) August 31, 2019
تأثير مارسيلو بيلسا
عندما جلس إداريو ليدز مع بيلسا في بوينس آيرس، أخبرهم أنه يريد إجراء تغييرات في ملعب تدريب الفريق. ومما أثار دهشتهم، كان قد حصل بالفعل على مخططات ورسومات للملعب، وسرعان ما أوصى بإجراء تعديلات، لتوفير أسرّة للاعبين حتى يرتاحوا بين الجلسات التدريبية، بالإضافة إلى مكان للاسترخاء، مع طاولة للبلياردو، وجهاز بلاي ستيشن.
يهتم بيلسا بجوهر التدريب، كما يهتم بالنجاح. كانت فترة الإعداد قبل بداية الموسم فترة طويلة وشاقة، وتمتد على ثلاثة حصص تدريبية، مما أجبر العديد من لاعبي الفريق على الإقامة في فندق قريب. وطلب من معظمهم إنقاص وزنهم ودهون الجسم، عندما أعدهم لطريقة لعب تعتمد على الحركة والتمركز، والتي حافظت للفريق على وجوده في المراكز الستة الأولى في البطولة ابتداءً من نهاية الأسبوع الأول من الموسم.
حاز اللاعبون على فترة راحة ليوم واحد في شهر أغسطس، ثم فترة أخرى لمدة أربعة أيام في شهر فبراير، وهي أول فترة طويلة يبتعدوا فيها عن التدريب. في مثل هذه الظروف، ربما واجه المدربون الآخرون تمرداً من اللاعبين على هذا الجدول المزدحم. لكن سمعة بيلسا كانت تسبقه، وحافظت على النظام بصورة مثالية، والأهم من ذلك أثبتت أساليبه نجاحها في النهاية.
استلم بيلسا فريقاً أنهى الموسم السابق في النصف الأسفل من جدول البطولة، ليقوده إلى قمة الجدول بحلول شهر ديسمبر. لقد كان الاستثمار الأكبر لنادي ليدز في صيف العام الماضي؛ الأمل الذي علق عليه النادي كل شيء.
تأثير المدربين، من تلاميذه أمثال بيب جوارديولا مع مانشستر سيتي ودييغو سيموني مع أتلتيكو مدريد، على زيادة مستوى اللاعبين كان أحد الأهداف التي ساهمت في اختيار إدارة ليدز يونايتد لمارسيلو بيلسا. يجعل لاعبي الفريق يركضون كثيراً، ويكرر عرض خططه التكتيكية باستمرار، ويستعين بفريق كبير خلف الكواليس لتدريب اللاعبين بشكل فردي.
ومع ذلك، اختار بيلسا مجموعة صغيرة وفقاً لمعاييره، مع أقل من 20 لاعب من الفريق الأول، وطلب من أكاديمية الشباب سد أي ثغرات يتعرض لها الفريق؛ تمكن سبعة لاعبين أقل من 23 عاماً من الوصول إلى الفريق الأول ذلك الموسم، لم يمتلكوا الخبرة الكافية لكنهم جيدون بما يكفي بالنسبة لبيلسا.
ـــــــــــ
*الجزء الأول: من تقرير مترجم من FourFourTwo