
كتبت- ترياء البنا
كشفت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، المسؤولة عن تنظيم مونديال قطر 2022، بالتعاون مع الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا، عن ساعة العد التنازلي للبطولة الاستثنائية، التي مثلت حلم كل عربي.
حدث انتظرناه كثيرا، وظل يداعب مخيلتنا لسنوات، منذ 2003، حين فشلت كل من المغرب ومصر في استضافة نسختي 2006( ألمانيا)، و2010( جنوب أفريقيا)، لترفع قطر راية العرب ومنطقة الشرق الأوسط، معلنة التحدي بملف مكتمل الأركان، أمام 4 ملفات لدول كبرى، الولايات المتحدة الأمريكية، وأستراليا، وكوريا الجنوبية واليابان، في مشهد وصفه البعض بـالحُلم، في حين ذهب البعض الآخر إلى أبعد من هذا، واصفاً محاولة الدوحة بـالمهمة المستحيلة.
خرجت أستراليا ثم اليابان من جولتي التصويت الأوليين، واحتدمت المنافسة في الجولة الثالثة، التي أطاحت بكوريا الجنوبية، وصولاً إلى الجولة الرابعة الختامية، التي شهدت فوز قطر بـ14 صوتاً مقابل 8 فقط لأمريكا.
خاضت قطر هذا الماراثون الصعب بملف يتضمن باقة شاملة ومتنوعة لاستضافة نسخة استثنائية وغير مسبوقة في تاريخ دورات كأس العالم، منها تشييد 7 ملاعب كاملة من الصفر، فضلاً عن تطوير ملعب ثامن( استاد خليفة الدولي).
كما تتمتع ملاعب قطر 2022 بخاصية التبريد المبتكرة، التي توفر أجواء مناخية مثالية للاعبين والجماهير داخل الاستادات الثمانية وفي محيطها، إذ ستبلغ درجة الحرارة ما بين 18 إلى 24، ما يحد كثيراً من درجات الحرارة المرتفعة بمنطقة الخليج، كذلك تُوفر نسخة 2022 ميزة لم تكن حاضرة في جميع دورات كأس العالم الماضية، حيث سيكون بمقدور الجماهير والمشجعين حضور أكثر من مباراة في اليوم الواحد، بسبب قرب المسافة بين ملاعب البطولة، وتبلغ أطول مسافة بين ملعبين موندياليين 55 كم فقط.
عملت قطر منذ سنوات على إنشاء وتنفيذ مشاريع مختلفة تطال البنية الأساسية، وكثفت جهودها لتوفير أفضل الفنادق، والمطارات، والموانئ، والملاعب، والمستشفيات، وشبكات الطرق السريعة، والمواصلات، والسكك الحديدية، لاستقبال ما يزيد على مليون ونصف مليون من الجماهير والمشجعين، الذين سيتوافدون لمتابعة كأس العالم.
ولأول مرة في تاريخ بطولات كأس العالم، تضمن ملف قطر مبدأ الإرث والاستدامة، حيث ستتبرع الدوحة بـ170 ألف مقعد لدول نامية عقب الانتهاء من العرس الكروي العالمي، كما ستحول بعض الملاعب إلى أغراض اجتماعية من مرافق طبية ومنشآت تعليمية ومحالٍ تجارية على غرار استاد لوسيل، أضخم استادات المونديال، والذي سيشهد المباراة النهائية للبطولة، وتبلغ طاقته الجماهيرية 80 ألف مشجع.
وبنت قطر ملعبا قابلا للتفكيك، وهو استاد راس أبو عبود، الذي شيد من حاويات الشحن البحري، على أن يفكك بالكامل عقب نهاية كأس العالم للاستفادة من موقعه المثير على ساحل الخليج العربي في مشاريع أخرى تستفيد منها الدولة لاحقاً.
هذا العمل الرياضي الكبير لقطر لم يكن حديثا، ولكنه بدأ منذ سنوات، في رسالة واضحة من الدولة ذات المساحة الصغيرة والتي لا تمتلك سجلا كرويا قويا، لكل سكان الأرض عشاق كرة القدم بأنها قادرة على تنظيم أكبر الأحداث الرياضية، وليس فقط الكروية، وذلك بتنظيمها الدائم لبطولات التنس والاسكواش والفورمولا 1 ثم دورة الألعاب الآسيوية 2006، وقبلها بسنوات أسست أكبر مؤسسة إعلامية رياضية وكروية في الشرق الأوسط (قناة الجزيرة الرياضية) التي تتولى الحكومة القطرية مسؤولية الإنفاق عليها بالحصول على حقوق بث أعتى البطولات العالمية والقارية، وجذب أفضل الكوادر الإعلامية في الوطن العربي، بل والحصول على أبرز المحللين الرياضيين في العالم، ومن قبل تأسيس قناة الجزيرة عام 2003، وكان رئيس نادي الريان ورئيس الاتحاد القطري وعضو فيفا محمد بن همام قد تولى منصب رئيس الاتحاد الآسيوي، وهذا يؤكد للجميع أنها ولادة بالكوادر ذات القدرة على القيادة.
كما نجحت قطر في تنظيم كأس الأمم الآسيوية 2011، ثم كلاسيكو العالم بين البرازيل وإنجلترا الذي انتهى بفوز السامبا بهدف نيلمار نوفمبر 2009.، وهو الأمر الذي تكرر فيما بعد بديربي أمريكا اللاتينية بين البرازيل والأرجنتين، وغيرها من النهائيات الهامة على مستوى الأندية، وخلال الأيام القادمة بطولة كأس العرب.
تصدت قطر وبقوة لحمل الكفة الثقيلة لنيل شرف تنظيم المونديال العالمي، وهي الكفة التي توازن كفة معانقة الكأس الذهبية نفسها، ونجحت حتى الآن وبشهادة الجميع في جميع التحضيرات والاستعدادات للمحفل العالمي، لينتظر العالم عاما كاملا، على أحر من الجمر، نسخة عربية استثنائية وتاريخية للكأس العالمية.