هوامش على جدران قمة الأهلي والزمالك ..!

كتب: محمد العولقي

من السذاجة بمكان تلقف نتيجة مباراة الجمعة في كلاسيكو الكرة المصرية والعربية بين الأهلي و الزمالك لنقفز مباشرة للحديث عن مشهد النهاية، أي تحديد هوية بطل الدوري ..

نعم من الخطأ البناء النهائي على نتيجة مباراة القمة التي جاءت خلافا للتوقعات مبكرة جدا، فكثير ما تعرف كرة القدم تقلبات حادة لا مستقر لها على أساس أن الساحرة المستديرة أشبه بصندوق طلاسم يصعب على أي محلل أو فني التنبؤ بما يحتويه من مفاجآت و مفارقات..

لكن لا شك عندي أن نتيجة القمة بين الأهلي فارس القرنين و بطل أفريقيا و الزمالك بطل الدوري الموسم الماضي ستقدم دلالات و مؤشرات حول هوية المنافسة و ستحدد اتجاهات المرشح الأول للقب هذا الموسم..

هزيمة الزمالك أو خسارة الأهلي منطقيا لن تكون نهاية الدنيا، فهناك 36 جولة قادمة ربما تكون نتائجها متقلبة و أشبه بأعاصير الكاريبي، بدليل أن الأهلي الموسم الماضي تفوق على الزمالك ذهابا و تعادل معه إيابا، لكن هذا السبق لم يفد الأهلي في سباق المائة متر الأخيرة حين تعثر بغرابة أمام فرق عادية، فيما ظل المنحنى البياني النتائجي للزمالك مرتفعا..

من الخطأ أن يركن الأهلي أو الزمالك لنتيجة الكلاسيكو و يعتبرها غاية المنى، لأن كرة القدم لا تؤمن بنتيجة مباراة دون النظر في دلالات الجولات القادمة، ففي حالات مشابهة كان البطل يأتي من الخلف لأنه يتعاطى مع مباراة القمة على أنها مباراة تزود بوقود الثلاث نقاط..

الحقيقة غير القابلة للنقاش أن الكرة المصرية في النهاية أهلي و زمالك مع كامل الاحترام للأندية الأخرى، فاجتهاداتها محل تقدير و حقوقها في القفز على واقع القطبين الكبيرين محفوظة..

وقبل أيام على الكلاسيكو المصري و العربي الكبير ما أحوجنا إلى مشاهدة مباراة كروية خالية من فقرات الشد النفسي و العصبي، و ما أحوجنا إلى رؤية مباراة تنافسية تغيب عنها الشعارات البلهاء و النرفزات العمياء..

الأهلي يمتلك كوكبة رائعة من لاعبين عندهم القدرة على تقديم الحد الأقصى من المتعة الكروية، و الزمالك هو الآخر يمتلك تركيبة بشرية متجانسة مغلفة بنشوة بطولة الدوري، ولو تفرغ لاعبوه للكرة سنستمتع بمدرسة الفن و الهندسة، لكن الذين ينفخون في كير التعصب و يصرون على إيقاظ الفتنة من سباتها يتصدرون المشهد و يمارسون تعبئة إعلامية مليئة بالكراهية و الشعارات المعادية ما أنزل الله بها من سلطان..

ماذا لو أن جمهور الزمالك مثلا سمح للمظلومية أن نأخذ إجازة بدون مرتب و تفرغ لتشجيع فريقه دون إثارة جمهور الأهلي؟

وماذا لو أن جمهور الأهلي العظيم بادر بحسن نية و دعا رابطة مشجعي الزمالك لجلسة مصالحة قبل الكلاسيكو..؟
وماذا لو أن لاعبي الأهلي و الزمالك رموا مخلفات الغيرة خلف ظهورهم و اتفقوا على تقديم مباراة حضارية تليق بوطن السبعة آلاف حضارة؟

لماذا لا يتبنى العقلاء من الإعلاميين حملة توعية تنبذ التعصب الأرعن المشبع بسلوكيات مضرة بالنسيج الاجتماعي؟
لماذا لا نكرس الساعات القليلة القادمة و نشرع في قيادة حملة إعلامية تخفف من وطأة الاحتقان و تدعو المناصرين في الملعب و خارجه إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس؟

لماذا لا يأخذ كل إعلامي فضائي الحيطة والحذر من (لغلوغه) و لا يتحول إلى بومة تنعق للشر في زمن تناسلت فيه (لغاليغ) فضائيات التثوير خارج غرف النوم كما هو الحال بالذباب ..؟

لماذا يتبنى أقطاب التثوير و التهييج الفضائي البرامج الانتهازية التي تصور مباراة القمة بين الأهلي و الزمالك على أنها حرب طاحنة بين داحس و الغبراء و قودها الناس و الحجارة ..؟

لن أكون أفلاطونيا وأطالب حملة البيارق الإعلامية بالحياد الكامل، لأنه من الصعب أن ينسلخ كل إعلامي مهما كان شأنه من انتمائه لهذا أو ذاك، لكنني فقط أطالب بالحد المعقول و الالتزام بتبني طرح منطقي مثالي و نقي، وهو ما ينطبق أيضا على الإداريين و كل من له علاقة بقمة الجمعة المرتقبة..

أرجوكم مارسوا تعصبا محدودا للغاية للأهلي و الزمالك، و مارسوا تعصبا محمودا لمصر و لكبرياء الكرة المصرية العريقة، علينا أن نصفق باحترام للفائز دون أن نبخس حق الخاسر، و إذا مسك الفريقان بالعصا من المنتصف و رضيا من غنيمة مباراة الذهاب بأنصاف الحلول، فهذه هبة من رب العباد لسكان هذه البلاد، و كل قمة و الكرة المصرية تملي في العلالي ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى