
كتبت- ترياء البنا
ثمانية أهداف هي حصيلة القمة المصرية والعربية والأفريقية بين الزمالك والأهلي،( 5/3) لصالح الأهلي، قد يتفاجأ البعض من تلك الغزارة التهديفية في مواجهة قطبي الكرة المصرية، والتي لم يكن يتوقعها أكثر مشجعي الأحمر تفاؤلا ولا أكثر عشاق الأبيض تشاؤما، وأزيد من الشعر بيتا أن لاعبي الأهلي أضاعوا فرصة قد لا تتكرر لسنوات عديدة قادمة، وفرطوا في إمكانية الخروج بنتيجة تاريخية، فالخمسة أهداف الحمراء كان يمكن أن تتضاعف لولا ارتضاء اللاعبين وموسيماني بذلك العدد.
أجمل ما في تلك الليلة، وقبل الفوز العريض للأهلي، عودة الحياة لاستاد القاهرة والذي بمجرد رؤيته عادت قلوب الجماهير المصرية لتنبض من جديد، فأن تشاهد استاد القاهرة بهذا الرونق والجمال بعد غياب طويل، شعور لن يدركه إلا المصريون الذين يمثل لهم هذا الملعب الكثير والكثير، حيث شهد معظم إنجازات الكرة المصرية، وله داخل المصريين مكانة لم يستطع ملعب آخر محوها، عاد استاد القاهرة للحياة، ولكن ضل الزمالك الطريق إليه، هذا ملخص اللقاء.
لا يمكنني بأي شكل أن أبخس الأهلي وموسيماني حقهما في تلك الليلة التي اكتست باللون الأحمر، فقد دخل الجنوب أفريقي اللقاء متسلحا بعصارة ذهنه، واضعا كل خبرات سنواته التدريبية في هذا اللقاء، خاصة بعد بداية الهجوم عليه من بعض جماهير النادي، والمطالبة بإقالته، بعد أداء ضعيف في آخر خمس جولات بالدوري الموسم الماضي، ليخسر الأحمر اللقب لصالح الزمالك، وكذلك خسارة لقب السوبر المصري أمام فريق طلائع الجيش والذي لا تقارن إمكانياته باسم النادي الأهلي، ودخوله في مهاترات ومشادات مع بعض اللاعبين وإصراره على الاستغناء عنهم، في الوقت الذي تفرض فيه زوجة المدير الفني( وكيل أعماله)، الشروط الحادة على مجلس إدارة النادي من أجل تجديد تعاقده.
دخل موسيماني اللقاء محددا أهدافه وهي الفوز بالنقاط الثلاث، واضعا استراتيجيته المنطقية، فقرأ الزمالك جيدا وأدرك نقاط ضعفه ولعب عليها، واختار العناصر التي يمكنها تنفيذ خطته بنجاح، علم جيدا أن الزمالك يعاني في خطي الوسط والظهر، فلعب بتشكيلة 3/4/3، والتي مكنته من السيطرة على منطقتي الوسط والثلث الهجومي، مشكلا ضغطا على الزمالك أدى إلى فقدان السيطرة أمام الطوفان الأحمر.
على الجانب الآخر، ضل الزمالك الطريق إلى القمة، ولم يحضر إلا مع بداية الشوط الثاني، حين كانت النتيجة تشير إلى تقدم الأهلي بثلاثة أهداف نظيفة( بعد خراب مالطة).
قبل بداية اللقاء بدقائق وحين شاهدت تشكيل الزمالك، دعوت الله أن يخرج الفريق بنقطة، لأن التشكيلة كارثية، الزمالك يعاني منذ الموسم الماضي بعد رحيل مصطفى محمد، الهداف الأساسي، ثم رحيل فرجاني ساسي، واللذين لم تعوضهما الإدارة المؤقتة للنادي، رغم أنها أثقلت كاهله بمديونيات كبيرة، فظهر طارق حامد في منتصف الملعب وحيدا يبحث عن توأمه، الرئة الثانية لوسط الزمالك، الذي لم ولن تساعده رئة وحيدة على التنفس في سباق عبور المانش، حيث كان ساسي وطارق يشكلان أقوى ارتكاز ليس فقط بالدوري المصري ولكن في أفريقيا، فرجاني كان دينامو الفريق، القبطان الذي يمسك الدفة، خط الدفاع الأول، ومهندس الهجمات، الذي يبنيها ويرسم مسارها، كل اللاعبين ينظرون إليه، ويتلقون منه التعليمات، حتى إنه كان يوجه خط الظهر وقت هجوم الخصوم، بل وأحيانا حارس المرمى، وذلك على مرأى ومسمع الجمهور، والذي وضح جليا أنه فقط من يدرك قيمة ساسي، وكارثية التفريط فيه.
ولم يستطع عمر السعيد أن يتقمص دور الأناكوندا، فهو لا يجيد اللعب على الأرض، هو يتميز فقط في ألعاب الهواء ويسجل من العرضيات، في الوقت الذي فقد فيه الزمالك أيضا الجناحين، فلم يلعب على الأطراف، حيث لعب كارتيرون بشاكلة 3/5/2، مشكلا ازدحاما في وسط الملعب، معتمدا على الكرات الطولية خلف دفاعات الأهلي، ولكن على عكس الأهلي عناصر الزمالك لم تفده في ذلك، أضيف إلى ذلك استغناء المدير الفني عن أبناء النادي الذين كانوا يصنعون الفارق في أحلك اللحظات، وساهموا بنسبة كبيرة في تحقيق الفريق لقب الدوري الموسم الماضي.
فقد الزمالك العناصر التي كانت تمنحه القوة، وأشرك لاعبين لا يفكرون في كرة القدم، منهم من تشغله العروض ومفاوضات التجديد، ومنهم من غاب لفترات طويلة ففقد حساسية مركزه الذي تعد فيه غلطة الشاطر بألف، ومنهم من ضمن بقاءه ضمن التشكيلة وهذا كان أقصى طموحه، وآخر نجح في إزاحة مزاحميه على مركزه فهدأ واستكان.
ولا يمكننا بأية حال من الأحوال أن نغفل دور الاتحاد المصري لكرة القدم الذي يتفنن في إيذاء الزمالك، فيصر على إيقاف شيكابالا رغم أن قرار لجنة فض المنازعات الملزم للاتحاد أقر برفع العقوبة، ليفقد الفريق أيضا القائد ويظهر تائها بلا ملامح.
وما يلفت نظري أيضا في هذا اللقاء، أين كان كارتيرون طيلة الشوط الأول، ألم يفطن إلى أن مصطفى فتحي، وسيف الجزيري كان من الممكن أن يحفظا ماء وجهه بعد الثلاثة أهداف المبكرة، وهذا ما حدث بالشوط الثاني، حيث نجح الزمالك في إحراز 3 أهداف وأضاع مثلها، الرجل لم يحرك ساكنا طيلة 45 دقيقة، لماذا؟ لا ندري، وكأنه توقع منذ البداية أن يهابه موسيماني، فهو الفريق الأفريقي الذي لم يهزم منذ أبريل الماضي، ولكن كرة القدم يا أيها الديك الفرنسي، لا تعترف إلا بالعطاء على أرض الملعب خلال 90 دقيقة.
هي مباراة ستظل عالقة بمخيلة جمهور الأهلي لفترات طويلة، وقد يتحسر كلما تذكرها على الفرصة التي قدمها الزمالك على طبق من ذهب للأهلي ليسجل نتيجة غير مسبوقة، وبالنسبة لجماهير الزمالك هي مباراة للنسيان، مجرد لقاء في بداية موسم انتهت بفارق هدفين، ولكن هذه المباراة في الحقيقة قد تكون سلاحا ذا حدين، فإما أن يستفيق الزمالك من غيبوبته، وتجرى الانتخابات في أسرع وقت ممكن، ليستقر الفريق، وأن يركز اللاعبون في المباريات ليمحوا آثار تلك الهزيمة المدوية، ليلحقوا بقطار الدوري الذي لا يزال في بداية محطاته، أو أن تلك الهزيمة ستكون القشة التي تقسم ظهر البعير، وستدخل الزمالك في نفق مظلم تعود دخوله لسنوات سابقة.