كورونا ليونيل ميسي ..!

كتب- محمد العولقي

لا يختلف اثنان أو ثلاثة أو حتى مليون، على أن البرشلوني ليونيل ميسي شاغل الناس ومالئ الدنيا، هو نجم هذا الزمن، لكن ليو ما بعد كورونا ليس هو ميسي ما قبل كورونا.. تورط ليونيل ميسي في ظرف أسبوع في لقطتين مثيرتين للجدل، أسالتا الكثير من الحبر يكفي لملء المحيط الأطلسي بأكمله..

في الجولة الثلاثين من لاليجا وأمام إشبيلية في الأندلس، أقحم ميسي ناقته في مشادة عنيفة للغاية مع مدافع ما يعرف بزمان الوصل دييجو كارلوس، هب ميسي كإعصار كاترينا ليعتدي على دييجو كارلوس في رابعة النهار، بصورة لا تليق بلاعب يحمل شارة قيادة فريق يلعب الكرة بنظام الشوكة والسكين.. اعتداء أرعن متشنج لا غبار عليه، لكن كل الغبار كان في قرار حكم المباراة الذي تغاضى عن إشهار الكارت الأحمر أو الأصفر في أسوأ الأحوال، بحجة أنه شاهد ما شفش حاجة.. هذه اللقطة التي استعصت على الهضم مرت مرور الكرام على موائد اللئام، ونجا ميسي من طرد مباشر يستحقه بلا أدنى جدال..

اللقطة نفسها كان يمكن أن تتوارى خلف الصراع المحتدم بين ريال مدريد وبرشلونة في بطولة الدوري على أنها غلطة وجل من لا يخطئ، لولا أن ميسي نفسه كرر فعلته بعد ثلاثة أيام ليلفت نظر الشطار إلى أن وراء الأكمة ما وراءها ..في الجولة 31 وفي مباراة برشلونة وأتلتيك بلباو في كامب (ليو)، تدخل ميسي بشكل متهور وعنيف للغاية على قدم مدافع بلباو يراز ألفاريز بدون كرة في الدقيقة 69.. المدرجات الخاوية على عروشها صرخت، كما صرخ الهاربون خلف النوافذ المغلقة هربا من كورونا، بطاقة حمراء لليو بلا نقاش، فقد أوقع نفسه في ورطة مع سبق الإصرار والترصد، في ليلة الاحتفال برقمه القياسي (700 هدف)، لكن الحكم كان له رأي آخر، لأنه في تلك اللحظة تقمص دور رجل بوذي، لا يرى، لا يسمع، لا يتكلم.. كالعادة أحاط لاعبو بلباو بحكم المباراة مطالبين بالعودة إلى فار، مع أن اللقطة شاهدها أعمى المعرة بدون نظارات بشار بن برد، لكن الحكم لم يصغ للاحتجاجات، حتى فار توارى عن الأنظار، ربما أكله القط توم، فأمر الحكم باستئناف اللعب، وكأن شيئا لم يكن، فيما اكتفى ميسي بتنفس الصعداء و براءة الأطفال في عينيه..

أعيد وأكرر، ليونيل ميسي لاعب خارق للعادة، ماكينة أهداف وألعاب حواة، يضفي على كرة القدم الكثير من فنون السحر وثقافة المتعة، لكنه أمام القانون مجرد لاعب مثله مثل أي لاعب في اليمن أو جيبوتي، تنطبق عليه الأحكام والمواد والتشريعات مثلما تنطبق على كل لاعبي الجلد المنفوخ، كبيرهم وصغيرهم، أبيضهم وأسودهم.. ما الذي يجعل ليونيل ميسي عدوانيا شرسا بعد كورونا، وهو الذي كان حليما وقورا بعيدا عن كل لغات العنف والخروج عن النص قبل كورونا ..؟

هل يفتقد ميسي لحميمية البشر في مرحلة مدرجاتها من حجر ..؟، كان يمكنني تقبل تصرفات ميسي الأخيرة في سن المراهقة، عندما كان شابا حيويا متحمسا مندفعا لإثبات الذات، لكن إن يشب ميسي عن الطوق في سن الثالثة والثلاثين، ويرتكب مثل هذه الحماقات، ثم يثير حول تصرفه عاصفة من ردود الأفعال الغاضبة، فهذا يستوجب من ميسي ضبط بوصلة أعصابه مسقبلا، والتخلص فورا من مارد الغضب الذي يسكن خلاياه، فالجرة قد تنكسر في المرة القادمة، وهو أمر لا نتمناه لكوكب المتعة في كرة القدم والذي يحتفل ببلوغ أرقامه التهديفية قمة جبال الهيمالايا.. ومثلما أن المجاملات المفضوحة مرفوضة في كرة القدم، وكما أنه ليس من حق أي حكم أن يتفلسف في القانون أو يخشى سطوة أي نجم مهما كان معدنه ذهبا أو فحما، فمن المناسب أن يكون عتابنا لميسي على قدر محبتنا لعبقريته الكروية..

ويا ليو خلي بالك من أعصابك، وكفانا ما يفعله فيروس كورونا من ألاعيب ومخالفات تستحق مليار كارت أحمر ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى