سولشاير ليس المدرب المناسب لمانشستر يونايتد

ترجمة- محمد يوسف

يوم الجمعة 5 مارس 1909، واجه مانشستر يونايتد نادي بيرنلي في ربع نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، كان الجليد الكثيف يملأ الملعب، ومع تبقي 18 دقيقة على نهاية المباراة، قرر الحكم، هربرت بامليت، أن المباراة لا يمكنها الاستمرار.

بالنسبة لليونايتد، كان إلغاء المباراة في صالحه، حيث كان متأخراً بهدف دون مقابل، ولكنه فاز بالمباراة الأخرى عندما تمت إعادتها بثلاثة أهداف مقابل هدفين، واستمر في طريقه، وللمرة الأولى، رفع كأس الاتحاد الإنجليزي.

بعد أن أدار الحكم بامليت نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي عام 1914، اتجه إلى مجال التدريب، وتولى إدارة فريق أولدهام، وويجان وميدلزبره، ليقود الأخير إلى الاقتراب من الصعود إلى دوري الدرجة الأولى، ثم في أبريل 1927، تم تعيينه كمدير فني لمانشستر يونايتد.

لقد كان اختياراً سيئاً، وبعد شهرين، تُوفي مالك النادي والممول الرئيسي، جون هنري ديفيس، ومع ضائقة مالية، عانى اليونايتد من أجل تطوير الفرقة، مما أدى، في عام 1931، إلى هبوطه إلى دوري الدرجة الثانية، وجاء القرار الحتمي بعدم تجديد عقد بامليت، وهو ربما ما يُظهر حماقة تعيين مدير فني بناءً على نزوة عاطفية بسبب ما قدمه لمساعدة النادي في الفوز بالكأس قبل عقدين من الزمن.

سولشاير

يقودنا عهد مانشستر يونايتد مع بامليت إلى الوضع الراهن؛ منذ أن تولى سولشاير الإدارة الفنية في مارس من العام الماضي، لم يحقق أي مدير فني للنادي منذ عهد بامليت اسوأ نسبة فوز بالمباريات مقارنة بأولي جونار سولشاير (36.67%).

من الجيد الحديث عن الشباب، والوعود المستقبلية ببناء مشروع، والوعظ بقيمة الصبر، ولكن ماذا لو خلال سنة أو سنتين أو حتى أربع سنوات، اتضح أن سولشاير لم يكن هو الرجل المناسب طوال ذلك الوقت؟

ما الدليل على أنه الرجل المناسب؟ ماذا لو أن إمكانيات الفريق أصبحت تُبدد نتيجة لذلك؟، ماذا لو أنهم أضاعوا فرصة تعيين شخص ما بمكانة ماوريسيو بوتشيتينو نتيجة للولاء لفكرة الإبقاء على سولشاير؟

بالطبع، تظل الفكرة جذّابة؛ فمن لا يريد لأسطورة النادي أن يقودهم لاستعادة القيم التي حفظها كلاعب؟ من لا يحب أن يفكر في ناديه على أنه فريد من نوعه، على أنه يملك روحاً لا يفهمها سوى المؤمنون بمبادئ النادي؟ ولهذا يظل فرانك لامبارد مشهوراً في تشيلسي، ولهذا حاول البارسا تعيين تشافي في الفترة الأخيرة، ولهذا كان أفضل قرار اتخذه إد وودوارد، كمدير تنفيذي لمانشستر يونايتد، هو التخلص من جوزيه مورينيو وتعيين سولشاير كمدير فني لمرحلة انتقالية.

وكان سولشاير الرجل المثالي لاستعادة قيم النادي، للتخلص من السموم؛ وقد نجح الأمر في البداية، وتمكن اليونايتد من الحصول على 2.46 نقطة لكل مباراة.

وتمكنوا من الانتصار في باريس، ولم يستخدموا أكثر من الذاكرة الشعبية لليلة شهيرة في برشلونة قبل 20 عاماً، لتقودهم إلى نصر غير محتمل على باريس سان جيرمان في دوري الأبطال.

إد وودوارد، والذي كان حساساً تجاه الرأي العام، منح سولشاير الوظيفة بشكل كامل، ومنذ ذلك تمكن اليونايتد من تحقيق 1.40 نقطة لكل مباراة، ومن المفارقة أن بامليت فاز بست مباريات وتعادل في واحدة من أول سبع مباريات له كمدير فني للنادي.

لا مكان للصبر في عالم كرة القدم الحديثة؛ حيث أصبحت المتطلبات عادةً مُفرطة للغاية، النتائج القريبة تسود الآن، مع عقلية اليوم، ربما كان سيُقال مدربين أمثال هربرت تشابمان في أرسنال، بيل شانكلي في ليفربول، دون ريفي في ليدز، براين كلاف في دربي ونوتنجهام فورست، والمثال الأوضح سيكون السير أليكس فيرجسون في مانشستر يونايتد، قبل تحقيق أي نجاح.

ولكن، مع ذلك يظل هذا الأسلوب خطراً في التفكير: ليس لأن بعض المدربين الذين مُنحوا الوقت الكافي كانوا ناجحين، يعني أن كل المدربين سوف يصلوا إلى ذات النجاح، وبينما يتولى سولشاير موقع المسؤولية حتى الآن، فمن المعقول أن نسأل عن التقدم المُحرز، إن وجد.

تمت الإطاحة بمورينيو وهو يملك نسبة فوز وصلت إلى 53.8%، بينما يملك سولشاير، حتى لو احتسبت تلك المباريات كمدير فني مؤقت، نسبة فوز 48.8%، يُسجل اليونايتد أهدافاً أكثر تحت قيادته مقارنة بمورينهو (1.7 هدف لكل مباراة مقابل 1.6 هدف)، ولكنهم يقبلوا أهدافاً بمعدل أكبر (1.2 هدف لكل مباراة مقابل 0.9 هدف).

في تلك الأشهر الأولى من عهد سولشاير، لاحظ لويس فان جال أن اليونايتد عيّن مدرباً آخر يعتمد على الهجوم المضاد، مما قاد إلى حملة سخرية واسعة من الهولندي، ولكنه في الواقع كان مُحقاً، سواءً كانت كرة القدم مثيرة أم لا، فهو أمر يعود إلى آراء المشجعين بشكل متزايد، ومن الواضح أن كثيرين قد وجدوا تركيز فان جال على الاستحواذ أدى بهم إلى لعب كرة قدم عقيمة.

ولكن الفريق تحت قيادة سولشاير لم يظهر بشكل هجومي قوي سوى ضد الفرق التي تترك لهم المساحات في الخلف، سواءً لأنهم يهاجموا اليونايتد، كما في حالة توتنهام ومانشستر سيتي، أو لأن اليونايتد قد تقدم في النتيجة، كما حدث ضد نورويتش ونيوكاسل وتشيلسي.

ولكن كرة القدم الحديثة في أعلى مستوياتها، كما يوضح ليفربول ومانشستر سيتي في كل مرة، تدور حول المناورات المنظمة؛ يدور الهجوم تماماً كالدفاع حول التنظيم، حول اللاعبين الذين يعرفون أين يتحركون، بحيث عندما تأتي لهم الفرصة، تكون اللعبة شبه آلية وسريعة للغاية حتى ضد أقوى التشكيلات الدفاعية للخصوم. وبعد مرور عام، لم تظهر أية علامات على أن سولشاير يقترب من تحقيق ذلك.

جوزيه مورينيو

أحد أسباب الإطاحة بمورينيو هو أن كرة القدم التي يلعبها لم تكن لائقة بتاريخ اليونايتد، ربما لم يظهر سولشاير بنفس الطريقة السلبية التي ظهر بها أداء مورينيو في بعض الأحيان، ولكن من المدهش كيف تتشابه إحصائياتهم في المباريات، معدل التمريرات لكل مباراة انخفض تحت قيادة سولشاير، كما انخفض معدل التمرير الناجح في الثلث الأخير من الملعب، كما ارتفع معدل الأهداف التي تلقاها الفريق من هجمات مرتدة سريعة، وهو مؤشر لمدى فعالية الضغط الذي يطبّقه الفريق.

يظهر اليونايتد بحالة من الفوضى، ولن تُحل مشاكله على الفور بمجرد الاستغناء عن خدمات سولشاير، ولكن ببساطة لا يوجد دليل، جذاب كما قد يكون الحلم، على أنه مستعد مرة أخرى للظهور وإنقاذ الفريق، وهناك مدربون آخرون متاحون الآن، ولكن لن يكونوا كذلك دائماً، وفي مرحلة ما، لن يكتفِ الجمهور بمجرد وعود غامضة بالشباب والهجمات العكسية.

تقرير مترجم لجوناثان ويلسون في صحيفة الجارديان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى